هل نحتاج إلى مدونة أخلاقية تخص اليوتوبرز..؟
هوية بريس – يونس فنيش
نشهد في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة و تسيب شبه عام في اليوتوب من طرف بعض اليوتوبرز الذين يتهجمون على أطراف في قضايا مدنية أو جنائية جارية في المحاكم، قضايا أو دعاوى لا علاقة لها لا بالسياسة و لا بالإقتصاد و لا بالتجارة. يوتوبرز يتسلطون على طرف من الأطراف في قضية ما و يسبون و يشتمون و يتطرقون لأعراض الناس على الملأ ببشاعة لم يسبق لها مثيلا في تاريخ الإنسانية عبر كل العصور و الأزمنة.
كان في وقت مضى، ربما في سنوات الرصاص، الخوف من إبداء الرأي أو قول الحقيقة في بعض الأحيان منبعه القوة الشرعية، و أما اليوم فالناس قد يخافون من بعض اليوتوبرز، المشاهير الخواص مرتزقة الأدسنس بلا أدنى ضمير، و هو خوف حدته قد لا توازي مدى احترامهم للقوة الشرعية…
التشهير عبر اليوتوب أصبح، في ما يتعلق ببعض الحالات، حرفة تدر عائدات مالية خيالية بلا أدنى مجهود، ما عدا السب و القذف و الطعن في الأعراض بأبشع الطرق. نعم، القضاء موجود، ولكن الكلفة المادية و المعنوية لرفع دعاوى قضائية ضد التشهير المقرف و المقزز ليست ربما في متناول معظم الناس الذين قد يفضلون السكوت عن الحق أو الصمت حتى لا يتعرض أصولهم و فروعهم و أهاليهم الأبرياء للتشهير و السب و القذف بأبشع الأشكال التي لا تخطر على كل عقل إنساني سليم. و هكذا، في زمننا هذا قد يمتنع الكثير من العارفين ببعض القضايا عن نصرة المظلومين و المظلومات حتى لا يتيحوا الفرصة لهؤلاء مرتزقة الأدسنس من التسلط عليهم و على الأبرياء من أهاليهم.
و أمام هذا الوضع الجديد، الخوف كل الخوف في أن يتمكن هؤلاء مرتزقة الأدسنس، و الله أعلم، و كل ما تتيحه لهم قنواتهم الواسعة الإنتشار، في اليوتوب و غيره، من عمولات غير سليمة، و الله أعلم، من لدن بعض الأطراف المتنازعة، ربما، سواء أمام القضاء أو أمام الرأي العام، حيث يكفي لطرف أو لآخر من استئجار يوتوبز مرتزق بلا أدنى ضمير للنيل من غريمه أمام الملأ و إلحاق الضرر النفسي البليغ به؛ الخوف كل الخوف من أن يتمكن هؤلاء المرتزقة عديمي الأخلاق، إن وجدوا، بحكم تفشي هذه الظاهرة السامة، من تكميم جميع أصوات الحق و العارفين الأكفاء و لو استهدف مرتزقة اليوتوب هؤلاء المصالح العليا للوطن و مؤسسات الدولة بشتى الطرق المتحايلة و ما إلى ذلك…
و ربما أن المستهدفين و المستهدفات بالسب و الشتم و الطعن المباشر في أعراضهم قليلا ما يتقدمون بشكايات نظرا لبساطة أوضاعهم المادية و مخافة التصعيد من هجمات مرتزقة اليوتوب هؤلاء الذين لا ضمير لهم. و لذلك لابد أن يتكلف القانون بكل من تلفظ بكلمة سب واحدة في اليوتوب، أو غيره، في حق مغربي واحد أو مغربية واحدة و بغض النظر عن كل شيء، عن كل ما يتعلق بالمستهدف أو بالمستهدفة بالسب و الشتم، و دونما تقديم أية شكاية، و بمجرد أن يصل الفيديو حيث السب و الشتم إلى السلطات المعنية، و سيكون من الحكمة عدم التساهل و تطبيق أقصى العقوبات و مضاعفتها إن تعلق الأمر بكل يوتوبرز مرتزق بلا ضمير يسكن خارج المغرب، لأن القانون المغربي يهم جميع المغاربة و يطبق عليهم جميعهم، و لا يمكن السماح لكل من ظن أنه في حماية دولة أجنبية أن يرهب مغاربة الداخل عبر السب و الشتم، مهما كانت وضعية المستهدف أو المستهدفة بالترهيب عن طريق السب و الشتم و الطعن في العرض.
المغاربة يتحلون بأخلاق رفيعة و لابد للقانون المغربي أن يوفر كل السبل للسلطات من أجل القضاء على هذه الظاهرة اليوتوبرية غير السوية إطلاقا، و تفعيل سلطة الإنتربول للقبض على كل من سولت له نفسه استعمال الكلام الوضيع و السب و الطعن في أعراض الناس لمجرد أنه يسكن في الخارج. و بما أن لا توجد دولة في العالم تسمح بذلك، فمن السهل الحصول على التعاون اللازم من طرف الإنتربول لاستلام هؤلاء الذين يسيؤون لأخلاق المغاربة فلمجتمعهم و وطنهم، من أجل محاكمتهم و تطبيق أقصى العقوبات في حقهم و حبذا أن تكون مقرونة بالأعمال الشاقة جدا.
و أما المصيبة العظمى التي قد تحدث ربما في بعض الأحيان، أن بعض مرتزقة اليوتوب في الخارج منعدمي المروءة و الأخلاق و الضمير و الذين يحترفون السب و الشتم و الطعن في الأعراض، قد يشيعون ضمنيا و بطرق ملتوية، ماكرة و خبيثة، بأنهم مدعومين من الداخل فيقومون بتمجيد البعض على حساب البعض الآخر مدعين “الوطنية” لتوهيم متابعيهم الكثر بأنهم يناضلون من أجل الحق في حين أنهم يناضلون من أجل الكسب بأية طريقة و لو كانت غير سليمة، و في نهجهم هذا فتنة افتراضية شديدة قد تفضي لما لا يحمد عقباه على أرض الواقع…
صحيح أنه يمكن تخيل يوتوبرز صاحب شهرة يتكلم بكلام فصيح، أو على الأقل باللغة الدارجة، و لا يخرق القانون عبر السب و الشتم و التشهير بالناس و الطعن في أعراضهم، ولكنه يتلقى أموالا من هذا أو ذاك من أجل الدفاع عنه، هذا شيء من الممكن أن يحصل ربما، ولكن المهم أن كذا شكل من اليوتوبرز الذي ينصر من يدفع له أو من يدفع أكثر، إن وجد، مهما كان ذو عقلية مرتشية، يحترم على الأقل أخلاق المغاربة في العلن، و أما مصداقيته فلا تهم مادام القانون يحكم على الظاهر فقط، كما أن حق الرد يظل مكفولا للجميع.
ولكن أن تعم فوضى بلا حدود بالشكل الذي أصبحنا نراه في اليوتوب و مواقع تواصلية أخرى، فهذا من شأنه إحداث أضرار بليغة بالمجتمع كله، لأن الأمن و الاستقرار لا يخص كل ما هو مادي فقط بل أيضا كل ما هو معنوي، و إرهاب الناس عبر السب و الشتم و التطرق لأعراضهم بشكل فظيع من طرف أشخاص بلا ضمير لابد أن يكتسي الأولوية من طرف أجهزة الدولة التي لا تنام، و التي وفرت و ما زالت توفر للمغاربة الأمن و الإستقرار و السكينة العامة على أرض الواقع، ولكن اليوتوب أصبح واقعا أيضا لابد من معالجته بموضوعية لأنه لا يخرج من دائرة تطبيق القانون.
صحيح أن ربما أو في بعض الأحيان من له غيرة على وطنه أو من كان مظلوما و صادقا و لم يجد آذانا صاغية قد يلجأ إلى السب و الشتم، في حالة غضب، مع أن ذلك ليس نهجه و لا أسلوبه في الحديث، و في ذلك خطأ لا يجب أن يتكرر، و لذلك فمن الأفضل تفادي البث أو النشر المباشر في اليوتوب بالنسبة لمن له مشكل مع ضبط النفس، ولكن لا عذر لمن ينهج بشكل اعتيادي أسلوب السب و الشتم و الطعن في الأعراض متعمدا لترهيب خصومه أو لإرضاء، مثلا، من يدفع له مالا مقابل ذلك. فهل نحتاج لمدونة أخلاقية واضحة تخص اليوتوبرز لتقنين ذاك التعاقد الضمني مع المتابعين و عامة الناس ؟ و تحية عالية جدا للقراء الشرفاء الأعزاء.
ملحوظة: بطبيعة الحال لا للتعميم، لأن العديد من مشاهير اليوتوب يقدمون محتويات جادة و موضوعية و يساهمون في النقاشات العمومية بما ينفع الناس و بأخلاق عالية و بأسلوب جيد، هؤلاء نكن لهم كل الإحترام و التقدير.