وزيرة السياحة تروج للسياحة خارج بلدها
هوية بريس – سعيد الغماز
كثير من المواطنين المغاربة اختاروا قضاء عطلتهم خارج الوطن، ومن بينهم مسؤولون كبار ورجال أعمال وموظفون سامون. لكن لا أحد تكلم عنهم لسبب بسيط هو أنهم لم يختاروا العمل السياسي لتبقى حياتهم الخاصة محفوظة ولا يحق لأحد التدخل فيها. نفس الشيء كان ينطبق على السيدة فاطمة الزهراء عمور التي كانت تقضي العطل خارج المغرب حين كانت خارج المسؤولية السياسية، ولم يتحدث أحد عن سفرياتها.
لكن حين يتعلق الأمر بالسيدة فاطمة الزهراء عمور الوزيرة، فهنا يختلف الأمر. قيام الوزيرة بقضاء عطلتها خارج أرض الوطن في عز الأزمة ونشر صورها في وسائل التواصل الاجتماعي، عمل غير مسؤول وغير مقبول. بل أكثر من ذلك هو عمل لا يمكن التسامح معه خاصة وأن السيدة الوزيرة تشرف على قطاع هو الأكثر تضررا من الأزمة.
ما لم تفهمه السيدة عمور، بفعلها الغير مسؤول، هو أنها وزيرة وتنتمي لحكومة سياسية بعد انخراطها في حزب سياسي. هذه الحكومة خاضت أحزابها حملة انتخابية قدمت من خلالها وعودا للمواطنين بخدمة مصالحهم والسهر على حل مشاكلهم. والحزب الذي تنتمي له السيدة الوزيرة رفع شعار الحكومة الاجتماعية والقرب من المواطنين والانصات لهمومهم، بل ادعى أن برنامجه الانتحابي نابع من مقترحات المواطن المغربي البسيط. لكن حادث الصور التي نشرتها السيدة الوزيرة يعكس تدني الوعي السياسي لديها، ويجعلنا نتسائل هل فعلا فاطمة الزهراء عمور تنتمي لحزب الحمامة وهل هذه السيدة تُقدِّر المسؤولية السياسية.
ما قامت به السيدة الوزيرة يجعلنا أمام سيدة بعيدة كل البعد عن أبجديات الفعل السياسي وهو ما يجعلنا نعتقد أن السيد رئيس الحكومة، ما دام قد اختار صباغة بعض الأشخاص بلون حزبه لنيل حقيبة وزارية، كان عليه إتمام عمله بإخضاع هؤلاء لفترة تكوينية، ولبرنامج مكثف لتأهيل وزرائه حتى لا يضعوه في موقف حرج أمام الناخب الذي منح صوته لحزبه. ما دام أمر وزراء حزب الحمامة كذلك، فمن حقنا أن نتسائل مع السيد رئيس الحكومة: أين تتجلى حكومة الكفاءات في خضم توالي الفضاعات: وزيرة السياحة تصير وزيرة الأسفار الشخصية، ووزير التعليم يُفوت صفقة للمكتب الخاص لوزير العدل، ووزيره تُفوِّتُ صفقات الدراسات لنافذ في حزب الحمامة. إذا كنا نتحدث عن حكومة الكفاءة في الفضائح والمهازل وانعدام روح المسؤولية، فإنها فعلا في هذا التخصص،حكومة الكفاءات وبامتياز.
السيدة الوزيرة: حين اخترتِ بمحض إرادتِكِ تحمُّل المسؤولية السياسية، فهذا يعني أنكِ أصبحتِ شخصية عمومية، ومن حق كل مغربي أن يُسائلكِ لماذا فضَّلتِ قضاء عطلتكِ خارج الوطن، خاصة أن هذا الصيف يأتي بعد سنتين من الإغلاق تفاقمت معه أزمة القطاع الذي تُشرفين عليه. هذه الأزمة جعلت المغاربة يخوضون حملة من أجل تشجيع السياحة الداخلية، وحث المصطافين على قضاء عطلتهم داخل وطنهم، تضامنا مع اقتصادهم ومتحلين بروح الوطنية الصادقة التي يؤمن بها كل المغاربة.
السيدة الوزيرة…..حين تقضي وزيرة السياحة عطلتها خارج وطنها، أي رسالة تُعطي للمغاربة؟ هل السياحة في بلدكِ أقل شأنا من السياحة في بلدان أخرى؟ هل المغرب ليس بلدا سياحيا وأنتِ تُشرفين على قطاع السياحة “يا حسرة”؟ وأخيرا إذا كانت المناطق السياحية في بلدكِ لا تعني لكِ شيئا، فكيف ستخدمين قطاع السياحة المغربي وأنت لا اهتمام لك به؟
السيدة الوزيرة….أنتِ تحملين حقيبة وزارية اسمها عريض وطويل: وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. لستُ أدري بفعلتِكِ هذه هل تعرفين حجم المسؤولية الملقات على عاتقك، ولا هل تفهمين المعاني التي تحملها تسمية وزارتكِ خاصة البعد الاجتماعي والتضامني. لكن أقول لكِ إذا حاولتِ التستر وراء “حياتي الشخصية هذه ولا حق لكم في التدخل فيها”، سترتكبين حماقة لن تُسعفكِ لأن المغاربة سيكتشفون أنهم أمام وزيرة تفقد للوعي السياسي ولا تفقه في الفعل العمومي، وسيُجيبونكِ “لا كفاءة ولا هم يحزنون”. والحكمة والتعقل يقتضيان أن تتصالحي مع المواطن المغربي بالاعتراف بالخطأ، مع إعطاء وعد بأن تُصلِحي هذا الخطأ في المستقبل. أما الهروب نحو فزاعة الحياة الشخصية فهذا يتطلب منكِ الابتعاد عن السياسة والرجوع لمسؤلياتك المهنية الفائتة، آنذاك كوني على يقين أن لا أحد سيتدخل في سفرياتك ولو قصدتِ هلال القمر.
السيدة الوزيرة….تصوري معي لو قضيتِ عطلتكِ في جولة لمناطق المغرب المتنوعة والغنية بمواردها السياحية، وقُمتِ بنشر صورٍ عن التنوع السياحي في المغرب: في الجبال أو الشواطئ أو السهول أو المدن الكبرى أو مناطق الموروث الثقافي الأمازيغي أو الصحراوي أو الأندلسي…..كيف سيكون حالكِ الآن مع المواطن المغربي؟
أتركُ إليكِ الإجابة لعل هذا التسائل يفتحُ أمامكِ نافذة الوعي السياسي الذي يجب أن يتحلى به كل مسؤول حكومي.