هذه قوة الخالق شاهدة على ضعف ووهن المخلوق..
هوية بريس – محمد بوقنطار
كتب يوما من سوالف الأيام على خرقة “نيشان” الكاتب عز الدين الهادف مستهزئا ساخرا بمن ربط الفيضانات التي عرفتها يومها مكة المكرمة بقضاء الله وقدره الذي لا راد له إلا هو سبحانه، معلقا في تنكيت وشماتة أن من ذهبوا هذا المذهب قد فروا إلى الأمام وتغاضوا عن الأسباب المادية الحقيقية الكامنة وراء المأساة، وأن ما تعرفه البنية التحتية لبلاد الحرمين من ضعف وعوز وتقليدانية كان هو السبب الرئيس في حصول الكارثة، وما دونه فرجم بالغيب واستقسام بالأزلام…
وسبحان الله ما هي إلا شهور قليلات مضت على ما وقع في بلاد الحرمين، حتى غرقت أمريكا تحت طائلة ما خلفته وراءها الأمطار الطوفانية التي صاحبت زفة العاصفة كاترينا، حتى صار الأمريكي لاجئا في دولته العظمى يفترش أرصفة أزقتها، وتأويه ليلا ملاعبها لينام في رعب وسغب وجوع، وهي من هي صاحبة ” الشان والمرشان” في مقام البنية التحتية والمجاري والأحواض تحت أرضية العملاقة، والتي لم تغن عظمتها ولا طول خطوطها ووسع مساربها من الله شيئا…
واليوم نرى كيف تحنذ أمريكا وقد شاء الله أن تشتعل نيران، ريحها لا تبقي وشهبها لا تذر، وهشيمها لواح للبشر، فأين يا ترى انجحرت أصوات وتباريح الذين ملأوا دنيانا بضجيج أمريكا التي لا تغلب ولا تقهر، بل وما فتئوا يسبحون بحمد قوتها، وينيبون لجبروتها ويخبتون لريادتها في إطفاء النيران وإشعال أخرى، وإنزال المطر هنالك، ومنعه هنا وهناك…
نعم إنها الحقائق الربانية تمشي بيننا أقدارها لتوقيع العدل وفرض منطق الانتقام من كل ظالم مفسد غير مصلح، تقلم أظافره، وتذكره بحقيقة ضعفه وخواره، وتهافت دعواه، وزعم أناه “أنا ربكم الأعلى“، بل وتذكر الناس جميعا بأنها مجرد مزاعم خاوية على عروشها، وخيالات بئرها معطلة، وقد ضرب الله مثلا لضعف الطالب والمطلوب هاهنا في مقام التحدي فقال سبحانه وتعالى”يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب“.
فسبحان الجبار المنتقم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون…