نَحْنُ أسعدُ الناس بسيدنا الحسين من القرآنيين
هوية بريس – د. الناجي لمين
رأيتُ على صفحة شيخ من شيوخ القرآنيين أن الأحاديث الواردة في فضل عاشوراء وُضعت للتغطية على جرائم بني أمية في هذا اليوم الحزين الذي سفك فيه دم الحسين.
وهذا تناقض صارخ، إذ أن تفاصيل استشهاد سيدنا الحسين إنما ثبتت بأخبار الآحاد أيضا، فلماذا الكفرُ ببعض الأخبار والإيمان بِبَعض:
فالواجب على القرآنيين الذين لا يثقون في خبر الآحاد أن يكتفوا بأن يقولوا: إن سيدنا الحسين رفض بيعة يزيد، وأنه استُشهِد في العاشر من شهر محرم بالعراق. فهذا هو المقطوع به والموثوق به على أصلهم في الأخذ بالمتواتر فقط. ولكن تفاصيل استشهاده، ومن الذي باشر قتلَه، فكلُّ ذلك لا ثقة به من حيث النقل، على أصل القرآنيين دائما، وليس على أصل علماء المسلمين. وكذلك كلُّ مناقبه رضي الله عنه التي سنبين بعضها في هذا المنشور لا يعترفون بها؛ لأنها ثابتة بخبر الآحاد.
أما نحن والعلماءَ جميعا عبر التاريخ فنعتقد أن ما صح سندُه من أحاديث في فضل عاشوراء يُعمَل به، ونرى كذلك أن الأحاديث التي فيها بعض الضعف يعمل بها في فضائل الأعمال. ونعتقد بنفس المنهج مع ذلك أن سيدنا الحسين هو سيد شباب أهل الجنة، وإحدى ريحانتَي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا. وكان رضي الله عنه يركب على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. ومرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر، فجاء مع أخيه سيدنا الحسن وهما يمشيان ويعثران فلم يصبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل وحملهما ووضعهما بين يديه، وتلا قول الله تعالى: “إنما أموالكم وأولادكم فتنة”.
ونحن والعلماء جميعا نؤمن بنفس المنهج أن الفئة التي باشرت قتلَه: مِن أتباع يزيد، وأن ابن زياد أمير يزيد هو الذي تولى كبر ذلك، حيث أرسل إليه جيشا بقيادة عمر بن سعد، وأعطى القائد تعليمات صارمة يجب عليه تنفيذها، وأن المسؤولية كاملة يتحملها يزيد.. (ينظر التفاصيل في الجزء الثامن من البداية والنهاية لابن كثير، طبعة وزارة أوقاف قطر). ولا نتهم جميع المسلمين، بأن نزعم أن الدنيا كلها تآمرت على سيدنا الحسين، بما في ذلك الصحابة الذين كانوا ما زالوا على قيد الحياة، وأنهم اخترعوا الأحاديث في فضل هذا اليوم للتغطية على الجريمة. فَفَضلُ عاشوراء ثبت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا رسول الله بأن فضله كان قبل ذلك. ومِن رسول الله نلتمس عقائدنا، ولا نلتمسها مِن أحداث وقعت بعد موته، كيفما كانت.
فلا نحن نرفض أحاديث فضل عاشوراء، ولا نحن ننكر ما وقع لسيدنا الحسين، مما صح سنده، أو أيدته الأمارات والشواهد وإن لم يصح سنده. وذلك كله طَرداً للمنهج الأصولي، وهو وجوب العمل بالظن الغالب.
والله أعلم.