وأغرقنا آل فـرعـون

08 ديسمبر 2024 15:01

هوية بريس – سعيد المرواني

ورد في “بردية إيبوير” التي اكتشفت وما زالت محفوظة حتى الساعة في متحف ليدن بهولندا أن قوم فرعون أصيبوا بالبلاءات، وهذه البردية تذكر اضطرابات عظيمة وقعت في مصر، ومصائب حلت عليها قبل خروج بني إسرائيل مباشرة.

القرآن الكريم اهتم في مواضع وسور عديدة بقصة موسى عليه السلام وفرعون لعلها سنن تتكرر بين المصلحين الموحدين والملأ.

الفرعون أله نفسه لتدعيم صولجان حكمه اعتمادا على جنوده “وفرعون ذي الأوتاد“، عقيدة باطلة تفرض على الناس بهؤلاء الجنود وبالتزيبن بالكلمات المزخرفة “ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون“، وطبعا ءال فرعون يحتاجون إلى خدم فاستعلوا على بني إسرائيل “وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل“.

بل استرهبوهم وظلموهم ظلما عظيما “إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين“، ثم نبئ موسى وأرسل إلى فرعون “اذهبا إلى فرعون إنه طغى“، كذب الفرعون وازداد عنادا “ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى“.

يقول الدكتور موريس بوكاي “ركز القرآن الكريم على إصرار الكافرين على كفرهم وتمسكهم بفاسد معتقداتهم الدينية بدءا من ملوكهم الذين ألهوا أنفسهم لتدعيم صولجان حكمهم اعتمادا على الجنود الذين يساعدونهم في تسلطهم على الناس وفرض المعتقدات الفاسدة عليهم بالقوة الغاشمة”.

الفرعون حوصر حجة ودليلا بل اﻹيمان خالط قلب أقرب الناس إليه, الدعاية ضد موسى والتنفير من الحق الذي معه على قدم وساق “قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في اﻷرض“، يقول محمد قطب “ولكن الرسول المبعوث من عند الله، المطمئن إلى الحق الذي يدعو إليه, المستوثق من حقيقة اﻷلوهية، لا تثنيه تلك الدعاية التي يقيمها الملأ ضده فيمضي في الدعوة ويؤمن به نفر من الناس قليلون في بادئ اﻷمر، ولكن هذا النفر رغم قلته يزعج أصحاب السلطان إزعاجا يفقدون معه أعصابهم”.

تمر السِّنون والكوارث تتوالى على ءال فرعون، قال الله تعالى “ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون“، يقول الدكتور هيثم طلعب في كتاب بصائر “وتصف البردية حال اﻹمبراطورية المصرية التي سحقتها كوارث عجيبة وأوبئة أودت بحياة كثير من الناس.

وهي نفس صور الكوارث التي أخبر الله بها في كتابه أنها كانت عقابا لقوم فرعون.

يقول ربنا “فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين“.

وقد ذكرت هذه البردية كيف تحول النهر إلى دم” اهـ.

أمر الله كان واضحا للفرعون لا تعذب بني إسرائيل وأرسلهم مع رسوله “فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى“، وحين وقع عليهم الرجز يحتمل الطاعون كما قاله كثير من المفسرين, طلبوا من موسى أن يدعو ربه في مقابل اﻹيمان وإرسال بني إسرائيل معه، قال ربنا “ولما وقع عليهم الرجز قالوا ياموسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل” فنكثوا وعدهم ماذا بعد؟ نعم الوعد الحق.

جاء الأمر اﻹلهي لموسى باﻹستعداد للهجرة والخروج “وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين“، ثم بدأ الخروج في أول الليل “وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون“، فما كان من الفرعون إلا أن جمع جيشا ليوقع ببني إسرائيل “فأرسل فرعون في المدائن حاشرين” إنه يسرع لهلاكه يتبعهم ظانا أنه مهلكهم وما يهلك إلا نفسه “وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين“، نعم لقد أغرق ولا زال يناور بأنه آمن اﻵن يا فرعون لقد هلكت “آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين“، ستبقى عبرة لمن خلفك سواء قومك أو بني إسرائيل أو حتى الأمم القادمة “فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون” والحمد لله رب العالمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M