نهر السند.. هل يشعل الماء الحرب النووية بين الهند وباكستان؟ (أصل الحكاية)

29 أبريل 2025 21:30
الجيش الباكستاني: مستعدون الذهاب لأقصى حد ممكن بخصوص كشمير

هوية بريس – إحسان الفقيه

في وقتٍ يزداد فيه التوتر الجيوسياسي في آسيا، ويضيق فيه الخناق على الموارد الطبيعية، عادت قضية “نهر السند” لتتصدر المشهد بين الجارتين النوويتين: الهند وباكستان.

هو ليس صراعًا جديدًا، بل حلقة متجددة من مسلسل بدأ منذ عقود، ويبدو أنه يقترب من ذروته.

– حضارة عريقة… وانحراف عقدي

الهند، أرض الحضارات القديمة، قدمت للعالم الكثير من الفنون والعلوم، لكنها بقيت أسيرة موروثات عقدية واجتماعية عجيبة.. مثل:

عبادة البقر، والفئران، والأنهار، والنار، والكتب،

شكلت مظاهر متطرفة لغياب التوحيد ووضوح العقيدة.

بل بلغ الأمر أن قُدمت الفئران كآلهة تُعبد، وتُمنع مكافحتها حتى وإن أتت على المحاصيل وسببت المجاعات للناس!

أما المرأة، فقد كانت في ظل هذه المعتقدات ضحية منظومة قاسية؛ تُباع وتُشترى، ويُقامر عليها، ويتشارك فيها أكثر من رجل.

أما الطبقية، فقد بلغت حد تصنيف الفقراء بـ “المنبوذين” الذين يُعامَلون كالبهائم، ولا يُكفّر عن قتلهم بتعويض ولا يُعاقب قاتلهم.
ووسط هذا الظلام، جاء الإسلام ليُحرر الإنسان من عبادة الخلق إلى عبادة الخالق.

لم يدخل الإسلام الهند بالسيف كما يُروّج، بل بالحكمة، والعدل، والرحمة، على يد القائد الشاب محمد بن القاسم الثقفي، الذي فتح أبواب السند وهو ابن 17 عامًا فقط.

وتوالت الممالك الإسلامية في الهند، بدءًا من سلطنة دلهي، مرورًا بمغول الهند، إلى سلطنة البنغال والدكن والكجرات.

ازدهرت الثقافة، وانصهرت الأعراق، وتشكل نموذج حضاري مدهش امتد لقرون.

لكن الاحتلال البريطاني للهند قلب الطاولة.

استخدم سياسة “فرّق تسد” بإتقان.

غذّى الصراعات بين الطوائف، وساهم في إذكاء الكراهية بين المسلمين والهندوس، حتى أصبح الانقسام حتميًا.

وفي عام 1947، تَقرّر تقسيم شبه القارة إلى دولتين: الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وباكستان كملاذ للمسلمين.

كانت المأساة إنسانية بامتياز: أكثر من 12 مليون نازح، مئات آلاف القتلى، وآلاف النساء المغتصبات.

الخط الحدودي رُسم على عجل، بيد محامٍ بريطاني لم يعرف عن المنطقة شيئًا، لكن قراراته رسمت مصير شعوب كاملة.

كشمير: جرح لم يندمل

بقيت منطقة “كشمير” شوكة في خاصرة الطرفين.

تقاتلت الدولتان ثلاث مرات بسببها (1947، 1965، 1999)، وظلت المنطقة مقسّمة ومحاصَرة، بينما يعيش شعبها بين فكي كماشة.

وبعيدًا عن الحدود والدماء، كانت هنالك معركة أخرى تدور حول المياه.

“نهر السند” يعتبر شريانًا حيويًا لباكستان، حيث يوفر أكثر من 90% من مياه الزراعة.

وفي عام 1960، وُقّعت معاهدة مياه السند بوساطة البنك الدولي، ومنحت باكستان 70% من مياه النهر، مقابل 30% للهند.
وصمدت هذه الاتفاقية رغم الحروب، وكانت تُعتبر أحد أكثر الاتفاقيات الدولية استقرارًا.

ولكن في 23 أبريل 2025، فاجأت الهند العالم بإعلانها تعليق معاهدة مياه السند، وذلك بعد هجوم في كشمير اتهمت باكستان بالضلوع فيه.

القرار يُعد تصعيدًا خطيرًا، لأنه يحرم باكستان من مصدر حياتها الأساسي، ويضع الدولتين على شفير مواجهة غير محسوبة.
ومع التغير المناخي، وازدياد السكان، وتناقص الموارد، أصبحت المياه أداة ضغط سياسية.

وإذا ما تحولت إلى ورقة ابتزاز أو سلاح، فإن العواقب قد تكون كارثية، خاصة أن الطرفين يمتلكان ترسانة نووية.

الهند وباكستان ليستا فقط قصّة حدود أو تقسيم… بل قصة حضارات، عقائد، استعمار، دماء، ومياه.

ومع انهيار آخر خطوط التهدئة المائية، يُطرح السؤال المرعب:

هل يتحول نهر السند من شريان للحياة… إلى وقود لحرب نووية؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
14°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة