نتائج أزمة التعامل مع المنهج
هوية بريس – د.خالد الصمدي
على سبيل الختم
استئناف الحوار مع الصديق الدكتور امحمد جبرون،
بعد الاتفاق على وجود أزمة في المنهج من الناحية النظرية مع تحديد بعض تمظهراتها، نخلص إلى رصد بعض نتائج ذلك على وجه الإجمال:
فمن نتائج أزمة التعامل مع المنهج:
– الدعوة الى الاجتهاد مع القول بأن الاجتهاد زمن الصحابة والاقبال على الاسلام في وقت مبكر من طرف المغاربة ولم يكن في حاجة الى قواعد العلوم الشرعية المبثوتة في كتب علوم القرآن والتفسير وعلوم الحديث والفقه والاصول وعلم الكلام ومقاصده الشريعة الإسلامية وغيرها من ادوات الاجتهاد ، وكأن لجوء العقل الفقهي الى إبداع هذه القواعد والعلوم المعينة على فهم النص وتنزيله استجابة لتحولات الواقع ومستجدات العصر قد عقدت الوضع وأثرت في يسر الاسلام وبساطته وسهولته.
ثم تدعون بعد ذلك إلى الاجتهاد لمواكبة المستجدات والتحولات، وتستشهدون ببعض فتاوى الصحابة الذي اجتهدوا في تنزيل بعض الأحكام وليس في تعطيلها، علما بأنهم لم يكونوا في حاجة إلى هذه العلوم لانهم شهدوا الوحي.
ثم الاستشهاد بفتاوى المتأخرين كابن عرضون وغيره ممن اعتبرت اجتهاداتهم متطورة ومتقدمة رغم لانهم استخدموا تلكم القواعد والعلوم.
فكيف يمكن القول بعدم حاجة الاسلام الذي سميتموه بالبسيط الى القواعد والمعارف الشرعية، والدعوة إلى الاجتهاد مع انتظار نفس النتائج الا إذا كان هذا الاجتهاد المنتظر قفزة في الهواء ، أو كان الحديث عن إسلام الدراويش الذي لا يشتبك بقضايا الواقع وتحولاته.
– من مظاهر أزمة التعامل من المنهج وصم العلماء المجتهدين بالكسل والماضوية والتقليد، وعدم القدرة على التجديد، علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد وعدهم بالاجر الواحد في حال الخطأ والأجران في حال الصواب تشجيعا على الاجتهاد، وهذه النعوت والتمثلاث القدحية ليست في تقديري إلا تخوفا لدى البعض من ان لا تكون نتائج هذا الاجتهاد موافقة للهوى ومخالفة للمنتظر.
وفي هذا السياق اعلم يااخي أن بلوغ درجة الاجتهاد لا يكون بجلباب أو برنوس يلبس، وإنما هو مترتبة يرتقي إليها المرء بالعلم والورع وخشية الله كما انه انتقل اليوم من عمل أفراد إلى عمل مؤسساتي متكامل الانظار، لذلك ينبغي أن يكون محل اطمئنان.
– من مظاهر أزمة التعامل مع المنهج القول بعدم التفريق في الاجتهاد في النص بين التعطيل والتنزيل والتفريق بين الأحكام والفتاوى، وتحقيق المناط وتنقيح المناط والنظر في مقاصد الاسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية، هذه القواعد التي تم استخراجها من منهج القرآن الكريم في التشريع والسنة النبوية في التنزيل والتطبيق تعتبر صلب مرونة الشريعة الإسلامية، ولا يمكن ان يتم فهم مسار الاجتهاد والتجديد إلا بفهمها، وهي مؤشرات ومعايير الحكم على عصر ما بالجمود أو التقليد أو التجديد، وفي غيابها لن يكون الحكم على عمل الفقهاء إلا تقييما مبنيا على انطباعات تفتقد إلى شرط العلمية والتقييم الموضوعي.
– من مظاهر أزمة المنهج القول بأن السنة لا تنسخ القرآن لانها دونه فب الحجية وهذا صحيح، رغم انها نص وليست اجتهادات برأي، ثم القول بإمكانية تجاوز النصوص القطعية الورود والدلالة بالرأي عن طريق النظر في البيان النبوي واجتهادان من شهد الوحي والتنزيل من الصحابة رضوان الله عليهم.
أما النظر في القيم والمقاصد الاسلامية، فلا يكون إلا في ظل غياب النص أو ظنيته، وهي كما تعلمون لا تعدو أن تكون آليات يستعان بها في فهم النص وتنزيله ولا تغني عن القواعد والمعارف الشرعية الأخرى.
هذا ما سمح به الجهد في هذا المقام نسأل الله تعالى أن يلهمنا السداد والرشاد وأن بنبهنا إلى مواطن الخلل والزلل وأن ينفعنا بما علمنا ويزيدنا علما وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.