نص المذكرة التي قدمها دفاع الصحفي “المهدوي”
هوية بريس – متابعة
قدم المحاميان “الحبيب حاجي” و”محمد الهيني”، من هيأة دفاع الزميل المعتقل “حميد المهدوي”، الذي من المنتظر أن يتم الحكم في ملفه بعد سويعات قليلة من اليوم الخميس 28 يونيو الجاري، (قدم) مذكرة مرافعة يوم الإثنين المنصرم إلى الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف بالبيضاء، غرفة الجنايات الإبتدائية بذات المحكمة.
وتطرقت المذكرة، التي نشرت نصها الكامل بعض المنابر الإعلامية، إلى مجموعة من النقاط والفصول القانونية، التي ترمي إلى إثبات براءة الصحفي المعتقل.
وأشارت المذكرة كذلك، إلى انعدام أسباب المتابعة، والأدلة الدامغة لدى النيابة العامة، التي سبق لها واعتبرت ما قام “المهدوي” مجرد سوء تقدير، وبأنها (النيابة) لا تشك في وطنيته…
وهذا النص الكامل للمرافعة:
مذكرة المرافعة مرفوعة إلى السيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالبيضاء/غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالبيضاء
-ملف عدد 1387/2610/2017
-الرئيس :ذ علي طرشي
–جلسة:25/06/2018
لفائــدة:السيد حميد المهدوي
ينوب عنه الأستاذين الحبيب حاجي ومحمد الهيني المحاميان بهيئة تطوان ضـــد: السيد الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة
سيدي الرئيس،السادة المستشارين المحترمين
يتشرف العارض بان يبسط أمام أنظاركم مرافعته عن المؤازر الصحفي حميد المهداوي وفق ما يلي:
-الوقائع
بناء على قرار الغرفة الجنائية بمحكمة النقض عدد 623/1 الصادر بتاريخ 02/06/2017 في الملف عدد 12315/6/1/2017 والقاضي بما يلي:
1-سحب الدعوى عدد 52/14/2017 الرائجة بهيئة التحقيق بمحكمة الاستئناف بالحسيمة واحالتها على هيئة التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء
2-إحالة كل ما قد يرتبط بها من وقائع واشخاص على نفس المحكمة
مع انعقاد الاختصاص المحلي للنظر في الأفعال موضوع القرار بالإحالة من أجل الامن العمومي لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بكل مكوناتها القضائية واعتبارها مختصة في الأفعال موضوعها وفي تلك التي لا تقبل التجزئة عنها او المرتبطة بها وفي الأشخاص المعنيين بها حسب ما تقتضيه المواد 255 و256 و 257و272/1 من قانون المسطرة الجنائية
وبناء على المطالبات بإجراء تحقيق في مواجهة الزفرافي ومن معه
وبناء على المطالبة بإجراء تحقيق المؤرخة في 28/07/2017 في مواجهة المسمى:
حميد المهداوي مغربي ،في حالة اعتقال ومن أجل جنحة عدم التبليغ عن المس بسلامة الدولة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 209 من القانون الجنائي.
وبناء على مختلف إجراءات التحقيق المتخذة في النازلة.
وبناء على القرار بالاطلاع الصادر عن غرفة التحقيق بتاريخ 31/07/2017في شأن اقتراح فصل المسطرة المتعلقة بالمطلوب للتحقيق حميد المهداوي عن باقي المتهمين الذين شارفت إجراءات التحقيق المتعلقة بهم على نهايتها بخلافه هو.
وبناء على الأمر الصادر عن هذه غرفة التحقيق بتاريخ 1/08/2017 بشأن فصل المسطرة المتضمنة للوقائع موضوع المطالبة بإجراء تحقيق في مواجهة المسمى حميد المهداوي عن باقي الوقائع موضوع ملف التحقيق عدد 636-2301-2017
وبناء على الامر بالاطلاع إلى السيد الوكيل العام للملك في شان انتهاء التحقيق المؤرخ في 17/08/2017
وبناء على الملتمس الختامي للسيد الوكيل العام للملك المؤرخ في 24/08/2017 الذي استعرض فيه وقائع النازلة والتمس من خلاله التصريح بتوافر أدلة كافية على ارتكاب المسمى حميد المهداوي لجنحة عدم التبليغ عن المس بسلامة الدولة طبقا لمقتضيات الفصل 209 من القانون الجنائي والأمر بمتابعته وإحالته على غرفة الجنايات الابتدائية بهذه المحكمة لارتباط وعدم قابلية الأفعال موضوع المطالبة بإجراء تحقيق في مواجهته للتجزئة عن الأفعال المنسوبة للمتهمين موضوع ملف التحقق عدد 636-2301-2017 الصادر في شأنه أمر بالإحالة على غرفة الجنايات بتاريخ 23/08/2017 وذلك طبقا للمواد 416-254-256 من قانون المسطرة الجنائية وتنفيذا لقرار الغرفة الجنائية عدد 163/1 الصادر بتاريخ 2/06/2017 في الملف عدد 12315/6/1/2017 الذي جعل الاختصاص المحلي للنظر في الأفعال موضوع القرار بالإحالة من أجل الأمن العمومي منعقدا لمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بكل مكوناتها القضائية واعتبارها مختصة في الأفعال موضوعها وفي تلك التي لا تقبل التجزئة عنها أو المرتبطة بها وفي الأشخاص المعنيين بها حسب ما تقتضيه المواد 255-256-257-و272/1 من قانون المسطرة الجنائية.
ويستفاد من وثائق الملف خاصة المحاضر الضابطة القضائية المنجزة على التوالي:
-المحضر المنجز من طرف عناصر الدرك الملكي بالمركز الترابي بامزورن بتاريخ 5/2/2017 تحت عدد 220.
-المحضر المنجز من طرف عناصر الدرك الملكي للمركز القضائي بالحسيمة بتاريخ 6/2/2017 تحت عدد 21.
-المحضر المنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية بفرقة الشرطة القضائية لمفوضية الشرطة بامزورن بتاريخ 29/3/2017 تحت عدد 30 ج ح ش ق
-المحضر المنجز من طرف ضابط الشرطة القضائية بفرقة الشرطة القضائية لمنطقة أمن الحسيمة بتاريخ 29/5/2017تحت عدد 184 ج ح ش ق.
-المحضر المنجز من طرف الضابطة القضائية للفرقة الوطنية للشرطة القضائية:
*تاريخ 2/6/2017 تحت عدد 101 فو ش ق
* وبتاريخ 3/6/2017 تحت عدد 102 ف وش ق
* وبتاريخ 5/6/2017 تحت عدد 103 ف و ش ق
قيام عدد من الأشخاص ضمنهم ما يدعون بنشطاء الحراك بزعامة المسمى ناصر الزفزافي وبتنسيق مع عدد من انفصالي الخارج بعضهم ينتمي لما يعرف بحركة 18 شتنبر للمطالبة باستقلال منطقة الريف عن التراب المغربي ووفق أجندة تهدف إلى المس بالوحدة الترابية للمملكة بترأس وتأطير مجموعة مظاهرات بالطرق العمومية وتجمعات عمومية بدون سابق تصريح وتجمهرات تخللتها أعمال تخريب وإضرام النار في ممتلكات الدولة وعصيان ومقاومة لرجال القوة العمومية واستهداف سلامتهم الجسدية عن طريق رشقهم بالحجارة والقارورات الحارقة وإضرام النار في مقرات سكنهم ومركباتهم من قبيل ما وقع من أحداث بامزورن بتاريخ 26/3/2017 وما وقع من أحداث بمحيط منزل أسرة الزعيم الميداني للحراك ناصر الزفزافي بتاريخ 26/5/2017 عندما أقدم على تعطيل صلاة الجمعة عمدا بمسجد محمد الخامس بالحسيمة وتحصن بسطح منزل أسرته عندما حضر عناصر الشرطة لإيقافه محتميا بحشد من مناصريه الذين بتحريض منه اعتدوا على عناصر الشرطة بالرشق بالحجارة واللبنات والقنينات الزجاجية الفارغة مما تسبب في إصابة متفاوتة الخطورة في صفوفهم وإتلاف وتعييب معداتهم وليتمكن الزعيم الميداني للحراك ناصر الزفزافي من الإفلات من قبضة عناصر الشرطة والهروب إلى وجهة مجهولة ليتم رصد ووفقا للقانون تلقي المطلوب للتحقيق حميد المهداوي باعتباره صاحب موقع “بديل أنفو” عبر هاتفه النقال ذي الخط 0661736766 بتاريخ 27/05/2017 خمس مكالمات هاتفية وبتاريخ 28/05/2017 مكالمتين هاتفيتين من المسمى ابراهيم بوعزاتي الملقب بنور الدين ويتعلق الأمر بشخص مغربي مزداد بالحسيمة بتاريخ 9/04/1985 من والديه عبد الحميد بن أحمد ونادية بنت مرزوق أجير بهولندا عازب، حامل لبطاقة التعريف الوطنية عدد R312592 آخر مرة غادر فيها التراب المغربي كان بتاريخ 18/08/2016 ذو توجه انفصالي وينتمي لحركة 18 شتنبر للمطالبة باستقلال منطقة الريف عن التراب المغربي هذا الشخص الذي أشعر المطلوب للتحقيق من خلال المكالمات الهاتفية المذكورة بأن الزعيم الميداني للحراك ناصر الزفزافي يتواجد في مكان أمن وأنه من ممولين ما يدعى بالحراك وقد أرسل لناصر الزفزافي ومناصريه حوالي مبلغ 160.000 أورو من أجل دعم الحراك مبديا رغبته في إرسال المزيد من الأموال التي تحصل عليها من تجارة المخدرات وأنه ومجموعة من الأشخاص الأثرياء المقيمين بهولندا اتفقوا على سحب أموالهم من البنوك المغربية لاستثمارها في اسبانيا عوض المغرب وإقفال مشاريعهم القائمة بداخل ارض الوطن وأنه قام بشراء مخزون مهم من الأسلحة وسيعمل على إدخاله سرا إلى المغرب عبر مدينة سبتة وأنه تاجر مخدرات ويتوفر على ثروة بالمليارات سيسخرها باتفاق مع مجموعة أشخاص أثرياء بهولندا في شراء الأسلحة واستخدامها في القيام بثروة وإشعال حرب بمدينة الحسيمة.
وبتاريخ 28/07/2017 وفي إطار مباشرة إجراءات التحقيق في الملف عدد 636-2301-2017 تم الاستماع إلى المسمى حميد المهداوي كشاهد في النازلة فأفاد أنه يشتغل صحفيا مدير نشر موقع “بديل أنفو” وبهذه الصفة فان رقمه الهاتفي 0661739766 مثبت في صفحات الموقع وهو رهن إشارة الجميع.ويتلقى أحيانا اتصالات هاتفية من أشخاص لا يعرفهم وقد تلقى اتصالات هاتفية من المدعو ” نور الدين” الذي لا يعرفه لحد الساعة توجهاته ولم يكن أنه ينتمي إلى حركة “18 شتنبر” إلا بعد مواجهته بذلك من طرف السيد قاضي التحقيق . وقد فوجئ باتصالات من هذا الشخص وانتابته بداية فكرة أن هذا الشخص من المخابرات ويرغب في القيام بحبس نبضه وعلاقته بحراك الريف وكان يتحدث معه تحت هذا المعطى وأضاف انه لم يكن يأخذ كلامه على محمل الجد ومن خلال أجوبته على أقوال هذا الشخص يظهر أنه كان يحاول إقناعه بالتخلي عن فكرة العنف في مواجهة السلطات ويؤكد له ضرورة التحلي بالسلمية في حراك الريف وأكد انه لا يعرف هذا الشخص ولا علاقة له به. وأضاف انه لم يسبق له نهائيا أن بادر إلى الاتصال بالشخص المذكور وإنما كان يجيب على مكالماته وكان يجاريه في الحديث ويحاول إنهاء الكلام معه من خلال ما يظهر من تسجيل المكالمات ونفى تبني أفكاره وميولاته التخريبية مشيرا إلى أنه لا يتفق بتاتا مع أفكار وقناعات الحركة التي ينتمي إليها هذا الشخص بعد علمه اليوم بالانتماء إليها. وعن سؤال أجاب الشاهد أنه لا يتذكر تواريخ هذه المكالمات ولا مدتها وعرضت عليه فحوى المكالمات كما هي مسجلة بمحضر الضابطة القضائية فأفاد أن محتواها يؤكد أنه من الأقلام الصحفية الداعية إلى التشبث بالنضال السلمي والحضاري في إطار الثوابت الوطنية وهذا مشهود له في العديد من الأشرطة التي يبثها موقع بديل أنفو، ولم يكن يتبنى أفكار هذا الشخص . وأضاف أنه قدم خدمات جليلة للدولة في حراك الريف بصفته صحفيا وذلك بمواجهة الأفكار الهدامة والتخريبية والخطاب الجمهوري والانفصالي وذلك بتدعيم وحدة الوطن وإقناع المغاربة بقوة الملكية وشرعيتها ويظهر ذلك من خلال الأشرطة المسجلة باسمه الأمر الذي وضعه في دائرة “العياشة، المخازنية” حسب تعبير الانفصاليين والجمهوريين وأضاف أن الدليل على انه لم يكن يأخذ كلام هذا الشخص مأخذ الجد وأنه لم ينشر أخباره في الموقع الذي يشرف عليه باستثناء خبر وحيد رأى فيه مصلحة الوطن ويتعلق الأمر بتصريح منسوب إلى ناصر الزفزافي يدعو فيه هذا الأخير نشطاء حراك الريف إلى الانسحاب من الشارع لمدة 3 أيام رغم شكوكه بشكل كبير أن ناصر الزفزافي لم يطلب من الشخص المعني ذلك ولكن حينما رأى في الخبر مصلحة للوطن وامتصاص للاحتفال قام بنشره وأضاف أن الدليل على أنه لم يتعامل مع هذا الشخص وأقواله بشكل جدي بأنه لم يقم بالاتصال به أو التعامل معه كمصدر موثوق من جهة التبليغ عنه ومن جهة ثانية لأنه لا يمكن التبليغ عن أقوال شخص في لحظة انفعال وكان يحاول تهدئته في إطار تربوي ووطني مع العلم إلى انه كانت تنتابه من حين لآخر أفكار بان هذا الشخص من المخابرات ويحاول توريطه وفي جميع الحالات فانه لم يكن يأخذ أقواله محمل الجد وغالبا كان يرفض الإجابة عن مكالماته مما يؤكد أنه لم يكن يتعامل معه بجد. وأكد في الأخير أنه يرفض بشكل قاطع وبات محاولة أية جهة المزايدة عليه في وطنيته ومغربيته.
التحقيق الإعدادي
بتاريخ 28/07/2017 تم استنطاق المسمى حميد المهداوي ابتدائيا في إطار التحقيق مؤازرا من طرف الأساتذة محمد المسعودي من هيئة الدار البيضاء ، محمد حراش من هيئة القنيطرة والحبيب حجي من هيئة تطوان فأفاد أنه يفضل الإدلاء بتصريحات بشأن الوقائع موضوع المطالبة بإجراء تحقيق مستقبلا بجلسة الاستنطاق التفصيلي استجابة لملتمس دفاعه.
وبتاريخ 2/08/2017 تم استنطاق المطلوب للتحقيق المذكور تفصيليا مؤازرا من طرف الأساتذة أبو القاسم الوزاني، المصطفى محمد كرين ، العلمي الصباح، عبد العزيز النويضي، عبد العزيز العليكي، محمد المسعودي ،محمد الطاوسي، محمد النونيني أصالة عن نفسه ونيابة عن الأستاذ محمد أغناج، سعيدة الرويصي، أسماء الوديع، سعيد بنحماني، النقيب أحمد حلماوي، عبد السلام الشاوش ، فريدة الطالبي، محمد حراش ، الحبيب حاجي ، زهرة مرابط وبشرى الرويصي فصرح أنه من مواليد سيدي قاسم بتاريخ 01/01/1979 متزوج وأب ، صحفي حاصل على الإجازة في اللغة العربية ودبلوم من المعهد العالي للصحافة ومهن التلفزيون، وأنه تلقى اتصالات هاتفية من المدعو نور الدين الذي لا يعرفه. وعرضت على المتهم المكالمة الهاتفية التي أجريت بتاريخ 27/05/2017 على الساعة 11 و59 دقيقة مدتها ستة دقائق وثمانية ثواني كما وردت بمحضر الضابطة القضائية فأفاد أن بعض كلامه محذوف وهناك فراغات في كلامه بمحضر الضابطة القضائية ومثال على ذلك ما ورد ببداية الصفحة الثالثة حيث حذف جوابه بالكامل، وعن سؤال أجاب المتهم أنه من خلال أجوبته على محاوره بهذه المكالمة كان يؤكد له أنه انتابته فكرة أن محاوره شخص من المخابرات كان يمتحن قناعاته الوطنية وأحيانا كان يظن أنه شخص ريفي مأخوذ بلحظة حماس وبالتالي فانه لا يأخذ الجد ، وكان يحاول اقناعه بالتراجع عن فكرة العنف والتخريب وامتصاص انفعاله. وعن سؤال أجاب المتهم أنه لم يكن يعلم أن هاتفه المحمول موضوع تنصت بناء على قرار لجهة ما، وأضاف أن عدم تجاوبه مع أفكار هذا الشخص يرجع إلى أنه اعتبر أن كلامه غير جدي وغير مسؤول خاصة وأنه تحدث عن إدخال أسلحة ثقيلة ولا يمكن علميا القيام بذلك، وهذا ما أكد له أن كلامه غير جدي ولم يحمل كلامه محمل جد وبالتالي لا يمكنه التبليغ عن فعل لا يمكن القيام به، وأضاف أن الأسباب التي جعلته يقتنع أنه لم يكن أمام مخاطب جدي وخطاب جدي وبالتالي التبليغ عنه هو أنه يتفوه بهرطقات لا يمكن أن يؤمن بها إلا شخص مجنون من قبيل زعمه أنه سوف يدخل دبابات من روسيا إلى المغرب وكأن الأرض صحراء قاحلة ليس هناك لا دول ولا حدود ولا أجهزة مراقبة غيرها، وثانيا أنه وجد في كلام مخاطبه تضاربا حيث يزعم أنه يتق في الملك وثارة يهاجم الملك وثارة يهدد نظام الملكي والملكية والاستقرار وثارة يدعو إلى السلمية على لسان الزفزافي وثالثا كيف يستقيم عقليا ومنطقيا أن يبلغ عن شخص يزعم أنه خرج للتو من مناورة كبيرة وأفشى أسراره لصحفي لا يعرفه. ورابعا أنه لم يكن صادقا في كلامه خاصة وأنه تحدث معه في أمور تبين له أنها مجرد كذب من قبيل الإفراج عن المناضل محمد جلول وحيازة لتسجيل صوتي منسوب لناصر الزفزافي وتأكد له أن ذلك كذب ، وخامسا اعترافه أنه غير عاقل وعبر عنها بعبارة ” أنا مشى لي العقل”. والدليل على أنه كان إزاء شخص غير جدي هو أنه لم ينشر أخباره ومزاعمه باستثناء زعم وحيد رأى فيه مصلحة للوطن هو تصريح منسوب للزفزافي يدعو فيه النشطاء إلى الانسحاب من الشارع لمدة 3 أيام حيث أن في الخبر مصلحة للوطن واستقراره وأمنه وأمانه مع العلم أنه كان يشك بنسبة كبيرة جدا أن هذه المعلومة أراد جهاز” لادجيد”أن يمررها عبرة خدمة لاستقرار الوطن إضافة إلى انه يستحيل أن يبلغ عن شخص يتصور أن الحدود المغربية غير مراقبة ومشروعة أمام من هب وذب علما أن المخابرات المغربية تصدر خبراتها الأمنية لدول العالم بما فيها الدول المتقدمة.ثم أن الشخص كان يتحدث مرة بصيغة الفرد وأحيانا بصيغة الجمع عند الحديث عن مزاعمه الإجرامية التي لا يمكن أن تحدث إلا في الخيال. ثم كيف يستقيم أن يقتنع ويصدق أنه إزاء شخص جدي سيحدث بحسبه ثورة في المغرب. وأنه يعلم اليقين استحالة قيام ثورة دون تظافر شروط ذاتية وموضوعية خاصة بها. ثم كيف يبلغ على شخص وعلى تصريحاته وهو يقول أن أهل الريف يثقون فيه وسينتخبونه رئيسا على الريف، وأضاف أنه لم يأخذ أقوال مخاطبه محمل الجد عندما أخبره أنه شخص ملياردير وفجأة أخبره أن رصيد تعبئة هاتفه النقال على وشك النفاذ. وأضاف أيضا أنه كيف يمكن التبليغ عن جريمة خيالية ويستحيل قيامها والحال أنه سبق أن بلغ عن جرائم جدية وحقيقية بأدلة قاطعة بعضها يمس بشكل خطير صورة جلالة الملك وأدين بأربعة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ بتهمة التبليغ عن جريمة يعلم بعدم حدوثها والوشاية الكاذبة وأضاف انه قام بالتبليغ عن جرائم عن طريق القيام بمسيرة راجلا انطلاقا من مقر محكمة النقض شاهرا لا فتة تتضمن قضايا وجرائم خطيرة تمس صورة الملك والوطن وتوقف لمدة 23 دقيقة أمام مقر وزارة العدل وألقى خطاب للتبليغ عن هذه الجرائم وتوجه إلى مدينة قنيطرة مشيا على الأقدام وقد استفسرته الأجهزة الأمنية عن ذلك. وعرضت على المتهم تفريغ المكالمة الهاتفية المجراة بتاريخ 27/05/2017 مدتها 23 دقيقة كما وردت بمحضر الضابطة القضائية وهي مكالمة أجريت على الساعة 18 و45 دقيقة ، أفاد بشأنها أنه تأكد له من خلال المكالمة أن هذا الشخص يريد توظيفه كصحفي في أمور خيالية يستحيل قيامها والترويج لها إعلاميا وبالتالي ضرب مصداقية موقع ” بديل أنفو” الذي يشرف على إدارته. والقيام بترويج لأخبار زائفة .فلو كان مثلما زعم أن هناك أسلحة مخبأة داخل المغرب سوف يستشعر الخطر وسيقوم بالتبليغ عنه. أما وأنه يدعي أنه يرغب في إدخال الأسلحة من الخارج عبر سبتة فانه لم يأخذ كلامه على محمل الجد . وأضاف ان الذي يزكي أقواله وبراءته من المنسوب إليه هو طبيعة الأجوبة وأنه كان إزاء مخبر أو شخص منفعل وغير مسؤول ويرغب في توريطه. مثلا التحدث معه حول شخصية أخنوش والملك لدغدغة عواطفه بدل انتقاد النظام ككل . وذلك بهدف مجاراته كمخبر الأمر الذي جعله في بعض الأحيان يحاول توظيفه في الاتي :
أولا: تأكيد وظيفته من خلال نشر خبر منسوب للزفزافي بالانسحاب من الشارع.
ثانيا : تمرير رسالة للدولة مفادها أن المهداوي مع مواقفه وأن مواقفه تجاه الدولة يبديها في الهاتف كما في أشرطة الفيديو والندوات.والدليل على ذلك طريقة أجوبته بخصوص العنف والمناورات والتحويل حيث كان مصرا على تمرير فكرة الدولة بكون قناعته من قناعات الدولة وبهذا الخصوص مضيفا أنه ما يؤكد قناعته أنه إزاء شخص غير جدي في هلوساته الإجرامية وأنه إزاء مخبر في هذه اللحظة وأنه مرر له فكرة تسليم الزفزافي لنفسه متابعته من أجل إخفاء شخص مبحوث عنه، أما بخصوص الدعم كان يؤكد على محاوره في المكالمة أنه نظيف اليد ورفض تسلم أي مبلغ مالي منه رغم إلحاحه عليه في ذلك في المكالمة واستغله كمخبر لتمرير هذه الحقيقة ومضيفا أنه حتى ولو لم يكن إزاء مخبر قناعته راسخة بخصوص نبذه العنف ورفض أي تمويل من أية جهة خارجية ، أضاف انه كيف يمكن الاطمئنان لهلوسات شخص والاقتناع أنه إزاء مجرم سوف يقوم بإدخال الدبابات والأسلحة عبر سبتة وهو يقول أنه لا يثق إلا في الملك. كما أضاف انه لم يقم بالتبليغ لكونه كان مقتنعا أنه إزاء مخبر يحاول امتحان قناعاته الوطنية وبالتالي أنه لا داعي للتبليغ عن شخص ينتمي إلى أحد أجهزة الدولة. وعرض على المتهم تفريغ مكالمة أجريت بنفس التاريخ على الساعة 20و47 دقيقة مدتها أربعة دقائق و38 ثانية، كما عرضت عليه تفريغ مكالمة كما وردت بمحضر الضابطة القضائية مجراة بنفس التاريخ على الساعة 20 و52 دقيقة مدتها دقيقة و53 ثانية. وعرضت عليه تفريغ مكالمة أخرى بتاريخ 28/05/2017 أجريت على الساعة الثانية و20 مدتها دقيقتين و23 ثانية وعرض عليه تفريغ مكالمة أجريت بتاريخ 28/05/2017 على الساعة الثانية و37 دقيقة مدتها ثلاث دقائق و48 ثانية، أكد بشأنها أقواله وانه السابقة، وعن سؤال للدفاع هل تم سحب أموال البنوك ؟أجاب المتهم بعبارة”لا” وعن سؤال للدفاع هل قمت بنشر هذه الأخبار أجاب المتهم بعبارة”لا” وعن سؤال للدفاع هل الأفعال والتناقضات والخطط المستحيلة الصادرة عن المتكلم هل تجعل منه شخصا متوازنا وعاقلا أجاب المتهم بعبارة”لا” وعن سؤال للدفاع لماذا لم يرسل لك هذا الشخص المكالمات التي أدعى أنه أجراها مع الزفزافي أجاب المتهم انه شخص كذاب ولا يتوفر على أي تسجيلات، وعن سؤال أجاب المتهم أنه لا لم يبادر باتصال بالشخص المذكور وإنما كان يرد على مكالمته فقط. وعن سؤال أجاب المتهم أنه لا يتذكر عدد المكالمات مع هذا الشخص بالضبط ويظن أنها تسعة مكالمات. وقد تلقى هذه المكالمات في مسكنه بمدينة سلا. وعن سؤال أجاب المتهم أنه لا يعرف هوية الشخص المذكور أو توجهاته أو قناعاته وأخبره فقط أنه يدعى
نور الدين أمستردام، وعن سؤال أجاب المتهم أنه لم يكن على يعلم بوجود رسائل نصية من ناصر الزفزافي وابراهيم بوعزاتي وأكد في الأخير أنه لم يكن على قناعته بجدية تصريحات مخاطبه في المكالمات المذكورة. وعن سؤال أجاب المتهم أنه وطني ولا يقبل أن يزايد عليه أي شخص أو جهة في وطنيته، وعن سؤال أجاب المتهم أنه لم يكن يعلم بوجود مكالمات ورسائل نصية بين ناصر الزفزافي وابراهيم البوعزاتي إلا بما أخبره ذلك الشخص. وأضاف انه بعد المكالمة الأخيرة بقى الشخص المذكور يتصل به لكنه يرفض الرد على مكالماته لكونه أصبح على يقين أن ذلك مضيعة للوقت ولا يمكن أن يكون مصدرا موثوق للخبر وكلامه غير مسؤول. ختاما ما استنتجه من المكالمات ان بعضها كان الغاية منه توظيفه كصحفي لضرب معنويات الحراك وعبره على ضرب مصداقية الموقع عبر نشر زائفة . وبعضها الأخر المتسم بالعنف والتصعيد كان الغرض منه ربط الثقة وعبر عن ذلك (بغى يتبتني) ويعتبر أن اعتقاله على ذمة هذه القضية غير مؤسس قانونا لوجود سوء فهم لأرائه الصحفية خاصة بخصوص قناعاته.
وبتاريخ 16-08-2017 تم الاستماع إلى المسمى ربيع الابلق كشاهد في النازلة فأفاد أنه قبل اعتقاله على ذمة التحقيق في قضية حراك الريف بيوم أو يومين اثنين اتصل به هاتفيا المتهم حميدا المهداوي الذي يعرفه كصحفي وسبق له أن اشتغل كمراسل لموقع “بديل انفو “الذي يديره حميد المهداوي بدون مقابل مادي وكان يزوده بأخبار المنطقة باعتباره هاوي لمهنة الصحافة وقد طلب منه حميد المهداوي من خلال المكالمة الهاتفية المذكورة أنفا أن يتحرى حول أحد الأشخاص يدعى نور الدين وسلمه رقم هاتفه عبر رسالة نصية وأكد له أنه يتحدث حول أمور خطيرة وبعد التحري أخبره أنه شخص من المخابرات ويريد توريطه وقد أجاب حميد المهداوي أنه شك فيه أيضا أنه من المخابرات يرجح انه من المخابرات وعن سؤال أجاب أنه لا يعرف المدعو نور الدين المذكور أنفا ولا يعرف هويته الحقيقية ولم يسبق له السماع باسمه.
وحيث إنه بمقتضى المادة 416 من قانون المسطرة الجنائية فان محكمة الاستئناف بالنظر تطبيقا للمادة 254 من نفس القانون في الجنايات والجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها وفقا لمقتضيات المراد 255 الى 257 من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إن الوقائع المواجه بها المطلوب للتحقيق هي مرتبطة بالوقائع التي توبع من أجلها المسمى ناصر الزفزافي ومن معه إذ لا يمكن فهم ومناقشة الأولى دون الثانية علما بأن الأمر يتعلق بنفس الملف رقم 636-2301-2017 وان ما تقرر من فصل بتاريخ 1/8/2017 هم مباشرة الإجراءات بالنظر لتفاوت مدد الاعتقال الاحتياطي.
وحيث وقعت جميع الأفعال موضوع المتابعة داخل أجل لم يمض عليه أمد التقادم الجنحي وانعقد الاختصاص لهذه المحكمة في إطار مقتضيات المادة 272 من قانون المسطرة الجنائية وتبعا لقرار الغرفة الجنائية بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 2/6/2017 تحت عدد 623/1 في الملف عدد 12315/1-2017.
وعملا بمقتضيات المواد 56-118 وما يليها 286-221 والفقرة العاشرة من المادة 49 من قانون المسطرة الجنائية والفصل 209 من القانون الجنائي.
وبناء على قرار قاضي التحقيق بمتابعة حميد المهداوي من أجل جنحة عدم التبليغ عن جناية المس بسلامة الدولة وطبقا لمقتضيات الفصل 209 من القانون الجنائيوبإحالته في حالة اعتقال على غرفة الجنايات بهذه المحكمة لمحاكمته طبقا للقانون.
وبناء على عرض القضية عل غرفة الجنايات الابتدائية بهذه المحكمة
وبناء على مختلف الإجراءات المتخذة في القضية
وبناء على انكار المتهم في جميع اطوار القضية المنسوب اليه
-المرافعة
عناصر ومنهجية المرافعة
أولا : مقابلة بين الفصلين 209و264 من القانون الجنائي على ضوء الاجتهاد القضائي المغربي
ثانيا : العناصر التكوينية للفصل 209 من القانون الجنائي
ثالثا: جريمة عدم التبليغ عن المس بأمن الدولة جريمة قصدية وفقا للقانون واجماع الفقه
رابعا: أهلية المتهم لفحص عناصر الجدية او الهزل في المخطط الاجرامي
خامسا: صفة المتهم كصحفي وسوابقه مع القضاء لنفي المسؤولية الجنائية عنه
سادسا: قرائن التدليل على انتفاء الركن المادي والقصد الجنائي
سابعا: مرافعة النيابة العامة تبرئ المتهم وتقر بانعدام القصد الجنائي لديه
ثامنا : عدم تقديم الدولة لمطالبها تبرئ المتهم وتقر بانعدام القصد الجنائي لديه
أولا :مقابلة بين الفصلين 209و264 من القانون الجنائي على ضوء الاجتهاد القضائي المغربي
سيدي الرئيس، السادة المستشارين المحترمين
حيث ينص الفصل 209 من القانون الجنائي على أنه ” يؤاخذ بجريمة عدم التبليغ عن المس بسلامة الدولة، ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من ألف إلى عشرة آلاف درهم، كل شخص كان على علم بخطط أو أفعال تهدف إلى ارتكاب أعمال معاقب عليها بعقوبة جناية بمقتضى نصوص هذا الباب، ورغم ذلك لم يبلغ عنها فورا السلطات القضائية أو الإدارية أو العسكرية بمجرد علمه بها”.
وحيث ينص الفصل 264 من القانون الجنائي “يعتبر إهانة، ويعاقب بهذه الصفة، قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العامة عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها أو بتقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطة القضائية بارتكابه جريمة لم يرتكبها ولم يساهم في ارتكابها”.
وحيث إن الصحفي حميد المهدوي على اثر المكالمات الهاتفية التي تلقاها وكان دائما مستقبلا ولم يكن متصلا او مبادرا اقتنع واعتقد اعتقادا صميميا بان الشخص المشبوه اما احمقا او مجنونا لأنه يقول الشيء ونقيضه في نفس الوقت بل وفي نفس الدقيقة والثانية على التفصيل الوارد أدناه في اثبات التناقض الفاضح والجلي الذي يمكن للقاصر غير المميز ان يلمسه، فأحرى بالشخص الراشد لم يشأ التبليغ عنها، لأنه كان بين نارين اولاهما نار المتابعة بجريمة إهانة الشرطة القضائية بالتبليغ عن جريمة خيالية ان قام بالتبليغ عن المزاعم الخيالية التي لا يصدقها عاقل وثانيهما بالمتابعة بعدم التبليغ عن جريمة تمس امن الدولة كما حصل.
وحيث ان المحكمة بتقديرها وحنكتها وكفاءتها ستستطيع فك شفرة التداخل والمقابلة بين الفصلين والجريمتين والتي لاشك ان تقصي العبارات والمضامين الواردة بالمكالمات الهاتفية سيجعلها تخرج بقناعة واضحة انها تحمل مدلولا خرافيا وهلاميا يمنع التبليغ عنه لتفادي ازعاج السلطات العمومية بالتفاهات وبالتخاريف وهو ما يحمي المتهم ويجعله محقا في عدم القيام بواجب التبليغ لأنه ليس هناك ما يستحق لغياب أي شروط موضوعية لخطط او أفعال جدية تمس النظام العام وتعبث بأمن الوطن واستقراره
وحيث ان الاجتهاد القضائي وضع حدودا وفواصل للتبليغ الصحيح والواجب القيام به والتبليغ الباطل والواجب الامتناع عنه من خلال الخبر وصدقيته ومدى إمكانية توقعه من عدمه
وهكذا اعتبرت محكمة النقض ان ادعاء المتهم ان شاحنة محملة باللحوم تحمل مواد مفجرة وتستهدف نسف السوق التجاري اسيما وطلبه حضور رجال الامن يجعله مبلغا عن جريمة رغم علمه بعدم حدوثها على ارض الواقع يشكل ازعاجا لسلطات الامن واهانة في حقها “قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 4/4/2007 في الملف عدد 8198/06منشور بمجلة الملف عدد 11 ص 286.
وحيث ان جريمة إهانة الضابطة القضائية بالبلاغ الكاذب تثبت بعدم صحة الوقائع الموشى بها
قرار محكمة الاستئناف بورزازات بتاريخ 31/7/2003 في الملف الجنحي عدد 963/03 منشور بمجلة الملف عدد 6 ص 341.
وحيث ان تأكد الصحفي حميد المهدوي بما يثبت كذب وزورية الوقائع موضوع المكالمات التأديبية يجعله معفى من واجب التبليغ عنها هديا على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض ومحاكم الموضوع ويحتم الحكم بعدم مؤاخذته والتصريح ببراءته
ثانيا :العناصر التكوينية للفصل 209 من القانون الجنائي
سيدي الرئيس،السادة المستشارين المحترمين
وحيث ان العناصر التكوينية للجريمة تتمثل في :
1-العلم بخطط أو أفعال تهدف الى ارتكاب أعمال تمس بسلامة الدولة معاقب عليها بعقوبة جنائية
2-امتناع الشخص الذي كان على علم عن التبليغ عن هذه الخطط او الاعمال بمجرد علمه بها إلى السلطة المختصة
3-النية الجرمية
وحيث ان المحكمة بتفحصها للمكالمات لن تجد أي اثر لأي خطط او أفعال وانما فقط اقوال ضاربة في المبالغة والافتراض والتناقض لا يمكن الوثوق بها من لدن أي شخص مميز فأحرى راشد،فالمشرع الجنائي إذن لا يعاقب عن مجرد عدم التبليغ المجرد وانما عن عدم التبليغ الموصوف والمرتبط بالخطط والافعال.
وحيث ان تعبير المشرع بالخطط والافعال كان ذكيا جدا لأنه إشارة لبدء الأعمال التحضيرية للمس بأمن الدولة ،لذلك فلا عبرة للأقوال الزائفة ولا للكلام غير المسند باي دليل تحضيري او عزم مادي
وحيث ان المشرع حينما يريد ادخال الاقوال للأفعال المادية يعبر عنها بشكل صريح كما هو وارد في العديد الفصول في القانون الجنائي لا تقع تحت حصر.
وحيث ان استثناء المشرع للأقوال من عناصر الفعل المادي للجريمة يعني بداهة اقصاءها وعدم اعتبارها كجريمة ان ظلت فقط حبيسة القول، ولم تتحول الى أفعال قابلة للتنفيذ بخطط واعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة الى ارتكابها.
وحيث يستخلص تبعا لذلك من خلال الوقوف على وقائع النازلة انعدام أي مخطط او أفعال يستوجب التبليغ مما يكون معه الركن المادي للجريمة منتفيا .
ثالثا:جريمة عدم التبليغ عن المس بأمن الدولة جريمة قصدية وفقا للقانون واجماع الفقه
سيدي الرئيس، السادة المستشارين المحترمين
حيث ان جريمة عدم التبليغ عن المس بأمن الدولة جريمة قصدية وفقا للقانون واجماع الفقه سواء المغربي او المقارن ولا يوجد أي فقيه لا مغربي ولا اجنبي يقول بخلاف ذلك ويعتبرها جريمة شكلية تتحقق بمجرد عدم التبليغ.
وحيث ان المشرع الجنائي عبر عن القصد الجنائي بالعلم وهو اتجاه الإرادة الى ارتكاب الفعل الجرمي عن بينة واختيار وتبصر
وحيث ان العلم في مفهوم الفصل 209 من القانون الجنائي يجب ان يتعلق بالخطط والافعال وليس فقط بالعلم المجرد أي الاقوال ،أي يجب ان يكون المتهم عالما انه امام مشروع ومخطط اجرامي وافعال
وحيث انه لا دليل بالملف ان المتهم كان على علم باي خطط او أفعال وإنما فقط بأقوال مجردة لا دليل على صدقيتها ومشروعيتها وارتباطها بمشروع اجرامي حقيقي وموجود وقابل للتنفيذ
وحيث ان القانون والفقه والقضاء اجمعا على جريمة المس بأمن الدولة جريمة قصدية يتطلب فيها القصد المعنوي فكيف ان الجريمة الاصلية يتطلب فيها القصد وجريمة التبليغ الناتجة عنها لا يتطلب فيها القصد ؟
وحيث ان الفقه اجمع على ان جريمة المس بأمن الدولة جريمة عمدية فإلى جانب الركن المادي فيها يلزم توافر الركن المعنوي،وهو يتحقق إذ أتى الجاني النشاط الاجرامي المكون للركن المادي فيها عن علم وإرادة وبقصد تحقيق وتنفيذ الجريمة .
وحيث اعتبر الأستاذ عبد الواحد العلمي ان” الجريمة جريمة عمدية وعليه فإلى جانب الركن المادي فيها يلزم توافر الركن المعنوي ،وهو يتحقق اذا اتى الجاني النشاط الاجرامي المكون للركن المادي فيها عن علم وإرادة بقصد تحقيق احد الاهداف المعاقب عليها جنائيا “مؤلف شرح القانون الجنائي المغربي ،القسم الخاص،الطبعة التاسعة 2018ص 51 و 57.
وحيث أكد الأستاذ أدولف رييولط في نفس الاتجاه” أن النية الاجرامية عنصرا من العناصر التكوينية للجريمة ،القانون الجنائي في شروح ،منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية بالمعهد الوطني للدراسات القضائية،الطبعة الثانية 1997ص 248 .
وحيث استقر فقه القضاء الفرنسي على أن القول والخطب والكتابات لا تعد من قبيل أعمال التنفيذ وهو نفس موقف فقه القضاء في تونس إذ جاء في إحدى قرارات أمن الدولة “إنّ مجرد إبداء آراء مضادة بطريقة نشرات شديدة اللهجة… لا تعتبر قانونا من الأعمال التحضيرية للنيل من سلامة الدّولة” فهذه الأعمال لا يقوم لها كيان مادي إلا بتواجد فعل مادي من أفعال القوة يعوّل عليه في البدء بالتنفيذ المفسّر بإنجاز عمل في الركن المادي للجريمة أو إتيان عمل آخر يؤدي إليه أحيانا.
وحيث اعتبر أستاذنا الخمليشي”أن التبليغ هنا لا يكون واجبا الا عند شروع الجاني على الأقل في تنفيذ الجريمة،فلا تتحقق جريمة عدم التبليغ اذا كان الجاني ما يزال في مرحلة التحضير والاعداد للتنفيذ
وكل ما يمكن أن يوضع من قيود على تطبيق المادة 209 هو أن وجوب التبليغ مرتبط بالعلم بكون الخطة أو الأفعال تهدف فعلا إلى ارتكاب جناية ماسة بأمن الدولة ، وهذا يتطلب التأكد واليقين من عزم المبلغ عنه على مواصلة نشاطه إلى النهاية، ولا يستخلص هذا اليقين عادة إلا إذا كان الفاعل قد تخطى مرحلة التردد ووضع خطة نهائية ومفصلة للتنفيذ أو قطع مرحلة مهمة في انجاز الأفعال المادية لإعداد تنفيذ الجناية بحيث يبدو التنفيذ في كلا الحالتين أمرا حتميا ووشيك الوقوع ، فالغاية من فرض التبليغ تحت طائلة الجزاء الجنائي هي الحيلولة دون تنفيذ الجنايات المخطط لها، ولذلك لا يؤاخذ الشخص بعدم التبليغ إلا إذا كان متيقنا من عزم وتصميم الفاعل على التنفيذ.
وقاضي الموضوع هو الذي يستقل بتقدير ما إذا كان المتهم بعدم التبليغ قد تكون لديه الاعتقاد بتصميم الفاعل على التنفيذ أم لا وهو يعتمد في ذلك معيارا ذاتيا مراعيا الظروف الشخصية للمتهم ومستوى تصوره للأمور ، وظروف وملابسات علمه بالخطة أو الأفعال الهادفة إلى إعداد التنفيذ.
ويضيف أستاذنا الخمليشي أن هناك صعوبة تمييز بين ما يجب عليه التبليغ عنه من الخطط والأفعال وبين ما لا يلزم بالتبليغ عنه من أقوال وأحاديث عارضة قد لا يتأكد من مدى جدية صاحبها فيها يقول ويروى.
وحيث لقيام جنحة عدم التبليغ كما يؤكد أستاذنا الخمليشي أنه يتعين حصول العلم بالخطة والأفعال الهادفة إلى ارتكاب جناية فلا يكفي الشك والشبهات، أو السماع إشاعات مهما تكن قوة رواجها.
والعلم اليقين يحصل عادة بتلقي المعلومات من صاحب الخطة أو الأفعال مباشرة ، ولذلك من صاحبها رأسا ودون واسطة.
ونرى أن الأمر موكول إلى السلطة التقديرية لقاضي الموضوع الذي عليه في جميع الأحوال أن يحكم بالأدلة إلا إذا اقتنع وجدانه بأن المتهم تأكد بصورة قاطعة من وجود النشاط الهادف إلى ارتكاب الجناية وأن الفاعل صمم وعقد العزم على التنفيذ
وفي حالات أخرى كثيرة تقوم أمام القاضي صعوبة كبيرة في إسناد الامتناع عن التبليغ إلى إرادة واختيار الشخص والى السبب الأجنبي الذي يدعيه ومن أمثلة ذلك أن يعلل المتهم عدم قيامه بالتبليغ بالخوف من الانتقام وأن لم يوجه تهديد صريح به، أو بعدم كفاية الحجج المثبتة لما يبلغه فيخاف تعريض نفسه للمتابعة بالوشاية الكاذبة أو بعدم تأكده من مدى تصميم الفاعل على تنفيذ الجناية.
ولا شك أنه في مثل هذه الحالات يصعب عليه أن يرجع إلى تطبيق القواعد العامة ، وهذه القواعد تقضي من جهة بتحمل النيابة العامة عبء إثبات عناصر الجريمة فهي التي تثبت أن عدم التبليغ كان إراديا فإذا عجزت عن إثبات عناصر الجريمة فهي التي تثبت أن عدم التبليغ كان إراديا، فإذا عجزت عن الإثبات تعين الحكم بالبراءة، ولا يكلف المتهم بإثبات السبب الأجنبي.
ومن جهة ثانية ثابتة فان القاضي إذا لم يقتنع وجدانيا ولم يطمأن ضميره أن ادعاءات كل من النيابة والمتم ، طبق المبدأ يقول” الشك لمصلحة المتهم” فيحكم بالبراءة لفائدة الشك.
والخلاصة أن القاضي لا يحكم بالإدانة إلا إذا تأكد وبصورة يقينية أن عدم قيام المتهم بالتبليغ راجع إلى إرادته واختياره، وليس إلى أسباب غير إرادية”.للمزيد من التفصيل الرجاء مراجعة :محمد الخمليشي ،القانون الجنائي الخاص،الجزء الأول ،نشر وتوزيع مكتبة المعارف بالرباط ص 104 وما يليها.
وحيث يستخلص من موقف الفقيه الخمليشي بأنه” لترتيب جزاء ضد متهم بعدم التبليغ حول المس بسلامة الدولة ينبغي أن يكون المتهم على علم بالخطة المهيأة وبالغاية المحددة التي تهدف إليها الخطة” فمتى كان المؤازر على علم بخطة؟ لأنه لم يكن سوى على علم بمزاعم متناقضة من قبيل السلاح والدبابات؟، وفي نفس الوقت الدعوة إلى السلمية ؟ مزاعم لا يجمع بينها رابط من قبيل أنه يثق في الملك ويسعى لجعل الزفزافي حاكما ويسعى ولجعل المهداوي رئيسا على الشعب الريفي؟ هل الغاية المحددة هي الحرب أم السلمية؟ هل الغاية المحددة هي جعل الزفزافي حاكما أم الثقة في الملك أم جعل المهدوي رئيسا على الريف؟ هل هناك غاية محددة في كلام المشبوه، ألا يؤكد الدكتور الخمليشي على أن القواعد العامة للمسؤولية لا تسمح بمسائلة المهدوي إلا إذا كان متيقنا من الهدف المحدد الذي يقصده الجاني أي المشبوه الذي إتصل به ؟ ثم ألا يؤكد الدكتور الخمليشي على أن وجوب التبليغ مرتبط بالعلم بكون الخطة والأفعال تهدف فعلا إلى إرتكاب جناية ماسة بأمن الدولة وهذا يتطلب التأكد واليقين من عزم المبلغ على مواصلة نشاطه إلى النهاية ولا يتم ذلك إلا إذا كان الفاعل قد تخطى مرحلة التردد ووضع خطة نهائية ومفصلة للتنفيذ أو قطع مرحلة مهمة في إنجاز الأفعال المادية لإعداد تنفيذ الجناية؟
وهنا نتساءل مع محكمتكم الموقرة السيد الرئيس انظروا إلى مضمون المكالمات كيف جاءت صياغتها، حيث المكالمة الأولى والثانية فيها حديث عن العنف ولكن المكالمة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة لا حديث فيها أبدا عن أي عنف بل فيها،إنقلاب كلي على مضمون المكالمة الأولى والثانية ؟ ثم ألا يؤكد الدكتور الخمليشي على أنه لا يؤاخذ الشخص بعدم التبليغ إلا إذا كان متيقنا من عزم وتصميم الفاعل على التنفيذ؟ فهل بين أيديكم السيد الرئيس المحترم ولو قرينة واحدة توحي بأن المؤازر متيقن من عزم المشبوه على تنفيذ ما يستحيل تنفيذه ؟هل هناك طرافة أكثر من إعلان الحرب عن طريق شراء الأسلحة وإدخال الدبابات بحسب زعم الشبح وبعد إثنى عشر دقيقة تتبخر هذه الأسلحة وهذه النوايا وتصبح السلمية هي الحل؟ ثم ألا يؤكد الدكتور الخمليشي في نفس المؤلف على ضرورة أن يكون عدم التبليغ إراديا وإختياريا ونابعا من رغبة شخصية والحال أن عدم تبليغ المؤازر بما جاء على لسان الشبح لم يكن إراديا وإختياريا ونابعا من رغبته الشخصية بل نابعا من أسباب موضوعية قاهرة أولها مخاوفه أن يقع تحت طائلة مقتضيات الفصلين 264 و445 من القانون الجنائي وتقديم أدلة زائفة والوشاية الكاذبة، كما ترتبط الأسباب بتفاهة ما بلغ إلى علمه.
وحيث يجدر التساؤل هل كان المشرع غافلا أن يضيف عبارة صغيرة في مستهل هذا النص لتعفينا