هل قطع بنكيران “شعرة معاوية” مع القصر.. أم أن هناك من يريد ذلك؟!
هوية بريس – نبيل غزال
الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة المعين أمام أعضاء المجلس الوطني لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمعمورة، كان لها ما بعدها، حيث وقف عندها مليا الخصوم السياسيون، والمعارضون الأيديولوجيون، وعدد من المنابر المعروفة بتحاملها وتوجهها العدائي، لا لحزب العدالة والتنمية فحسب، بل لكل من ينتمي للمرجعية الإسلامية من قريب أو بعيد.
حتى نفهم ما وقع، ماذا قال عبد الإله بنكيران بالضبط؟
قال بالحرف وبالدارجة المغربية أيضا: “ميمكنش يمشي الملك ديالنا باش يفرج كربات ديال بعض الشعوب الإفريقية، ونهينو الشعب المغربي، هذه إهانة للشعب المغربي إلمحترمناش الإرادة ديالو الحقيقية، لعاوتاني خيبنا الأمل ديالو في تشكيل الحكومة ديالو، لهذا المسار يبدو مايزال طويلا، ربما تكون المراحل المقبلة صعبة، حنا غنتصرفو فيها بتصرف لي كيقتاضيه المسار لي مشينا فيه الآن حوالي 40 سنة، والذي والحمد لله جعل منَّا فاعلا أساسيا في الوطن“.
فإذا كان هذا التصريح واضحا بالنسبة للبعض، باعتباره تصريحا يحفز على الخروج من حالة “البلوكاج”، ويحث على ضرورة مواكبة العمل الملكي في العمق الإفريقي بعمل يوازيه داخل أرض الوطن، تقوم به الأحزاب المنوط بها تحمل المسؤولية السياسية والوطنية في كل ما يقع، خاصة وأن بنكيران كان واضحا في تصريحه حين انتقل من حديثه عن الملك إلى قوله “نهينو” بصيغة الجمع في إشارة إلى الأحزاب.
إذا كان الأمر واضحا بالنسبة للبعض كما أشرت، فإنه غير واضح بتاتا بالنسبة لآخرين، حيث لم يستنكف مدير نشر يومية “الأحداث” مثلا عن إعطاء تفسير واحد ووحيد لكلام بنكيران، بل أكثر من ذلك ادعى في افتتاحية يوم الإثنين 20 فبراير 2017، إجماع الموافق والمخالف على أن كلام بنكيران ذهب بعيدا في الالتباس، وأن الرجل “زرع في ذهن الشعب، في ذهن الإعلام، في ذهن المتتبعين، في ذهن كل من شاهد الفيديو، حيرة عظمى”.
منبر “كشك” التابع لمجموعة “آخر ساعة” التي أنشأها إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، اعتبر هو الآخر تصريح بنكيران لا يقل خطرا عن تصريح شباط، وتعبيرا عن غيظه من سياسية الملك في إفريقيا.
واستقى في هذا الإطار تحليلا نفسيا من خبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، ويتعلق الأمر بصبري لحلو، الذي خلص بعد تحليل “عميق ونافذ” أن “الصمت الذي أعقب الجملة الأولى من تصريح بنكيران دليل على شعوره بتدفق عقله الباطن، وخروج حقيقة ما يبطنه إلى العلن إزاء سياسة المغرب الجديدة في إفريقيا، وتضامن المغرب وتقاربه مع الدول الإفريقية، كما أنه غيظ من دور الملك كمحرك أساسي وعمود فقري لهذه الخطة”.
وأضاف: “وقد كان بنكيران طيلة مدة الصمت الطويلة وغير المعقولة بصدد البحث عن فكرة، أو رابط مموه يخفي ويغطي به الزلة دون أن يفلح. فما تفوه به بنكيران لا يقل خطورة عن تصريح شباط”.
يومية “الصباح” بحكم أن لها “حسابا كبيرا” مع بنكيران، فقد نشرت هي الأخرى على صفحتها الأولى لعدد اليوم الإثنين، “بنكيران يقطع شعرة معاوية مع القصر، حينما تفوه بكلام خطير، قارن فيه بين وضع الشعب المغربي بدون حكومة لمدة تجاوزت 4 أشهر، والتدخل الملكي في إفريقيا لدعم ديمقراطيتها الفتية”.
وفي مقابل ذلك، علقت ماء العينين، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، على حائطها الأزرق بأن “من يستمع إلى الكلمة دون اجتزاء ودون سوء نية يفهم أن ابن كيران تحدث بالكثير من الاحتفاء عن سياسة المغرب تجاه إفريقيا، وعن الأدوار الشخصية، التي لعبها جلالة الملك في ذلك، فضلا عن أدوار باقي المؤسسات والفاعلين” اهـ.
وبعيدا عن حالة التقاطب السياسي، والاحتراب الحزبي، والاصطياد في الماء العكر، ومنهج “مالك مزغب”، والدور القذر الذي تقوم به بعض المنابر الإعلامية الوظيفية، بعيدا عن كل هذه المشوشات التي تحول دون الوصول للحقيقة، فإن من أراد أن يعرف موقف بنكيران من الملك ومن سياسته في إفريقيا أو غيرها، فللأمين العام لحزب المصباح عشرات التصريحات والتسجيلات التي تكشف موقفه دون “التباس”.
وليس آخرها تصريحه في برنامج قفص الاتهام حين قال بالحرف لمنشط البرنامج: “المغاربة يلا بغا شي واحد يتخاصمو ليهم مع الملك ديالهم يبعدو مني أنا منصلاحش ليهم”.