ندى.. الحمل و التيه

هوية بريس – د.زهير لهنا

اتصلت بي ممرضة من بلجيكا بشأن سيدة مغربية تُدعى “ندى” تبلغ 24 عامًا في حملها الأول وتعاني من مضاعفات قد تستدعي عملية قيصرية، زوجها فقد عمله وأسرتها فقيرة تعيش في بيت متواضع مع والدتها التي تعمل خادمة وهي البكر بين سبعة إخوة.. طلبت التحدث إليها مباشرة لأفهم حالتها وأرشدها خاصة أنني لست في المغرب حاليًا.

ندى كحال كثيرين في المغرب لا تملك التغطية الصحية التضامنية بحسب وضعها فاضطرت لمتابعة حملها عند قابلة في حيها …في شهرها الثالث أصيبت بتعفن في غدة تناسلية ولم تُعالج جيدًا مما تسبب في مضاعفات ومن ثم أجريت لها عملية في المصحة بمساعدة محسنين بلغت تكلفتها 6000 درهم.

زادت حيرتها حين نصحتها القابلة بإجراء عملية قيصرية خوفًا من عدوى محتملة للجنين و انه قد يصاب يتعفن وقالت لها إن التكلفة هي 8000 درهم. عندما نرعب النساء على حياة أجنهتهن لا يفكرن هل تلزم العملية القيصرية ام لا إنما يبحثن عن المال المخلص. لكن ندى و أهلها لا يملكون مالا.

قصدت مستشفى الحي الحسني فحصتها قابلة ووصفت لها مضادًا حيويًا دون فحص بالصدى ثم أُرسلتها إلى مستشفى القرب الرحمة.. هناك طُلب منها فحص خاص بالأشعة مقابل 500 درهم لا تملك منها درهم واحد.

فقيل لها ألا تعود إلا بعد بدء آلام الطلق.

أروي قصة ندى التي تجسد معاناة آلاف النساء المغربيات اللواتي يواجهن الإهمال الصحي والفقر ويتقاذفهن بعض الأطر الصحية بين المستشفيات.

أعادت إليّ هذه القصة ذكريات عملي الطويل في مستشفيات المملكة والمآسي التي حذرت منها كثيرًا دون أن تلقى أي استجابة من المسؤولين.

أرسلتها لصديق فحصها بالمجان، والتأكد من وضعها ووضع الجنين. فطمئنها لعلها تطمئن. لكنها فقدت الثقة في العاملين في منظومة الصحة العمومية، وهذا أمر يحتاج لثورة أخلاقية في الميدان.

إن اجتمع آفة الفقر والجهل مع ضعف الكفاءة و الجشع فنحن في خراب وتهديد وخطر على الأم و الجنين…