هذه توصيات ندوة “رابطة علماء المغرب العربي” حول مدونة الأسرة

14 يناير 2025 12:48

هوية بريس- متابعة

جاءت مدونة الأسرة المغربية لتكون مرآةً لهويتنا الإسلامية وقيمنا الوطنية الأصيلة، مستَمَدَّةً من الشريعة الإسلامية الغرَّاء التي تحرص على تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة.

ومع ذلك، فإن هذه المدونة تواجه اليوم تحديات كبرى، أبرزها الضغوط الدولية الرامية إلى فرض رؤى وقيم مغايرة لخصوصياتنا الدينية والثقافية.

وفي هذا السياق نظمت رابطة علماء المغرب العربي – فرع المغرب: ندوة علمية بعنوان: “مدونة الأسرة المغربية بين الأصول الشرعية والضغوط الدولية” بتاريخ 11 رجب 1446 الموافق 11 يناير 2025.

وقد سلطت الضوء على الأصول الشرعية التي تأسست عليها مدونة الأسرة، وبيان أهمية صونها في مواجهة محاولات التغيير التي تمسّ بمبادئنا وهويتنا. كما سعت إلى إبراز دور التشريعات المستمدة من الشريعة الإسلامية في ضمان استقرار الأسرة وحمايتها من التفكك، في ظل التحولات الفكرية والاجتماعية التي يعرفها العالم.

إن رابطة علماء المغرب العربي تؤمن بأن الحفاظ على المرجعية الشرعية في التشريع الأسري هو الضمان الحقيقي لاستمرار الأسرة المغربية في أداء دورها المحوري، وهذه الندوة تتطلع إلى أن تسهم في إبراز الحلول التي تدعم الهوية الإسلامية للمجتمع المغربي وتحصِّنَها من التأثيرات الخارجية.

المداخلة الأولى: للشيخ د حسن الكتاني:

وضع الشيخ حسن الكتاني موضوع الندوة في سياقه من خلال استعراض أبرز محطات إصلاح مدونة الأسرة منذ ظهورها، مع بيان المؤثرات المختلفة في مقترحات التعديل.

وركز على محطة 2004 التي صدر فيها الإعلان عن إصلاح شامل للمدونة بإشراك العلماء والقضاة والحقوقيين، إذ تضمن هذا الإصلاح مجموعة من التعديلات التي أثارت جدلا واسعا، ورآها الحداثيون خطوة مهمة نحو المساواة. كما أكد في مداخلته أن الجميعات النسائية والحقوقية لم تزل مستاءة من تعديلات المدونة وإصلاحاتها المختلفة، ولم تزل طامعة في أن تتطابق بنودها مع الطروحات العلمانية في قضايا الأسرة وعلاقة الرجل بالمرأة. وتوقف عند مشروع “إدماج المرأة في التنمية” منوها بردة الفعل التي أبدتها شرائح واسعة من المجتمع المغربي وفي طليعتهم العلماء والدعاة وكثير من جمعيات المجتمع المدني المتوجسة من هذا المشروع، والرافضة لأهدافه. وبين في الختام خطر تغييب العلماء عن سياق النظر في تشريعات المدونة تعديلا وإصلاحا.

المداخلة الثانية: للشيخ عبد الله أعياش:

والتي كانت بعنوان: “دور العلماء والأمراء في حفظ الدين”؛ بين فيها بالنصوص القرآنية والنبوية والشواهد التاريخية وظيفة العلماء والأمراء في الإصلاح وحفظ بيضة الدين؛ فهم الأدرع الواقية، والحصون المنيعة لثوابت الأمة ومقدساتها.

وفي هذا السياق نبه إلى ضرورة العناية بنشر العلم وتنشئة الأجيال عليه، وذلك من خلال حضوره في مناهج التعليم، وفي الأنشطة الإعلامية، وفي البرامج الثقافية والفنية، مع تشجيع أنشطة الكتاتيب ودور القرآن والحديث وسائر المؤسسات والجمعيات التي تعنى بقضايا الثقافة والتنمية. وختم بالتأكيد على عظم الأمانة المنوطة بالعلماء والأمراء، وهو ما يحتم عليهم حمل مشعل الإصلاح والدفاع عن مكتسباته، وتقريب المصلحين الصادقين الغيورين، والحذر من بطانة السوء.

المداخلة الثالثة: د حميد العقرة

وأكد الدكتور حميد العقرة في مداخلته التي هي بعنوان: “مخالفات مذهب الإمام مالك في مدونة الأسرة”: على المفارقة الشاسعة بين المدونات الفقهية باختلاف مذاهبها، وبين ما تقترحه التعديلات الجديدة من إصلاحات، واستعرض في هذا السياق جملة من مصنفات الفقه المالكي وموسوعاته مستغربا سبب العدول عن ثرائها الفقهي بما عالجته من فروع في قضايا الأسرة التي لا تكاد تحصى كثرة، والانصراف إلى بنيات الطريق بزعم التجديد ومواكبة المستجدات. وبين عددا من المسائل التي خالفت فيها المدونة مذهب الإمام مالك وإجماع الأئمة الأربعة، وألح في الختام على ضرورة العودة ببنود المدونة إلى حاضنة الفقه الشرعي خشية أن تنجذب إلى الحضيض العلماني.

المداخلة الرابعة: الشيخ محمد بحر الدين:

وجاءت مداخلة الشيخ محمد بحر الدين بعنوان: “أثر القوانين الوضعية على الأسر في الغرب” لتبصِّر المنبهرين بوهج الغرب ومدنيَّته بواقع الأسرة في الغرب؛ حيث تغيرت المفاهيم المرتبطة بالزواج والأسرة، وصار العيش المنفرد نمطًا بديلا عن تكوين أسرة، وضَعُفت العلاقات بين الأجيال، فكثير من كبار السن يعيشون بمعزل عن أبنائهم وأحفادهم، كما تراجع دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية والتربية.

إن واقع الأسرة في الغرب بلغ من التردي حدا تتمنى معه بعض الأسر الغربية أن تشملها عباءة تشريع المسلمين، وكفى بهذا الواقع بؤسا وشقاء أن تبحث فيه المرأة عن والد أبنائها الحقيقي في زمرة من معاشريها في السفاح.
وأكد الباحث حفظه الله أن تشريح الحالة الأسرية الغربية كفيل بأن يردع كل منصف عن التشوف إلى إملاءات الغرب وإغراءاته، ويجعله معتزا بتشريعاته السامية التي تصون الأسرة المسلمة في سياج من الطهارة والعفاف

المداخلة الخامسة: للدكتور حامد الإدريسي

وختم الدكتور حامد الإدريسي بمداخلة عنوانها: “أثر القوانين الوضعية في ارتفاع معدل الطلاق”، بين فيها جملة من المفاسد والآفات التي تتجرع مرارتها الأسرة المغربية بسبب ارتفاع نِسب الطلاق. واستعرض أهم الأسباب التي أسهمت في تنامي هذه الظاهرة عاما بعد عام، ومن ذلك: تيسير المساطير القانوينة للطلاق بتسهيل الطلاق الاتفاقي بين الزوجين، وتزايد طلبات التطليق للشقاق، إضافة إلى تغير النظرة المجتمعية للطلاق وتقبله اجتماعيًا، مع تأثير الثقافة الغربية على المفاهيم الأسرية.
وقدم الدكتور حامد أمثلة مؤكِّدة من واقع الطلاق ومشكلاته، استدعاها من مسار تجربته في الاستشارات الأسرية.

التوصيات:

وخلصت الندوة إلى التوصيات التالية:

1- على الجميع أمراء وعلماء استشعار عظم الأمانة الملقاة على عواتقهم تجاه دينهم وأمتهم ، وشدة السؤال عنها بين يدي الله غدا يوم العرض عليه .

2ـ إصلاح ما تم افسادة عن طريق الإهمال والتقصير أو عن طريق الخطأ، والرجوع إلى الحق فضيلة .

3- على العلماء نفض غبار الاستكانة والركون إلى الدنيا وبذل الوسع في نشر الحق والدفاع عنه .

4ـ على الأمراء تقريب المصلحين ودعمهم ، وإفساح المجال للصادقين المخلصين لنصح الأمة وتوجيهها لما فيه صلاح البلاد والعباد . وبالمقابل إبعاد المفسدين وعدم تمكينهم من الوظائف التي يكون لها أثر على قرارات عامة تضر الأمة –

5 ـ إصلاح مناهج التعليم والإعلام والفكر والثقافة وكل ماله أثر مباشر على البلاد والعباد.

6- إرجاع دور الريادة والإشعاع إلى المساجد لتكون منطلق الخير والإصلاح للأمة في معاشها ومعادها . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

7- خطر اعتماد هذه التعديلات بما فيها من مخالفات شرعية والتي ستلجؤ المجتمع إلى البحث عن حلول شرعية والتحاكم إليها بدل القوانين الوضعية المخالفة للشريعة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M