هل تخلّت وزارة الأوقاف عن صيانة مساجد المملكة؟!

26 أكتوبر 2025 11:11

هل تخلّت وزارة الأوقاف عن صيانة المساجد؟!

هوية بريس – متابعات

تعيش كثير من المساجد بعدد من مدن المملكة، خاصة في الأحياء الشعبية، وضعا مزريا وغير لائق بحرمة بيوت الله التي يفترض أن تكون عنوانا للنظافة والجمال والسكينة. فالمشاهد التي تنقلها أعين المصلين يوميا في مدن كبرى كالدار البيضاء وسلا وفاس ومراكش وغيرها، تكشف عن تراجع مهول في صيانة المساجد وتجهيزاتها، في وقت يفترض أن تكون وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على رأس المؤسسات المعنية بحماية هذه الفضاءات من التردي والإهمال.

في كثير من المساجد، لم تجدد الزرابي منذ ما يزيد عن عقدين، أي أكثر من عشرين سنة، حتى صارت بالية تفوح منها روائح كريهة تعيق المصلين عن الخشوع. الألوان بهتت، والأطراف تمزقت، والغبار صار جزءا من الزخرفة. أما المراحيض وأماكن الوضوء فحالها أكثر سوء؛ فالرطوبة، وانسداد المصارف، والروائح النتنة، مشاهد يومية باتت مألوفة في عدد من المساجد، رغم الشكاوى المتكررة من المصلين إلى القيمين المحليين، ونحن هنا نتحدث عن المدن الكبرى لا المدن الصغرى ومساجد البوادي؛ فهذه وضعها يفوق الوصف.

المفارقة أن مكبرات الصوت، وهي عصب التواصل بين الإمام والمصلين في الصلوات الجهرية والتراويح، لم تسلم هي الأخرى من الإهمال. في عدد من المساجد، لا يكاد يسمع صوت الإمام بوضوح، خصوصا في الصلوات الرمضانية، ما يضطر المصلين في الصفوف الخلفية إلى الاجتهاد في متابعة الركوع والسجود دون أن يسمعوا تكبير الإمام بوضوح. ورغم بساطة إصلاح هذه الأجهزة، إلا أن طول الانتظار وعدم تدخل المصالح التقنية التابعة للوزارة يضاعف المعاناة.

الأدهى من ذلك أن المصلين يلاحظون بوضوح الفرق الشاسع بين وضع المساجد في الأحياء الشعبية وتلك الواقعة في المناطق الراقية أو القريبة من الإدارات المركزية بالعاصمة الرباط. فبينما تخصص لهذه الأخيرة ميزانيات سخية للتنظيف والحراسة وتجديد الأفرشة والطلاء بشكل دوري، تظل مساجد الأحياء الفقيرة تصارع الإهمال وقلة الموارد، وكأن العناية ببيوت الله أصبحت تخضع لمنطق الطبقية الدينية.

وأمام هذا الغياب الفادح وغير المبرر، اضطر عدد من المصلين في الأحياء الشعبية إلى أخذ زمام المبادرة بأنفسهم، فصاروا يجمعون التبرعات والإحسان العمومي لتغطية تكاليف صيانة المسجد، من تنظيف وإصلاح الزرابي والمراحيض وتغيير مكبرات الصوت، في مشهد مؤسف يعكس استغناء قسريا عن دور الوزارة المفترض، رغم أنها تتوفر على ميزانية ضخمة للغاية.

هذا الوضع يطرح تساؤلات جدية حول دور المندوبيات الإقليمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ومدى مراقبة الهيئات المختصة لعملها ومحاسبتها على التقصير في أداء الواجب. فكيف يعقل أن تترك بيوت الله في هذه الحالة، بينما الموارد المالية متوفرة، والأطر الإدارية موزعة على مختلف الجهات؟

وفي مدن عديدة، لا تزال مساجد مغلقة منذ سنوات دون أن تفتح أبوابها للمصلين، رغم جاهزيتها الظاهرية. وتبرر وزارة الأوقاف هذا الوضع بأن الشركات المكلفة بالبناء لم تسلم المشاريع النهائية أو لا تزال في نزاع قضائي، غير أن المواطن البسيط يرى في ذلك تهاونا غير مقبول، لأن النتيجة واحدة: آلاف المسلمين يحرمون من أداء الصلوات في جماعة، ويضيع عليهم الأجر العظيم الذي وعد به النبي ﷺ في قوله: “صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة”.

يبقى السؤال المطروح: من يتحمل مسؤولية هذا الإهمال؟ هل الوزارة التي تتوفر على ميزانية ضخمة لتدبير الشأن الديني، أم المديريات الجهوية التي تتذرع بعجز الموارد؟

المواطن يريد جوابا صريحا وأفعالا ملموسة، لا بيانات تبريرية. فالمسجد ليس بناية عادية، بل هو مركز الحياة الروحية للمغاربة، وصيانته ليست منة بل واجب شرعي ووطني.

إن بيوت الله تنادي اليوم بصوت مبحوح: أنقذونا من الإهمال. فهل من مجيب في وزارة الأوقاف؟

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
19°
السبت
20°
أحد
20°
الإثنين
19°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة