ندوة “فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر.. الضوابط والمقاصد” بكلية الآداب بنمسيك

هوية بريس – عبد الرحمان العسراوي
نظمت شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، بشراكة مع المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات مولاي رشيد ندوة علمية وازنة تحت عنوان: “فقه السيرة النبوية في السياق المعاصر: الضوابط والمقاصد“، اليوم الخميس 18 دجنبر 2025، في فضاء عبد الله العروي، ابتداء من الساعة التاسعة والنصف صباحا.
وقد عرفت هذه الندوة حضورا وازنا ومكثفا، ضم ثلة من الأساتذة والباحثين، إلى جانب عدد كبير من الطلبة، ما يعكس الأهمية العلمية للموضوع، وعمق الاهتمام بالسيرة النبوية باعتبارها منبعًا للقيم والمقاصد الإنسانية الخالدة.
افتُتحت أشغال الندوة بكلمة ترحيبية ألقاها مسير الندوة الدكتور إسماعيل حفيان، حيث رحب بالسادة الضيوف والحضور الكريم، منوها بأهمية هذا اللقاء العلمي، قبل أن تعطر الأجواء بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها على مسامع الحاضرين القارئ عبد القادر مرجان.
عقب ذلك، رفع النشيد الوطني المغربي في مشهد جسد روح الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية.
ثم افتُتحت الجلسة الأولى بكلمة السيدة عميدة الكلية الدكتورة ليلى مزيان، التي رحبت من خلالها بأعضاء المجلس العلمي وبكافة الحاضرين، مؤكدة على المكانة المركزية للسيرة النبوية في ترسيخ قيم الرحمة، والتعايش، والانفتاح، ومبرزة راهنية استحضارها في واقعنا المعاصر. كما عبرت عن شكرها وامتن
انها لشعبة الدراسات الإسلامية على جهودها العلمية والتنظيمية.
بعدها، ألقى رئيس المجلس العلمي الجهوي السيد محمد مشان كلمته، حيث استهلّها بتوجيه الشكر لعميدة الكلية على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم، مؤكدا أن هذه الندوة تأتي استجابة لخطاب أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله، الداعي إلى العناية بالسيرة النبوية وتفعيل أبعادها التربوية والمقاصدية. كما نوه بدور شعبة الدراسات الإسلامية وأطرها، وبجهود المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعة مولاي رشيد.
وفي سياق متصل، حل محل السيدة العميدة نائبها في الشؤون البيداغوجية السيد عمر المغيبشي، مساهما في تأطير الجلسة ومواكبة فعالياتها.

كما ألقى رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك الدكتور مصطفى الصمدي كلمة عبر فيها عن بالغ شكره وتقديره للمجلس العلمي وأعضائه، ولأساتذة الشعبة والطلبة، مؤكدا أن الشعبة تسعد دوما بالاشتغال المشترك مع المجلس العلمي، لما في ذلك من خدمة للعلم الشرعي.
بعد ذلك، جاءت كلمة ممثل المجلس العلمي المحلي لعمالة مولاي رشيد السيد محمد خليل، الذي رحب بالحضور الكريم، مبرزا أن تنظيم هذه الندوة يندرج في إطار الامتثال للتوجيهات الملكية السامية، وتنزيل خطاباتها الداعية إلى توعية المجتمع عبر المساجد والجامعات ومختلف الفضاءات العلمية.
تلا ذلك انطلاق أشغال الجلسة الثانية، التي افتتح أشغالها الدكتور عبدالعالي بلامين بمداخلة وازنة حملت عنوان مظاهر عناية إمارة المؤمنين بالسيرة النبوية في السياق المعاصر، تناول فيها مفهوم إمارة المؤمنين باعتبارها من الثوابت الدينية الراسخة بالمغرب، مقدما تعريفا شاملا لها، ومبرزا مظاهر عناية أمير المؤمنين بالشأن الديني عموما وبالسيرة النبوية خصوصا، من خلال ما أُحدث من مؤسسات ومعاهد علمية ودينية أسهمت في ترسيخ القيم الإسلامية الأصيلة وخدمة الثوابت الوطنية.
ثم تلتها المداخلة الثانية التي ألقاها الدكتور إبراهيم الوجاجي، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة مولاي رشيد، بعنوان القراءات المعاصرة للسيرة النبوية، حيث أكد أن السيرة النبوية تمثل مدخلا أساسيا لفهم المجتمع وتحليل تحولاته، مشيرا إلى أنها لم تعد مجرد أحداث تاريخية، بل أصبحت نصا سرديا وأدبيا مفتوحا على قراءات متعددة، ومؤكدا في هذا السياق أنه لا توجد قراءة بريئة للسيرة النبوية، لما تحمله كل قراءة من خلفيات ومقاصد معرفية وفكرية.
أما المداخلة الثالثة فقد قدمها الدكتور رضوان القصباوي، عضو المجلس العلمي المحلي لعمالة مولاي رشيد، تحت عنوان مسالك الاستمداد وهوادي الاسترشاد من النص السيري: نماذج تطبيقية، حيث سلط الضوء على كيفية استثمار النص السيري في استنباط الدروس والقيم العملية، مع تقديم نماذج تطبيقية تبين سبل الاسترشاد بالسيرة النبوية في معالجة قضايا الواقع المعاصر.
وفي المداخلة الرابعة، تناول الدكتور مخلص السبتي، أستاذ بشعبة الدراسات الإسلامية، موضوع بعث القيم النبوية لمواجهة تحديات العصر الحديث، حيث أبرز أهمية استحضار القيم النبوية في زمن تتعدد فيه التحديات الأخلاقية والاجتماعية، مؤكدا أن السيرة النبوية تظل مرجعا أساسيا لبناء الإنسان المتوازن والقادر على التفاعل الإيجابي مع محيطه.
وبعد استكمال المداخلات، فُتح باب النقاش أمام الحضور، حيث تمت الإجابة عن تساؤلاتهم وتفاعلاتهم، مما أغنى الندوة وعمق مضامينها. إثر ذلك تمت تلاوة البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله، جلالة الملك محمد السادس نصره الله، من طرف السيد مصطفى النجمي، ثم اختُتم اللقاء بالدعاء الصالح لمولانا أمير المؤمنين حفظه الله.
وقد كان هذا اللقاء العلمي مثمرا ونافعا، حيث عبر الحضور عن إعجابهم بمضامينه وجودة مداخلاته، كما أكدوا على القيمة العميقة للسيرة النبوية، باعتبارها ليست مجرد أحداث تُروى، بل منهج حياة متكامل يستوجب استلهام الدروس والعبر منه، واتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة في السلوك والعمل.



