هما غباءان لا بد من الوعي بقبحهما وتجنبهما
هوية بريس – د.رشيد بن كيران
ليس من الفهم السليم المؤطر بقواعد الشرع أن تنشط، أيها المسلم السني (عالمًا، فقيهًا، داعية، مفكرًا…)، في نشر كلام للعماء يتعلق بالحكم على الرافضة في هذا الظرف الخاص.
والسبب في ذلك هو أنك ستقدم دعمًا معنويًا غير محدود للعدو الأول الخبيث، مما سيساعده في زيادة القتل وتصفية القضية الفلسطينية. فالعدو الأول لم يقتل الرافضة في لبنان من أجل أهل السنة، بل قام بذلك لتوسيع مشروعه الصهيوني الاستيطاني واغتصاب الحق الفلسطيني.
اليوم، نحن في أمسِّ الحاجة، وبجرعة أكبر، إلى التحذير من المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط، بل في جميع الدول العربية، وفضح خُدَّامه الأوفياء، الأقارب منهم قبل الأباعد.
إن حديثك في هذا الظرف بالذات عن الرافضة وعقائدهم وجرائمهم لن يستفيد منه ولن يستثمره إلا عدوك الأول، الصهيوني والمنافقون المحيطون بك، وسيتفننون في تقديم أنفسهم للشعوب السنية على أنهم أدرى الناس بمصالحهم من هؤلاء العلماء والدعاة والمفكرين وما يصطلح عليهم بالإسلاميين.
فلا يعقل أن تمد عدوك الأخبث بالدعم المعنوي والتأييد الأخلاقي، وهو لا يرقب في دينك وحقوقك إلًّا ولا ذمة.
ولا ينبغي أن تنسينا عداوتنا للرافضة وظلمهم لنا وجرائمهم في حقنا واجب الوقت. فقه واجب الوقت يلزمنا ألا نخوض في الحديث عن الرافضة في هذا الظرف الخاص، وألا ننشغل إلا بالحديث عن الخطر الكبير الذي يمثله المشروع الصهيوني. وإلا شئت أم أبيت، ستستغل الآلة الإعلامية الخبيثة موقفك لصالحها، وتجعلك منك وقودا لمشروعها المقيت.
وقد ثبت في السيرة النبوية الشريفة ما يدل على صحة هذا الفقه والفهم؛ ففي الصحيحين أنه تجرأ منافق على مقام النبي وقال ما يوجب القتل. فقام عمر رضي الله عنه فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: “دَعْهُ ؛ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ “.
وفي قصة أخرى، رواها الإمام أحمد وغيره، اتهم منافق النبي بالظلم ومجانبة العدل، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَقُومُ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ؟ قَالَ ﷺ: “مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ تَتَسَامَعَ الْأُمَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ”.
ومحل الشاهد من الحديثين أنه لا يليق بنا أن تتحدث الأمم عن انشغالنا بعداء داخلي طائفي على حساب الحق الفلسطيني والق-ض-ية الفلس-طينية التي هي قض-ية أمة الإسلام، ونظهر أمام الأمم الأخرى بمظهر مشين متخلف وكأننا أغبى الأمم ولا نفقه في ترتيب الأولويات وصناعة التوازن المناسب في المواقف.
♦ وإذا كنت أدعو إلى إعمال هذا الفقه، فلا يفوتني أن أشير في الوقت نفسه إلى فقه آخر لا بد من استحضاره وتطبيقه؛ وهو تجنب إطلاق أوصاف المدح المطلقة على الرافضة، وهم ما هم عليه من عقائد منحرفة وصدر منهم ما صدر بحق المسلمين في سوريا وغيرها من الأماكن، حتى نحفظ حقوق إخواننا المظلومين، ولا نغرر بعوام أهل السنة فيما يخص عقيدة الرفض وخطر مشروعهم التوسعي.
♦ فهما غباءان لا بد من الوعي بقبحهما وتجنبهما؛ غباء يفضي بك إلى أن تكون وقودا للعدو الأول، وغباء يفضي بك إلى أن تكون مطية للعدو الثاني.