نصيحة لكم يا معشر الشباب
هوية بريس – د.يوسف فاوزي
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد؛
بعد قرارات وزارة التربية الوطنية الأخيرة حول مباريات وظيفة التعليم قرر الكثير من الطلبة مغادرة مقاعد الدراسة بحجة أن هذه الإجازة لا معنى لها بما أنها لن تمكن من الحصول على هذه الوظيفة؛ وهذا من تلبيس إبليس؛ وهو قرار ليس بحكيم.
مهلا!!! اصبر عَلَي يا أخي…اسمع كلامي إلى آخره ولك -كما يقال- واسع النظر…
من رحمة الله بنا أننا عبيده؛ وهو مالك كل شيء سبحانه؛ تكفل لنا بالرزق؛ فقال (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58))؛ هذا ربنا وهذا وعده؛ هذه واحدة.
والثانية: أننا نسير في قدر الله؛ وعقيدتنا هي الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره حلوه ومره؛ وقررات الوزارة الوصية داخلة في هذا القدر الإلهي؛ لا أقول هذا الكلام لأبعث فيك الكسل والخمول؛ بل العكس؛ إيمانك بالقدر يجعلك مطمئن البال؛ اطمئنانا يؤهلك للعمل والكسب.
اذا تيقنت هذا؛ فاعلم أن أبواب الرزق واسعة ولله الحمد؛ وليس هو محصور في وظيفة عمومية؛ كم من الطلبة تخرجوا واشتغلوا في مهن أخرى بعيدة كل البعد عن الوظيفة العمومية ففتح الله عليهم من خيراته وبركاته؛ فلا تربط نفسك بباب واحد؛ إنما العاقل من طرق كل الأبواب؛ أليس للجنة ثمانية أبواب؟!.
ونحن في زمان لا يُعترف فيه بالواحد منا إن لم يكن صاحب شهادة؛ فإذا عزفت عن الدراسة ولم تحصل الشهادة الآن فستكون شخصا لا هو يحق له المطالبة بالعمل ولا مناقشة هذه القرارات؛ بمعنى هو خارج الدائرة.
هذه سورة الفاتحة نحفظها مذ الصغر ولم تفرض علينا يومئذ الصلاة بعد؛ فلما بلغنا الحُلم وبدأنا فريضة الصلاة احتجنا إلى فاتحة الكتاب ركن الصلاة؛ نصلي بها العمر كله! فكذلك الإجازة ستحتاجها ولا بد.
طالب العلم العاقل هو من يحرص على تصويب نيته في الطلب؛ لتكون لوجه الله؛ فالنية الصادقة مفتاح الرزق؛ ولذلك قال بعض العارفين: (من أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أراد الدنيا فعليه بالعلم)؛ ولقد شاهدنا عامة أهل العلم إما على الكفاف أو رغد العيش؛ فالله تكفل بهم لأنهم ورثة الأنبياء.
ثم اعلم أن هذه الكُربة التي تمر منها اليوم ما هي إلا مقدمة كُرب في درب الحياة؛ فاستعن بالله فهو نورك على الدرب؛ واجعل لسانك يلهج بيقين موسى عليه السلام (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)؛ فمن كان الله معه لا يخيب أبدا؛ ولا تنس أن طريق النجاح محفوف بالبلاء؛ تمحيصا للنفوس وصقلا للهمم.
مغادرتك للدراسة لن يغير من الواقع شيئا؛ بل العكس ستسقط في مستتقع اليأس؛ الذي ربما سيدفع بك للتفكير في أمور أخرى لا تحمد عقباها؛ ومن هنا يلج بعض الشباب عالم الانحراف الفكري والأخلاقي؛ وربما الانتحار والعياذ بالله.
واصل سيرك؛ وقوي عزيمتك؛ ولا تكن للشيطان عونا على نفسك؛ والسعيد من وُعِظ بغيره؛ ألا ترى معك بالكلية طلبة كبارا في السن جاؤوا لطلب العلم ولسان حالهم يقول: ياليتني كنت مثلك في سن الشباب لأطلب العلم؛ وربات بيوت يسعين للتحصيل دون طمع في وظيفة!!
إن قرارات وزارة التربية الوطنية ليست ثابتة؛ إن شاء الله سيأتي وزير آخر ينسخ قرارات سلفه؛ فقط لا تعجزوا ولا تيأسووا وابدلوا الأسباب المشروعة ثم توكلوا على الله.
وآخر ما أختم به يا أخي الطالب ويا أختي الطالبة؛ إن مخرجك الوحيد من هذه الكُربة هذه الآية:
(وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىءٍ قَدْرًا)؛ فاجعلها نصب عينيك (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)!!!
والله وليكم…إني لكم من الناصحين…