تحليل فقيه ومفكر مغربي لقرار نزع الجنسية من السويدان: قراءة في السياق والسنن

هوية بريس – متابعات
أثار خبر نزع الجنسية عن الداعية ورجل الأعمال المعروف طارق سويدان تفاعلا واسعا في الأوساط الدعوية والفكرية، بعدما اعتبره فاعلون منتمون للحقول الشرعية امتدادا لسنن الاستضعاف التي عرفتها البشرية عبر التاريخ.
ويقدّم المفكر والفقيه المغربي ميمون نكاز قراءة تربط هذا القرار بسياق أوسع يتعلق بمنطق الطغيان ومعاداة صوت الإصلاح.
خلفية قرآنية: سنة الإخراج والاضطهاد
يرى الدكتور ميمون نكاز أن استهداف الدعاة والمصلحين ليس جديدا في تاريخ الإنسانية، بل هو مسار يتكرر كلما اجتمع الظلم والاستكبار. ويذكّر بأن الوحي سجل نماذج واضحة لهذا السلوك، كما في قوله تعالى:
{لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا} [إبراهيم: 13]، وهي الآية التي يستحضرها لتأكيد أن قرار نزع الجنسية يندرج ضمن نفس السنن التي واجهت الرسل وأتباعهم عبر التاريخ.
ويؤكد أن هذا النمط من العقوبات لا يخرج عن منطق الإقصاء ونزع الاعتراف والهوية، وهو منهج درج عليه الطغاة في محاولاتهم إخماد صوت الحق.
بين سنة الله ووعده… كيف يكون مآل الظالمين؟
يشير الدكتور نكاز إلى أن المؤمن يتعامل مع مثل هذه الأحداث ببصيرة تربط الوقائع بسنن الله، لا بردود الفعل اللحظية. فالقرآن يقرر بوضوح:
{فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم} [إبراهيم: 14].
هذا الوعد، في نظره، ليس مجرد تعزية نفسية، بل قاعدة ربانية تؤكد أن الظلم لا يدوم، وأن الاستضعاف مهما طال سينتهي بتمكين للمظلومين.
ويستشهد كذلك بالآيتين 42 و43 من سورة فاطر، اللتين تتحدثان عن استكبار الأمم ومكرها، ثم تبيّن حتمية سقوط المكر السيئ على أصحابه، وعدم إمكانية تبدل سنن الله أو تحولها.
دعوة إلى الوعي والتأهيل: الأخذ بالأسباب واجبٌ تكليفي
لا يكتفي الدكتور نكاز بتفسير الحدث من منظور قرآني فقط، بل يربط ذلك بواجب عملي أصيل.
فالمطلوب –كما يقول– ليس الاكتفاء بقراءة المآلات، بل العمل على إعداد الأمة لتحرير نفسها من الطغيان. وهذا يشمل:
- تأهيل الوعي العام لمقاومة الاستضعاف.
- بناء القوة الأخلاقية والفكرية.
- إعداد الوسائل المشروعة التي تُمكّن الأمة من الدفاع عن كرامتها.
إنها دعوة واضحة لعدم الركون إلى ردود الفعل العاطفية، واستبدالها برؤية واعية تستحضر السنن وتستجمع أسباب النهضة.
حادثة نزع الجنسية –مهما كان سياقها السياسي– تعيد طرح سؤال العلاقة بين الدولة الفردية والدعاة، وسؤال حدود الاختلاف، ومسألة استخدام الأدوات القانونية في غير مواضعها. لكنها في الخطاب الشرعي التحليلي تصبح مدخلا للتذكير بمركزية قيمة العدل، وبأن الظلم حين يتحول إلى سياسة فإنه يعجل بزوال صاحبه.
وتشير القراءة التي يقدمها الدكتور نكاز إلى أن تاريخ الأمة الإسلامية عرف نماذج مشابهة، لكن الانتصار كان دائما حليف من تمسك بثوابته وقيمه وعمل بالأسباب.
يضع الدكتور ميمون نكاز هذه الواقعة في سياق أعمق من المشهد السياسي الآني، سياق يربط الحدث بالسنن الربانية التي لا تتبدل.
وتبقى الرسالة الأبرز التي يبرزها التحليل هي: الظلم لا يستقر، والاستضعاف مهما اشتد لا يلغي وعد الله للمؤمنين، والعمل بالأسباب باب التمكين.



