نهاية “الهاكا”

هوية بريس – أبو الفضل الزموري
أُحدثت الدولةُ الهيئةَ العليا للاتصال السمعي البصري المعروفة اختصارا بـ”الهاكا” بشكل عام للإشراف على احترام:
“القيم الأساسية للمجتمع ومراقبة تنفيذ القوانين والقواعد المتعلقة بقطاع الاتصال السمعي البصري، بما في ذلك المحتوى، كما تسهر على حماية حقوق الأطفال والجمهور الناشئ من المخاطر الإعلامية، وتعزيز التربية الإعلامية، واحترام أخلاقيات المهنة” وذلك في إطار فضاء حر ومتعدد وشفاف.
وقد دأبت الهيئة الممولة من دافعي الضرائب المغاربة على الانفتاح على جمهور المنتوج السمعي البصري من خلال فتح باب تلقي الشكايات على مستوى بوابتها الرسمية على الأنترنيت بخصوص أي خرق أو مساس بالضوابط والقيم الجاري بها العمل في الميدان.
وفي سياق متصل، قامت القناة الثانية المغربية ببث سهرة صاخبة في إطار مهرجان العار:
“موازين” للمدعو “طوطو” مباشرة إلى بيوت المغاربة، تضمنت ألوانا من أقذع العبارات والألفاظ السوقية الخادشة للحياء العام والماسة بالقيم الدينية والأخلاقية الأصيلة للمجتمع المغربي.
وقد انبرى المغني المذكور، المعروف ببذاءة لسانه وتعاطيه المخدرات وصِلاته وخطاباته الشاذة على مواقع التواصل الاجتماعي، على خشبة الغناء مرتديا بذلة رياضية تحمل وسم سلكوط (sale gosse) أي الغلام القذر،
لإلقاء بِسَيل من المقاطع والألفاظ والصخب في أبهى لوحة من العفن “الفني” لاهبا حماس جمهورٍ سوادُه الأعظم من المراهقين.
وقد اشتكى الكثير من أهل الغيرة على قيم البلد للهاكا من هذا السلوك المدمر و الشاذ في المجتمع المغربي المسلم، والذي تولى كبره العديد من الشركاء من الممولين ومهندسي مهرجان موازين والقناة الناقلة،
إلا أن جواب الهاكا كان صادما ومتخاذلا، حيث “أقرت” ضمنيا أن الأمر يتعلق بالإبداع الفني، ثم لاذت باليافطات المعروفة المستهلكة من الحرية والشفافية والتعددية الثقافية والحقوق … معلنة بذلك نهاية الرقابة الأخلاقية على العروض المُخلة في الإنتاجات السمعية البصرية الموجهة للشعب المغربي وفاتحة المجال والتشجيع على مصراعيه للنطيحة وما أكل السبع للعبث بالفضاء السمعي البصري المغربي.
لذا نساءل الهيئة العمومية المخوَّل لها حماية الذوق العام والخصوصية المغربية، بصفتنا دافعي الضرائب ومواطنين مسلمين مغاربة:
– كيف تحرصون في جل قرارتكم وتنبيهانكم على تبجيل الإملاءات المشبوهة لمؤسسات وهيئات الغرب المنافق، التي تتغيَّى تدمير وتفتيت الأسرة المغربية وإفساد الجيل الصاعد،
فيما تلوذون بصمت القبور أو لغة تبريرية خشبية لم تعد تنطلي على أحد حينما تُداس القيم الدينية والأعراف المغربية الأصيلة على القنوات الرسمية العمومية؟
– ما هي الحدود المرعية المرسومة في قوانينكم الداخلية، المفروض اتباعها لضمان فرض احترام المحتوى المقدم في وسائل الإعلام للأسرة المغربية؟
وإلا فما قولكم إذا أغرق المعني بالمقال في استهلاك المخدرات ثم أقدم على كشف عورته المغلظة على الخشبة أمام الجمهور المغربي؟
– أليس من المنكر البواح والظلم الصارخ أن يفتح المواطن المغربي تلفاز بلده في بيته وبين أبنائه على حالة تمثل أسوأ مثال لشاب مدمن بذيء اللسان وهو يتقيأ أقذر الألفاظ وينفث إيحائاته السوقية الرخيصة،
ثم تنبرون بعد شكوى المواطنين للاعتراف بحقه والدفاع عن حريته باسم “الفن”؟
– ألا تخشون من مسؤولية تحويل جيل كامل من المراهقين لجيش من المدمنين الجانحين، المتمردين على الدين والقيم والدولة، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؟
– ألا ترون أن تهميش القدوات الصالحة المصلحة وتصدير التافهين في المجامع نذير شؤم على الأمة، وينذر باستعلاء وفشو المنكرات والتطبيع مع الفواحش؟
– أليست الدولة التي تحرص على تقييد وتوجيه خطبة الجمعة باعتبارها المنبع الأسبوعي السامي للتخليق والإصلاح وتفرض تنفيذ خطة الخطبة-البدعة بالنقطة والفاصلة على الأئمة الخطباء هي التي تتجاهل بفجاجة شكايات المواطنين المنافحين عن دينهم وقيمهم، بداعي الحرية والحياد والشفافية؟
ألا يعني هذا حرية في الفسوق وتقييد وقهر في الإصلاح؟
ألا يؤشر استباحة فضاء البث بالبلاد وإحجام هيئة الرقابة عن صد أهل الفسوق والإفساد على إيذان بنهاية صلاحيتها؟
– أما آن الأوان للتيار العلماني التغريبي المستأسد في كافة مفاصل الدولة أن يرجع عن غيه، ويتقي الله في شباب أمته وذخيرة غده؟
أليس منكم رجل رشيد يصلح ما أفسده المفسدون؟
ألم تسمعوا نداء أمير الشعراء:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت///فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا،
اللهم إني قد بلغت. اللهم فاشهد.



