“نفثة مصدور” اقتضاها الحدث الجلل الجسيم… التجاسر على الإساءة إلى (الذات الإلهية المقدسة) ‼

17 أغسطس 2025 13:03

“نفثة مصدور” اقتضاها الحدث الجلل الجسيم… التجاسر على الإساءة إلى (الذات الإلهية المقدسة)

هوية بريس – د. عبد المنعم التمسماني، أستاذ التعليم العالي بجامعة عبد المالك السعدي-تطوان

 ‌بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد ‌لله ‌العزيز القهار، القوي الجبار، العالم بالأسرار، ‌والصلاة والسلام على ‌النبي المصطفى المختار، الكاشف -بإذن ربه- الغشاوة عن البصائر والأبصار، وعلى آله الأطهار، وصحابته الأبرار، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار. وبعد:

فإن إعلان الحرب على دين الإسلام ومقدساته ليس أمرا جديدا، بل إنه قديم قدم هذا الدين ، فمنذ أن بزغ فجر الإسلام واستفاض نوره، وأعداؤه يناصبونه العداء ويحاربونه بطرق متعددة وصور شتى، وكلها ترمي بقوس واحد لإطفاء نوره، ولكن هيهات هيهات !! فقد قضى الله في محكم كتابه أن الباطل -مهما علا وكثر خيله ورجله- فإنه في النهاية مضمحل مدحوض وزائل، وقول الله هو الحق ووعده الصدق {‌بل ‌نقذف ‌بالحقّ ‌على ‌الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل ممّا تصفون} [الأنبياء: 18] .

وسرّ الخطر في هذه المرحلة من مراحل الصّراع بين الحقّ والباطل أن الذين يعلنون الحرب على ثوابت الأمّة ومقدّساتها في البلاد العربية والإسلامية، ومنها بلادنا، هم فئام من بني جلدتنا، يتكلّمون بألسنتنا، لكنهم أجانب عن ديننا، فقلوبهم متجافية عنه، وأفكارهم مضادّة لعقيدته؛ لأنهم قد صُنِعوا على أعين الغرب، ورضعوا من لبان ثقافته، وأعطوه ‌ولاءهم كاملا ؛ ومن ثم تنكّروا لدين الأمة وعقيدتها وقيمها وهويتها ، ومعظمهم لا يجرؤون على الإفصاح عن ذلك، خشية أن يفتضح أمرهم، لعلمهم بطبيعة تديّن عامة المسلمين، ورفضهم المطلق لما يتبنّونه من معتقدات فاسدة كاسدة، فتراهم يلجئون إلى ‌اعتماد ‌أساليب الخداع والتمويه والمراوغة والنّفاق، فيتظاهرون بالانتماء إلى دين الأمة، وفي الآن ذاته يحملون معاول لهدمه وتقويض أراكينه، فتُكذِّب أفعالهم وسلوكاتهم أقوالهم {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون} [آل عمران:167] ، لكن شرذمة منهم أبوا إلا أن يكشفوا عن خبيئة نفوسهم وعمّا هم عليه من زيغ في الاعتقاد وانحراف في التصوّر، فلم يدّعوا الانتماء إلى دين الأمّة ولو في الظّاهر، بل تجاسروا على النّيل منه والتّهجم على ثوابته والإساءة إلى مقدّساته علانية في أكثر من مناسبة ، فكم سمعنا منهم وقرأنا ما خطّته وتخطّه أقلامهم الجامحة في هذه السّنوات العجاف من تهجّمات على الإسلام عموما، وعلى نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الملائكة الأطهار، وغير ذلك من زندقة وإلحاد…

وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه الزّمرة من دعاة الباطل والغواية ، ووصفهم بأنهم (دعاة على أبواب جهنم) ، وذلك في الحديث الذي أخرجه الشيخان -واللفظ للبخاري- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : «كان النّاس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني ، فقلت: يارسول الله، إنّا كنا في جاهلية وشرّ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شرّ؟ قال : “نعم” . قلت: وهل بعد ذلك الشرّ من خير؟ قال : “نعم وفيه دَخَنٌ”. قلت: وما دَخَنُهُ ؟ قال :” قوم يَهْدُونَ بغير هَدْيِي، تَعْرِفُ منهم وَتُنْكِر” . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شرّ؟ قال : ” نعم، دُعَاةٌ على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها” . قلت: يارسول الله، صفهم لنا ، فقال: “هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا“…» .

ومن أبرز السمات والصفات التي يعرف بها الدعاة على أبواب جهنم -وخاصة في أيامنا- التّطاول والتّجاسر على النّيل من دين الإسلام ومقدّساته …

واستمرارا لمسلسل الحقد والعداء لديننا الحنيف، وإمعانا في استفزاز المسلمين وجرح مشاعرهم بالتّطاول على النّيل من مقدّساتهم من طرف فئة مخذولة من بني جلدتنا ، قامت امرأة مغربية علمانية ملحدة -كما اعترفت بعظمة لسانها، والاعتراف سيد الأدلة – تدعى (إ.ل) بنشر تدوينة، تجرّأت فيها على ما لم يتجرّأ عليه معظم أهل الزّيغ والضّلال الذين لا يملكون إلا مؤهّل الحماقة والجرأة على الولوغ في الثّوابت والمقدّسات، فتجاسرت -بكل وقاحة وخسّة ونذالة وصفاقة- على محاولة النّيل من أقدس مقدّسات المسلمين (الذات الإلهية) ، إذ ظهرت متباهية بقميص أسود يحمل عبارة فيها إساءة إلى الذات الإلهية المقدسة واستهزاء بخالق البرية سبحانه وتعالى

لقد وصفت هذه الجانية رب العزة جل جلاله بأقبح وأسوأ مما وصفه به اليهود الذين قالوا : {يد الله مغلولة} إذ كتبت على قميها الأسود عبارة خبيثة، ‌تهتزّ ‌لها الأرض استنكاراً واستقباحاً واستهجاناً، وهي (IS LESBIAN الله) ‼‼

وقد خلفت تدوينتها الشّنيعة موجة احتجاجات غاضبة جدا على مواقع التواصل الاجتماعي، ومندّدة بفعلها الإجرامي، ومطالبة بمتابعتها ومؤاخذتها بالعقوبة الزّاجرة الملائمة لعظم هذا الجرم وخطورته وشناعته…

وقد تفاعلت الفرقة الوطنية للشّرطة القضائية مع الاحتجاجات الغاضبة للمواطنين المغاربة وشكاياتهم، فأوقفت المعنية بالأمر يوم الأحد الماضي [10 غشت 2025]، وأخضعتها للأبحاث القضائية التمهيدية، في أفق اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقها، حسب مقتضيات (الفصل 5-267) من القانون الجنائي التي تحمي ثوابت الأمة الجامعة المنصوص عليها في الفصول (1 و 7 و 175) من الدستور المغربي، وعلى رأسها (الدين الإسلامي) .

وينص الفصل 5-267 على أنه (يعاقب بالحبس من ستّة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 20000 إلى 200000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أساء إلى “الدّين الإسلامي” أو النظام الملكي، أو حرض ضد الوحدة الترابية للمملكة) و (ترفع العقوبة إلى الحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 50000 إلى 500000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الأفعال المشار إليها … بكل وسيلة تحقّق شرط العلنية، بما فيها الوسائل الإلكترونية، والورقية، والسمعية البصرية) .

وما أن شاع خبر إيقاف هذه الجانية المتطاولة على (الذّات الإلهية المقدسة) حتى انبرت فئة قليلة مخذولة من غلاة العلمانيين والعلمانيات ببلدنا للدفاع عنها، ومحاولة تسويغ جريمتها النّكراء، بادّعاء أن ما صدر عنها من إساءة للذّات الإلهية -عن سبق إصرار وترصد- يدخل في باب الحقّ في إبداء الرأي المخالف، ويندرج في إطار حرية التعبير ، وفي طليعتهم زعيمهم المعروف، رأس الفتنة، الذي بلغ الذّروة في التّطرّف العلماني والغلوّ اللاديني، والذي له سوابق عديدة في الإساءة إلى مقدّسات الأمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: وصفه رسائل نبي الرحمة والإنسانية إلى الملوك والأمراء بأنها “رسائل إرهابية”

وإن دفاع هؤلاء المتواطئين على العبث بثوابت الأمة والاستهزاء بمقدّساتها عن هذه المجرمة، ومحاولتهم -عبثا- تسويغ جريمتها البشعة النّكراء بمسوّغات واهية فارغة داحضة باطلة، ليدلّ أولا على جهلهم أو تجاهلهم بحدود حرّية التعبير وبضوابط ممارستها الموجودة في كل قوانين الأرض، والتي سنخصّص لها مقالا مستقلا ، ثم إنه ليشجّع ويحرّض على الاستمرار في التّجاسر على النّيل من مقدّسات المسلمين بل ومن أقدس المقدّسات (الذات الإلهية) ، كما أنه يسهم في إثارة فتن عمياء صماء، وفي تقويض أركان الأمن المجتمعي …

هذا، ولمّا كان الجنابُ الإلهي المقدّس أكرمَ وأجلَّ وأشرفَ وأعظمَ من أن يجري عليه إلا ما يؤذن بالتّعظيم والتّقديس والإجلال ، فقد أطبق علماء الإسلام -خلفا عن سلف- على أن من بدر منه من قبيح الكلام ما يقصد به الانتقاص والاستخفاف من الباري جل وعلا، فقد خرج من الملّة، لقول الله تعالى { قل أَبِاللَّه وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [التوبة: 65 – 66] . ومن المعلوم أن التكفير المطلق لا يستلزم ‌تكفير ‌‌الْمُعَيَّن، إلاّ إذا وُجِدَت الشّروط وانْتَفَت الْموانع…

وعلى كل حال، فالواجب على الجهة المختصة أن تكون حازمة وصارمة في التعامل مع هذا النوع من الجرائم الخطرة، وأن تعمل يد الشدّة في إقفاء هذه الجانية ومؤاخذتها بالعقوبة الرادعة الزاجرة المانعة، آخذة بعين الاعتبار عند تقرير العقوبة -وهي فاعلة بلا شك- مختلف ظروف تشديد العقوبة ، سواء ما تعلق منها ب(الجانية)، من سبق الإصرار والترصد ، وإعلان الجريمة والمجاهرة بها … أو ما تعلق منها ب(الجناية) من حيث عظمها وشناعتها، ومن حيث خطورة الأثر المترتب عليها وجسامة الضرر الناجم عنها ، فلا بد من مراعاة التّناسب والملاءمة بين العقوبة المقررة والجناية المقترفة، ضمانا لعدالة العقاب، وتلافيا لما قد يقع من استهانة بالجناية

ومن ظروف التشديد التي يؤخذ بها في تقدير العقوبة أيضا : (حال المجني عليه) ، فإذا كانت العقوبة تُشَدَّد على المُسيء إلى ذوي الهيآت والصيانة والعلم والسلطان من الناس ، فكيف إذا كانت الإساءة إلى أقدس المقدّسات، إلى ربّ الناس وخالق الأكوان جلّ جلاله ؟ لا شك أنها يجب أن تكون شديدة وقاسية، ومحقّقة للرّدع بنوعيه: الخاص والعام ، فلا مجال للتساهل أبدا بحال مع هذا النوع من الجرائم الكبرى ..

 وليعلم الجميع أن الإساءة إلى مقدّسات المسلمين خط أحمر …

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة