هل يمكن الاحتكام إلى الولايات المتحدة الأمريكية في الصراع مع العدو الإسرائيلي؟
هوية بريس – ذ. محمد بادرة
– في عام 1918 اعلن رئيس الولايات المتحدة الامريكية ودرو ويلسون في رسالة بعثها الى زعيم الحركة الصهيونية الحاخام ستيفن وايز اعرب فيها عن تأييده لوعد بلفور المشؤوم.
– في عام 1922 صدر قرار عن مجلس النواب الامريكي يدعو الى نزع اراضي من الفلسطينيين ومنحها للعصابات الصهيونية.
– في عام 1930 تأسست ( منظمة الاتحاد الامريكي من اجل فلسطين) للدفاع عن تأسيس “وطن قومي لليهود”.
– في عام 1936 اصدر المؤتمر المسيحي–الامريكي اعلانا يدعوا المجتمعات “المتحضرة” الى مساندة (الفارين) من المانيا واوربا للعودة الى فلسطين “ملاذهم الطبيعي”
– في 14-05-1948 اعترف الرئيس الامريكي ترومان بقيام دولة الكيان الصهيوني.
ثم لتستمر بعد ذلك المواقف الداعمة للكيان الصهيوني المحتل وهو دعم لا محدود ومستمر اتخذ كل الاشكال من الدعم السياسي والمالي الى العسكري الى درجة ان كل الإدارات الامريكية لم “تبخل” على جيش الاحتلال بكل ما تنتجه المصانع الامريكية من اسلحة الموت والدمار التي قتلت ولا تزال تقتل الالاف من الاطفال والشيوخ والنساء الفلسطينيين وغير الفلسطينيين في مجازر لم تشهدها الانسانية من قبل وامريكا تبارك كل هذه المجازر الوحشية التي يقترفها الاحتلال بل وتعبرها انجازا استراتيجيا وهي لا تعير الاعتبار في هذه المجازر للأبرياء من المدنيين ولا للقيم الحضارية وكل مواثيق الامم المتحدة لحقوق الانسان ويجاريها في هذا الاجرام الوحشي المتديلين من الدول الاوربية صاحبة الماضي الاستعماري في الاجرام والعنصرية .
ان الكيان الصهيوني الغاصب يمارس افعاله بوحشية قصوى بفضل الدعم الامريكي القوي وهي الان في حرب غزة تشترك مع دولة الاحتلال من داخل غرفة عمليات اركان الدفاع الاسرائيلية في قتل وتهجير الفلسطينيين بأسلحة امريكية فتاكة وبسياسة الكيل بمكيالين في الامم المتحدة دفاعا عن الباطل وعن المحتل الاسرائيلي.
فهل يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة الامريكية في النزاع العربي – الإسرائيلي ؟
هو سؤال او تساؤل انكاري كان عنوانا لكتاب الدكتور نديم البيطار (هل يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة في النزاع العربي الاسرائيلي؟
لماذا تنحاز الولايات المتحدة الامريكية الى حكومة الاحتلال الصهيونية؟ ولماذا تقدم لها كل اشكال الدعم والحماية؟ لماذا تقدم دعما سياسيا وماليا وعسكريا لا حدود له لدولة تجسد الاغتصاب وتمارس القتل والتصفية والتطهير العرقي؟ لماذا لا تتعامل امريكا مع العرب والفلسطينيين كما تفعل مع الإسرائيليين؟ هل تعتبر الولايات المتحدة غبية الى هذا الحد الذي لا تعرف فيه اين توجد مصالحها الحقيقية؟ ام ان اللوم والعتاب يجب ان ينصب على العرب والفلسطينيين الذين لم يعرفوا كيف يشرحون قضيتهم العادلة للولايات المتحدة الامريكية؟
انها اسئلة او تساؤلات تستنفرنا او تستفزنا عن السبب في احتضان الولايات المتحدة للمشروع الصهيوني ورعايته ودعمه والدفاع اللامحدود عن دولة الاحتلال لكن يمكن طرح هذه التساؤلات بشكل معاكس حتى نفهم سر هذا الانحياز الامريكي للدولة الاسرائيلية المحتلة والمغتصبة للأرض الفلسطينية والقدس الشريف.
– ماهي ابعاد السيطرة الصهيونية على النظام الامريكي؟ ومن المتحكم في القرار السياسي الامريكي؟ وما هو ثقل الحركة الصهيونية في المؤسسة والادارة الامريكية؟
الكثير من المراقبين والباحثين والخبراء في المجال السياسي يرون ان الحركة الصهيونية تشكل حكومة الظل في الولايات المتحدة الامريكية ويوردون العديد من الشهادات التي تدلل على صحة هذا الراي ومنها:
– قول السيناتور الامريكي السابق جيمس ابورزق (انه من السهل جدا في هذه البلاد ان تنتقد الحكومة الامريكية لكن ليس من المسموح لأي كان ان ينتقد اسرائيل) ولذا اوضح المؤرخ الامريكي جورج كينان في مقابلة مع شبكة اي. بي. سي ان على حكومة الولايات المتحدة ان تعلن استقلالها عن اللوبي الصهيوني كما سخر الكاتب بن واتنبرغ بقوله في احدى مقالاته بنبرة فيها السخرية (ان الله اعطى العرب الكثير من البترول واعطى اليهود الكثير من النفوذ بين الذين ينتخبون الرئيس الامريكي).
ان في الولايات المتحدة الامريكية اكثر من 500 منظمة صهيونية تشكل العمود الفقري للوبي الصهيوني الذي يمارس النفوذ على النظام الامريكي وعلى مؤسسته الرسمية الكونغرس بغرفتيه وهو ما يسمح له ان يراقب عن كتب ما يحدث في هذه المؤسسة التشريعية ويدفعه الى الانحياز الى وجهة نظر الحكومات الإسرائيلية علاوة على هيمنة هذا اللوبي الصهيوني على الصحافة ووسائل الاعلام وعلى الاوساط المالية والتجارية وعلى المنتديات الفكرية والاكاديمية…
فهل يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة الامريكية في النزاع مع الاحتلال الاسرائيلي؟
ان اللوبي الصهيوني يستغل الخلل الاساسي في النظام الانتخابي الامريكي ويتسرب منه للسيطرة على مصدر القرار في الادارة الامريكية ومؤسسته التشريعية ونلاحظ في هذه الفترة الحامية من الانتخابات الامريكية كيف ان المرشحين للرئاسة الامريكية بحزبيه الديموقراطي والجمهوري يزايدان في مواقفهما “لنصرة” ودعم دولة الاحتلال وحكومتها المتطرفة .
كما ان طريقة انتخاب الرئيس الامريكي لا تحصل بواسطة الانتخاب الشعبي المباشر بل بأكثرية نسبية وهذا الشكل الانتخابي يعني ان اصوات الولاية تذهب كلها كوحدة الى المرشح الذي يفوز بأغلبية الاصوات وهو ما يعطي اللوبي الصهيوني المنظم والممول قوة هائلة في المساومات السياسية وهذا ما يفسر الخوف الشديد الذي يشعر به السياسيون الامريكيون ازاء الاصوات اليهودية في الولايات المتحدة التي يحدث فيها تنازع انتخابي حاد وهذا يبين مدى التغلغل الصهيوني في العمليات الانتخابية التي يقوم عليها النظام السياسي الامريكي !!!
الى جانب هذا الخلل في النظام السياسي الامريكي فان اللوبي الصهيوني استطاع ان يتسلل الى الحياة الشخصية والمهنية والمالية لغالبية اعضاء الكونغريس الامريكي ويزرع في تربة حياتهم بذور الفساد عبر “التبرعات” المالية و”التبرعات” الاعلامية لدرجة اصبح الفساد “الصهيوني” مستشريا في جميع نواحي النظام السياسي الامريكي من فضائح مالية وجنسية ورشاوي ومخدرات… كما ان النظام السياسي والتشريعي الامريكي يقوم على مبدا المقايضة الذي يعمل به اعضاء الكونغرس ويعني هذا المبدأ انه يتحتم على اعضاء الكونغرس الذين يقدمون مشروعا للتصويت ان يوافقوا على مشاريع اخرى كي يحصلوا على الموافقة على مشروعهم ويمارس اعضاء الكونغرس هذا المبدأ في علاقتهم بالسلطة التنفيذية لصالح المشاريع المؤيدة لإسرائيل وضد اي مشاريع تنطوي على نقد السياسة الاسرائيلية.
فهل يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة الامريكية في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي؟
اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة استطاع اخضاع النظام السياسي الامريكي لخدمة مصالحه والتغطية على مجازره الوحشية في غزة والضفة وجنوب لبنان وهذا يبين بل يفضح واقع الحياة السياسية الامريكية التي تتحكم فيها جماعات الضغط اليهودية لصالح الاعمال العدوانية والاستعمارية للإسرائيل بل انه يترك العدو الاسرائيلي ان يواصل تنفيذ برنامجه لاستئصال الوجود الفلسطيني من ارضه ووطنه عبر تنفيذ سياسة التهجير القسري العنيف للفلسطينيين نحو مصر والاردن.
فأي تسوية عادلة للقضية الفلسطينية يمكن ان تتحقق في ظل هذا الانبطاح الكلي للولايات المتحدة وانجرارها الى العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني؟ واي تسوية عادلة في ظل هذا الخلل الفادح والفاضح في ميزان القوى لصالح العدو الصهيوني ومع الاصرار الواضح على تغييب دور الامم المتحدة والاستهتار بقراراتها الاممية وفي ظل تفرد الولايات المتحدة واحتكارها للقرار الدولي.
فكيف يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة في هذا النزاع بين الفلسطينيين والمحتل؟
قد يرى البعض انه يمكن الرجوع الى الراي العام الامريكي لكن كيف يمكن الاعتماد عليه (الراي العام الامريكي) في تغيير السياسة الصهيونية للحكومة الامريكية لأسباب عديدة منها بل من اهمها ان الراي العام الامريكي ضحية الة الاعلام المنحازة نحو اسرائيل وفي نفس الوقت كراهية عميقة للعرب اثرتها الدعايات الاعلامية ووسائل التواصل الحديثة والسينما والاعلام السمعي البصري فالسيطرة الصهيونية على وسائل الاعلام الامريكية كالصحف والسينما والتلفزيون تقوم بتصوير الانسان العربي والفلسطيني خصوصا على انه ارهابي متطرف يعيش ويموت من اجل القضاء على اليهود و”رميهم في البحر” هكذا يسوقون صورة الفلسطيني !!!!
وهناك من المثقفين والسياسيين من يقترح التوجه نحو الوسط الجامعي بعد تصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الامريكية المختلفة مطالبة بوقف الحرب ووقف الدعم الامريكي الممتد لإسرائيل الا ان هذا الحراك الطلابي الامريكي سرعان خبا واختفى حين حذرت الادارة الامريكية من “الترهيب الجسدي” الذي يستهدف الطلاب اليهود كما اوصت اللجنة التشريعية بإقالة رؤساء جامعات امريكية مشهورة مثل هارفارد وبنسلفانيا بعد ان رفضا ربط تلك الاحتجاجات بمعاداة السامية.
فهل بعد كل ما سبق يمكن الاحتكام الى الولايات المتحدة الامريكية ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والجامعية لإحداث تغيير جذري في السياسة الامريكية ازاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي؟
قد نجد الجواب عند عميد الديبلوماسيين الامريكيين والمؤرخ الامريكي المعروف جورج كينان حين قال (ان على حكومة الولايات المتحدة ان تعلن استقلالها عن اللوبي الصهيوني).