نَعْي عالمٍ من غزة
هوية بريس – بسام بن خليل الصفدي
توفي الأحد (15 محرم 1446 الموافق 21/7/2024) الشيخ العلامة الأصولي الفقيه الدكتور سليمان بن موسى السَّطَري الغزي رحمه الله في خيمة النزوح في (دَير البَلَح) التي نزح إليها من بيته في مدينة غزة، توفي صابرا محتسبا بعد أشهر من الحرب والتشريد والقهر والألم.
ولد الشيخ عام النكبة 1948، ودرَس في جامعة الأزهر ومعهدها قديما (على عادة الغزيين في ذاك الوقت)، وترقى في مقاعدها حتى حصل على العالمية العالية في أصول الفقه، ثم رجع إلى غزة، ودرَّس في جامعتها الإسلامية الغرَّاء إلى أن تقاعد من سنوات، وهو من كبار علماء غزة، وأبرز المشتغلين فيها بالأصول، درَّس كتبه الكبار لطلاب الدراسات العليا وما دونها، وكان يُملي عليهم من حفظه، ويحفظ “منهاج” البيضاوي في الأصول، وشرْحَ الإسنوي عليه “النهاية”، وغيرهما. وكل من درس عليه وحضر له يشهد بحافظته النادرة.
ومع تمكنه في الأصول فهو عالم بالقراءات؛ يقرأ بالعشْر، ومتمكن في العربية؛ يحفظ ألفية ابن مالك، وكثيرا من المنظومات والأشعار.
وله اشتغال عظيم بالعلم والكتب، ومكتبته من أكبر وأجمل المكتبات الخاصة في غزة، زرتُها مع مجموعة من طلبة العلم، وله بها عناية عظيمة، حتى إنه -مع اتساعها وكفِّ بصره- يحفظ أماكن الكتب فيها كتابا كتابا، وولَعُه واعتناؤه بالكتب قديم معروف.
وله تصنيف مطوَّل في طبقات الشافعية جمع فيه الكتب المتقدمة وأرجو أن يكون أتمه قبل وفاته، وكذلك له شرح مطوَّل على “الأشباه والنظائر” للسيوطي أتمه من نحو سنتين، وكان يُعده للطباعة.
الشيخ السطري ركن من أركان العلم في غزة، وبقية من بقاياه الراسخة.
هديٌ صالح، وسمت حسن، وجلالة ظاهرة، وسيرة طاهرة، وسريرة نقية فيما نحسبه ولا نزكيه على الله.
رحم الله شيخنا وتقبله في الصالحين وأعْقَبَنا منه عُقبى حسنة.
الاثنين 16 المحرم 1446.