أثار الموقف السعودي من ملف المغرب استضافة كأس العالم لعام 2026، سخطا واسعا في الشارع المغربي، حتى وصفه بعضهم بالصدمة التي لم تكن متوقعة.
واصطفت السعودية إلى جانب الملف الثلاثي الأميركي المكسيكي الكندي على حساب الملف المغربي، بل استبقت السعودية عملية التصويت يوم الأربعاء بحملة واسعة لصالح الملف الثلاثي، وهو ما فهمه المواطنون المغاربة الذين كانوا يأملون أن يظفر بلدهم بشرف استضافة المونديال، بعد فشل أربعة ملفات، بأنه طعنة من الخلف من حليف إستراتيجي لبلدهم.
وصوتت سبع دول عربية لصالح الملف المشترك بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وهي السعودية والبحرين والإمارات والعراق والأردن والكويت ولبنان. وبالمقابل، صوتت 13 دولة عربية لصالح المغرب هي الجزائر وقطر ومصر وليبيا وفلسطين وتونس وسلطنة عمان واليمن والسودان وموريتانيا وسوريا وجيبوتي والصومال.
ووجّه مغردون مغاربة انتقادات حادة للسعودية التي فضلت مساندة الملف الثلاثي على حساب ملف المغرب.
علاقة إستراتيجية
لكن إلى أي حد يمكن للموقف السعودي أن يؤثر في العلاقات الثنائية بين البلدين؟ هذا السؤال يحاول النائب في مجلس النواب المغربي عبد الله هامل (حزب العدالة والتنمية) الإجابة عليه، ويؤكد في تصريح للجزيرة نت أن التصويت كان سياسيا، وأن السعودية ربما رأت أن الملف المغربي لن يظفر بتنظيم المونديال حتى بعد منحه الصوت السعودي والدول العربية الأخرى فقررت تسجيل موقف إلى جانب الولايات المتحدة حليفتها الإستراتيجية.
وأضاف أن ما يحكم العلاقات الثنائية بين البلدين يتجاوز ما هو رياضي، إلى شراكات إستراتيجية، ومن الصعب أن يؤثر فيها موقف عابر، والأساسي بالنسبة للمغرب هو عمق العلاقات الإستراتيجية، واستمرار الدعم في الملفات ذات الأولوية، كما هو الشأن للقضية الوطنية الأولى عند المغاربة، وهي قضية الصحراء.
ويتضح من سيل الانتقادات الموجهة لموقف السعودية من جانب الرأي العام المغربي، أن موقفها وضعها في حرج، وهو الوضع الذي كان يمكن أن تتفاده بالتصويت لصالح الملف المغربي ومواجهة الضغوط الأميركية.
وإذا كان الأصل يفرض أن ما هو رياضي مفصول عما هو سياسي، فإن التاريخ يؤكد أن العديد من المنافسات الرياضية كانت السياسة حاضرة فيها، وهو الرأي الذي يؤيده أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بمدينة وجدة المغربية خالد شيات، ويرد في ذلك أمثلة مقاطعة عدد من دورات الألعاب الأولمبية كالتي حدثت سنة 1980 عندما قاطعت الولايات المتحدة الألعاب الأولمبية في روسيا احتجاجا على الحرب السوفياتية في أفغانستان.
السياسة مواقف
وأضاف شيات أن تصويت السعودية لصالح المغرب كان سيرفع عنها الحرج، ويعطي في المقابل درسا لدونالد ترامب، على إقحامه السياسة في مجال الرياضة من خلال الضغوط التي مارسها مسبقا، وكان سيكون موقفا شجاعا، كما حدث مع الموقف الذي اتخذته عدد من الدول في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن نقل الولايات المتحدة لمقر سفارتها في إسرائيل إلى القدس، عندما أعلنت هذه الدول صراحة رفضها للقرار رغم التهديدات المكتوبة التي نقلتها سفيرة ترامب في الأمم المتحدة إلى ممثلي هذه الدول.
ويعكس الموقف السعودي من الملف المغربي التحول الواقع في السعودية نفسها، وفي هذا الإطار كتب عادل بنحمزة العضو البارز بحزب الاستقلال المغربي (معارض)، تدوينة مطولة قال فيها إن الموقف السعودي يمكن اعتباره “طبيعيا” بالنظر إلى التحولات التي عرفتها السعودية منذ وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهيمنة ولي العهد الحالي محمد بن سلمان على كل مفاصل الدولة. الجزيرة نت