ناشط حقوقي: خطاب معاداة السامية أداة لإسكات داعمي فلسطين
هوية بريس – وكالات
قال الناشط الحقوقي اللبناني محمد صفا، إن منصات التواصل الاجتماعي تفرض رقابة على المنشورات الداعمة لفلسطين بناء على تعليمات وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، مضيفا “يتم استخدام الخطاب المعادي للسامية أداة لإسكات الأصوات الداعمة لفلسطين”.
ويتولى الناشط صفا رئاسة مجلس إدارة “الرؤية الوطنية” (PVA)، وهي منظمة غير حكومية ذات مركز استشاري خاص لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الأمم المتحدة.
وفي تصريح للأناضول، الجمعة، قال صفا إن الداعمين لفلسطين ضد الهجمات الإسرائيلية يُتهمون بـ “معاداة السامية” ويتعرضون للضغوط من خلال التهديدات.
وأضاف أن إسرائيل جعلت سكان غزة يعيشون أسوأ وضع ممكن، منذ 7 أكتوبر الماضي، مؤكدا ضرورة الرد على أساليب العقاب الجماعي التي تنتهجها إسرائيل.
وشدد على أنه لا يمكن لأي شخص ذي ضمير، بغض النظر عن دينه أو لغته أو عرقه، أن يظل غير مبال إزاء الكارثة المستمرة في قطاع غزة منذ 3 أشهر.
ولفت إلى أنه لا يمكن تقديم أي تفسير أو مبرر إنساني أو أخلاقي للهجمات الإسرائيلية.
وتابع: “لقد عاشت غزة الجحيم تقريبا لمدة ثلاثة أشهر، و5 بالمئة من سكانها ماتوا أو أصيبوا أو فقدوا”، أغلبهم أطفال ونساء، بجانب موظفين أممين، وصحفيين.
وأردف صفا: “لا شيء يمكن أن يبرر قتل أكثر من 12 ألف طفل. هذا ليس دفاعا عن النفس، إنه غير مقبول على الإطلاق”.
وذكر أنه في بداية الأحداث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورا مهما في نقل ما يجري في غزة إلى العالم، لكن اليوم يتم استخدام أساليب حجب مختلفة لقمع المنشورات الداعمة لفلسطين.
وأشار إلى أن الشخصيات العالمية التي تمارس النشاط حيال فلسطين على منصات التواصل الاجتماعي تتعرض للمنع والرقابة ضمن خطط عمل وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية.
وأكمل: “لمنصات التواصل الاجتماعي آثار إيجابية وسلبية على الرأي العام في هذه الحرب. المعايير المزدوجة في الخوارزميات مكنت من سماع أصوات أكثر تنوعا وانتشار النشاط حول فلسطين من ناحية، وتسببت في وصول المعلومات المضللة والدعاية السوداء، خاصة التي نشرتها إسرائيل، إلى المزيد من المستخدمين من ناحية أخرى”.
وزاد: “تم حجب الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر حول فلسطين. بتعليمات من وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، تم استهداف المؤيدين للفلسطينيين، وإغلاق حسابات العديد من الناشطين الدوليين رضوخًا لحملة الإسكات”.
ولفت الناشط اللبناني إلى أن الأفراد والمؤسسات المؤيدة لإسرائيل يستخدمون مفهوم معاداة السامية سلاحا ضد الناشطين الذين يدعمون فلسطين.
وقال: “يتم استخدام الخطاب المعادي للسامية أداة لإسكات الأصوات الداعمة لفلسطين، فالوقوف ضد جرائم الحرب الإسرائيلية ليس معاداة للسامية، وعلينا أن نمتلك حرية التعبير وأن يكون الناس قادرين على التضامن مع كل مظلوم أو خاضع للاحتلال وأن يرفعوا أصواتهم”.
وشدد صفا على ضرورة إنهاء المعايير المزدوجة التي تفرض حرية التعبير للبعض والرقابة على البعض الآخر.
وذكر أن الأشخاص الداعمين للأنشطة المؤدية لفلسطين يتم استهدافهم في مختلف مناحي الحياة وليس عبر مواقع التواصل الاجتماعي فقط.
واستطرد: “أريد أن أوجه كلمة قوية للصحفيين والطلاب والعمال وغيرهم من الأصوات الناقدة التي تواجه القمع والتهديدات والرقابة؛ لا تخافوا من قول الحقيقة، فالتحدث بصراحة عن الأشياء التي تتوافق مع قيمكم لن ينهي حياتكم المهنية، بل سيمهد الطريق لحصولكم على مهنة مليئة بالقيم الأخلاقية”.
وأوضح أنه مثل كثيرين آخرين تعرض لقيود لأنه أعلن على وسائل التواصل الاجتماعي أن إسرائيل ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب، مبينًا أن حساباته على تلك المنصات تعرضت للتقييد لأنه صرح بأن إسرائيل تنتهك القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
وصرح بأن محاولات منعه لم تقتصر على وسائل التواصل الاجتماعي فحسب، بل تلقى تهديدات بالقتل بسبب دعمه لفلسطين رغم كونه ممثلا للأمم المتحدة وناشطا حقوقيا معتمدا لديها.
وتابع: “حتى في حياتي الشخصية كانت مساحة حركتي مقيدة وبات أشخاص لا أعرفهم يراقبونني ويتتبعونني في الشارع، وأقول هذا من أجلي ومن أجل الأشخاص الذين هم في مثل حالتي؛ فلا أحد يمكنه أن يحمينا من هذه التهديدات”.
ومضى قائلا: “بصفتي ممثلا للأمم المتحدة وناشطا معتمدا لديها، أبلغت ذلك إلى المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، لكن حتى الآن لم أتلق ردا بشأن هذه القضية”.
وأكد صفا أن قضية غزة بمثابة اختبار لكشف نفاق العالم فيما يخص مفهوم الأخلاق، وتابع: “كل الدعاية التي سيطرت على عقل وقلب الغرب أصبحت باطلة، بفضل الصحفيين الشجعان في فلسطين ولبنان، والأشخاص الذين يشككون فيما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الأخبار رغم القيود المفروضة على ما يشاهدونه على شاشة التلفاز”.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الجمعة، 22 ألفا و600 شهيد و57 ألفا و910 مصابين معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية، وفقا للأناضول.