هستيريا المهرجانات وشعب النشاط… ارحموا الوطن

22 سبتمبر 2025 18:45
فيديو.. العنف ضد المرأة.. رؤية شرعية ومقاربة اجتماعية - د. أحمد اللويزة

هستيريا المهرجانات وشعب النشاط… ارحموا الوطن

هوية بريس – د.أحمد اللويزة

تابع الناس والعالم طيلة فصل الصيف حجم المهرجانات والمواسم التي تقام بأرض المغرب من طنجة إلى الكويرة، ومن المدينة إلى البادية، ومن السفح إلى الجبل، ومن البر إلى البحر، الأمر الذي صار يشبه الهستيريا والمنافسة غير الشريفة طبعا في تنظيم هذه التظاهرات التي لا قيمة لها، ولا تقدم نفعا إلا مزيدا من التبذير والتخدير. وللإشارة فإن مهرجانات المغرب لا تتوقف لا صيفا ولا شتاء، غير أنها تزداد حدّة وانتشارا في الصيف.

وإن من يراقب هذه الحالة المغربية ويتابعها من قريب أو بعيد يُخيّل إليه أن المغرب وصل مستوى من الرفاهية والاكتفاء والاغتناء الذي جعله يعيش حالة من الزهو والنشاط، وأن تُنفق حكومته بسخاء من أجل أن ينشط شعبه ويمرح، هذا الشعب الذي يقهرك بالشكوى طيلة السنة، يشكو من كل شيء؛ من فساد الصحة والتعليم والخدمات والإدارة والغلاء… لكنه حاضر بقوة في المهرجانات، يتفرج على أموال تُهدر بالملايين والمليارات، يغني مع المغنين ويرقص مع الراقصين، ثم يصبح على وقع الصدمة ليعود مرة أخرى إلى بلية الشكوى.

وإنني أتعجب من شعب ينغمس في اللهو إلى حد الثمالة، ويرى أموال الصناديق التي تشح على الإنفاق فيما يفيد تُهدر سخية في الإنفاق على التفاهة وما لا يفيد… كيف يحلو له أن يرقص على جراحه دع عنك جراح الأشقاء؟ كيف وصل به الحال إلى هذه المهانة وهذه الغيبوبة التي لا يستفيق منها إلا وهو في مستشفى لا يجد فيه الدواء ولا جهاز الكشف، أو هو في السوق تصدمه الأسعار الملتهبة، أو هو يبحث عن عمل فلا يجده، أو غير ذلك من مصائب الحياة، لأن المسؤولين ليس لديهم الأموال التي تشتري لوازم الصحة أو تسعى في تخفيض الأسعار أو توفير فرص الشغل أو… أو… لكن لديها فقط أموال المهرجانات والمواسم.

أجدني أحيانا لا ألوم المسؤول، وألوم المواطن الذي يعيش القهر، لكنه مستعد ليملأ الساحات ويلتف حول المنصات ويقف بالساعات ليتفرج على أمواله التي يدفعها في الضرائب تُبذّر تبذيرا وتوزع على فناني التفاهة ومرتزقة المهرجانات والمواسم… فكيف يستسيغ هذا المواطن أن يطالب بترشيد الإنفاق وهو شريك في الاستهتار؟ يعطي للمسؤول الحجة والمسوغ على هذا العبث بالمال العام، ما دام المواطن راضيا، راقصا، ناشطا، مسرورا، مُغيّبا، مخبولا.

إن هذا الواقع لا يصنع إلا وضعا هشا، لا شعبا ولا دولة. فإن الدول تُبنى بالجد والحزم، لا يبنيها التافهون والراقصون والمغنون والسفهاء. وقد حرّم الإسلام تمكين السفهاء من الأموال لسوء تصرفهم وعدم تقديرهم للمال الذي هو قوام الحياة في قوله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما}. وأي سفه ونحن نسمع ونقرأ عن حجم الأموال التي تقترضها الحكومة فإذا بها تُبذّر في هذه التفاهات وتُنثر على رؤوس التافهين والتافهات!

لقد ثبت في التاريخ أن الدول قامت على التضحيات والجد والعمل النافع في مختلف المجالات، وما سقطت تلك الدول إلا بسبب عبث العابثين وسيطرة المجون واللهو والغناء وليالي الملاح… فالعجب كل العجب من أمة تعيش في درك التخلف، تريد أن تنهض بما هو سبب الانحطاط. هذا إن كانت في القمة، فكيف وهي في القاع أو دونه… واقع إن دلّ على شيء فإنما يدل على فقدان البوصلة، وأن هناك من يمكر بهذا الوطن حتى لا ينهض إلى الأبد.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
12°
19°
السبت
19°
أحد
19°
الإثنين
20°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة