نداء إلى “الكلمة السواء”

هوية بريس – د.ميمون نكاز
يا أهل الملة والقبلة، يا أهل القرآن والسنة والجماعة، تحرروا من خلافاتكم التقديرية الصغرى، واستعلوا على نزوفكم الهامشية على جادة الأمر، ثم أجمعوا أمركم على مواجهة التحدي الأكبر، الذي لا أراه في هذا الظرف الاستثنائي الخاص ظاهرا مُشهَرًا في غير العدوان الصهيوني والكيد الأمريكي والتداعي الأممي على مجموعِ الأمة، وعلى الإسلامِ جامعِها من مُنطلَق غزةَ وثغرِها، إلا تنفروا جميعا لمواجهته، وإلا تنتصروا لأمن أمتكم وحريتها واستقرارها بانتصاركم لإخوانكم المستضعفين في غزة، ومواجهة التحدي الصهيوني والغطرسة الأمريكية في بلاد الإسلام، إلا تفعلوا ذلك -سعيا إجماعيا واحدا منكم لذلك- ستعذبون -وصِدْقِ الوَحيِ في خَبرِه- عذابا شديدا في الدنيا بتسليط العدو عليكم، بأسبابٍ من عند أنفسكم، ثم تُستبدلون -يقينا قرآنيا لا ريب فيه- بمن هم خير منا ومنكم، ممن ينهضون قائمين بالواجب العام في الوقت، بحسبان أوساعهم وإمكاناتهم من ظروفهم المختلفة ومواقعهم المتباينة المتعددة، شاهدين على أنفسهم والوالدين والأقربين وعامة الناس بالقسط…
أيها المؤمنون، كلنا مجتمعون ومجموعون، مكلفون مأمورون -خفافا وثقالا- باستجابة نداء الوحي الشريف: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَا لَكُمۡ إِذَا قِیلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِیتُم بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مِنَ ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ، إِلَّا تَنفِرُوا۟ یُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِیما وَیَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّوهُ شَیۡـٔاۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡء قَدِیرٌ﴾ [التوبة38-38].
﴿ٱنفِرُوا۟ خِفَافا وَثِقَالا وَجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡر لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [التوبة41]…
ولا التفات لمن يحاول تحريف الكلم القرآني عن مواضعه المماثِلة في نازلة غزة الشبيهة بنازلة الوحي بادعاء خصوصية سياق آيات إيجاب النفير العام فيها، وأن لا قياس في حال غزة عليها، أقول: إن لم يكن في بلاء الأمة الظاهر المهول الجاري في غزة ما يتمحض فيه القياس الجلي على الحال الذي تنزلت فيه آيات إعلان النفير العام في الأمة في التنزيل القرآني الأول، فلا أدري متى تنجلي علل هذا القياس لأهل العلم العاكفين في أعمالهم على ما هو أدنى من ذلك وأصغر، من غير جحود منا ولا إنكار لما في هذه الأعمال والجهود من الفضل والخير…
(یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱسۡتَجِیبُوا۟ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا یُحۡیِیكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّه یَحُولُ بَیۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥۤ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ، وَٱتَّقُوا۟ فِتۡنَة لَّا تُصِیبَنَّ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا مِنكُمۡ خَاۤصَّة وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِیدُ ٱلۡعِقَابِ، وَٱذۡكُرُوۤا۟ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِیل مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن یَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَـَٔاواكُمۡ وَأَیَّدَكُم بِنَصۡرِهِۦ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ، یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَخُونُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤا۟ أَمَـٰنَـٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ، وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَاۤ أَمۡوَ ٰلُكُمۡ وَأَوۡلَـٰدُكُمۡ فِتۡنَة وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥۤ أَجۡرٌ عَظِیم﴾ [الأنفال24-28]..
﴿هَـٰذَا بَلَـٰغ لِّلنَّاسِ وَلِیُنذَرُوا۟ بِهِۦ وَلِیَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰه وَ ٰحِد وَلِیَذَّكَّرَ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ﴾ [إبراهيم52]..
يا أهل الملة والقبلة، يا أهل القرآن والسنة والجماعة، انتهوا عن “الاشتغال بفقه التعقب والاعتراض في الخلاف”، وأجمعوا رأيكم وعملكم على “الاشتغال بفقه التآلف والتداعي للاستنفار”….



