وفاة الشيخ خالد الشعيري امريجو.. وهذه سيرته الذاتية بخط يده
هوية بريس – متابعة
توفي الشيخ خالد الشعيري امريجو.. وهذه سيرته الذاتية بخط يده:
السيرة الذاتية للشيخ خالد الشعيري رحمه الله
“نص السيرة:
1- [الاسم والنشأة]
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد له رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين ورضي عن جميع الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والحساب والجزاء والدين،
أما بعد: فيقول أفقر العبيد إلى ربه الغني: خالد بن محمد بن الطيب بن العياشي الشعيري الأندلسي امريجو عفا الله عنه: هذه نبذة مختصرة عن حياتي التي عشتها وترعرعت في أحضانها، هي في الحقيقة كحياة كل إنسان ملأى بالعبر والأحداث والقصص والأخبار والسلب والإيجاب، وهلم جرا مما
يمكن أن يصدق على كثيرين من البشر والحمد لله فقد ولدت بحمد الله وبشكره في بيت قرآني محافظ عام ألف وتسعمائة وستة وسبعين في قرية تغرامت التي تبعد عن مدينة سبتة بنحو خمسة وعشرين كيلومترا، وكانت قريتنا هذه عبارة عن قرآن آنذاك ما من بيت في هذه القرية إلا وكان فيه حافظا أو حافظين أو حفاظا لدرجة أنه كان يوجد ببعض البيوت عشرة أو تسعة أو ثمانية أو سبعة أو… الخ من حفاظ كتاب الله تعالى الكريم.
2- [الدراسة الأولى]
وقد دفعني والدي إلى المكتب وأنا ابن ثلاث سنين، فتعلمت الكتابة والقراءة على يد شيخي العارف بالله سيدي امحمد الهيشو المزوكي، ولا زال حيا يرزق إلى حين كتابة هذه السطور
بارك الله في عمره وجزاه عني وعن جميع الإسلام وأهله خير جزاء، ثم بعدها اختار والدي رحمه الله رحمة واسعة طريقة خاصة لتحفيظي ، فكنت أقرأ عليه في البيت وأذهب إلى شيخي بالمسجد حيث كنت أتردد بينهما في مهمة التحفيظ، ولما بلغت من العمر تسع سنين حفظت القرآن كاملا حفظا متقنا بفضل الله تعالى وهذا من النعم العظيمة والمنن الجزيلة علي وذالك فضل الله يوتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وبقيت على هذا المنوال من التردد بين والدي والشيخ في المسجد ولم أكن أحلم بعطل أسبوعية ولا موسمية ولا شهرية ولا سنوية أبدا، لدرجة أن أبي رحمه الله لشدة حرصه علي
كان يقرئني حتى صبيحة يوم العيد، وكان يوقظني من النوم قبل الفجر بثلاث أو أربع ساعات،فجزاه الله خيرا وجعل ذلك في ميزان حسناته إن شاء الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
3- [الرحلة في ضبط القرآن الكريم]
ولما بلغت أربع عشرة سنة كنت قد ختمت القرآن خمس عشرة مرة والحمد لله, ثم خرجت للتبرك على بعض الشيوخ في بعض القرى، فكنت أقرأ حزبين أو ثلاثا هناك وأبتدي بعض الأحزاب في مكان وأختمها في مكان آخر، تعد يدا لشيوخي رحمهم الله.
وبعد هذا انتقلت إلى قبيلة بني عر وس وبالضبط في مدشر دار اجعادة حيث كانت آنذاك ملجأ للغرباء حملة كتاب الله من جميع أنحاء المغرب، فقرأت على الفقيه الجليل سي محمد ولد
العلمي بارك الله في عمره، وكنا أحيانا نتردد بينه وبين شيخه وشيخ القراء الفقيه الكبير سيدي بن حميدو الذي مات قبل ثلاثة أشهر من الآن حين كتابتنا لهذه السطور رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، فقرأت هناك من سورة التوبة إلى سورة الناس، فكنت قد أتممت بذلك ست عشرة ختمة من القرآن الكريم، فأمرني شيخي بأن أذهب إلى دراسة العلوم الشرعية وأنه أمر يجب علي أن ألتزمه فقلت له: يا سيدي ويا شيخي: أنا لا زلت شغوفا بقراءة القرآن لو تأذن لي في ختمة أخرى أقرؤها عليك، فقال لي وبلهجة عالية والغضب ظاهر على وجهه:
كفاك ما قرأت من القرآن كفاك كفاك… اذهب إلى ما قلت لك من تعلم العلوم الشرعية فأنت لا زلت صغيرا مهيأ للتعليم قبل أن تندم كما ندمت أنا على ما فاتني من دراسة العلوم الشرعية وإن لم تفعل ما قلت لك فستندم حيث لا تنفعك الندامة مستقبلا، فقمت بجمع أدواتي من اللوح والأقلام والدواة والفراش المتواضع الذي كان مملوءا بالبراغيث والقمل أعزكم الله، فرجعت إلى قريتي وأنا حامل ذلك على ظهري، وبمجرد ما وصلت إلى البيت والتقيت بأبي وأمي وإخواني وأخواتي تناولنا وجبة عشاء فقال لي والدي رحمه الله : يا خالد عليك أن تشرع في دراسة العلوم الشرعية ابتداء من يوم الغد فقلت له: لنستريح بعض الأيام ثم نذهب، فقال لي: والله لا استراحة لك أبدا، وإنما ستقوم في الصباح الباكر وتذهب للبحث عن مكان الدراسة ولا أسمع منك غير هذا، فوافقت وكأنني كرها لأني بعمر أربع عشرة سنة، لا زلت غلاما يافعا يعجبني ما يعجب الغلمان من اللعب والاستراحة وما إلى ذلك.
4- [الانتقال إلى قرية الدشيشة]
وبالفعل في الصباح الباكر أيقظني من النوم بعد الفجر فصليت الصبح وتناولت وجبة الفطور، وشمرت على ساعد الجد وانطلقت في مسيرتي قاصدا مسجد قرية الدشيشة حيث
أمرني والدي رحمه الله، والتقيت بالإمام العالم العلامة الفقيه الجليل الحبر الفهامة البحر الذي لا تكدره الدلاء الجهبد المشارك المحدث الأصولي المفسر محمد بن ذكير الدكالي رحمه الله،
فطرقت باب منزله وخرج إلي بهيأة لم أر مثلها من الهيبة والوقار والنور والحشمة والعلم الذي كان يخرج من منابت شعره، فلما وقفت بين يديه سلمت عليه وطأطأت رأسي ولم أستطع الحديث معه أصلا، فانتظرني قليلا ثم تبسم ابتسامة عريضة، وقال لي: يا بني ماذا تريد ؟ وما هو طلبك؟ فأخبرته بأن والدي أرسلني للدراسة على يديك ففرح فرحا شديدا علمت ذلك في وجهه المشرق وقال لي: مرحبا بك، وسألني عن اسمي وعن قريتي فأجبته عن ذلك، ولما رأى أن سني لا زالت صغيرة سألني قائلا: يا هذا؟ هل تحفظ القرآن؟ فقلت له: نعم سيدي أحفظه حفظا متقنا والحمد لله، ثم نادى بأعلى صوته على أحد الطلبة وقال له: اكتب له في ورقة أسماء الكتب التي ندرسها هنا، فكتبها ذاك الطالب النجيب وسلم إلي الورقة، فقال لي الفقيه المحترم:
اذهب إلى أبيك واعطه هذه الورقة ليشتري لك كتبا فسلمت عليه وانصرفت .
ورجعت إلى بيتنا بتغرامت وسلمتها إلى أبي رحمه الله وكنت آمل أن يذهب لشراء هذه الكتب بعد يوم أو يومين أو ثلاثا، لعلني أستريح شيئا ما، بينما أبي رحمه الله كانت له نظرية
أخرى؛ حيث أخذ مني تلك الورقة ولبس جلبابه في الحين وتوجه إلى مدينة تطوان، وعند المساء بعد العصر جاء بحزمة كبيرة من الكتب وتفاجأت به ينادي أحد إخوتي ويقول له: احمل
مع أخيك الكتب والأغراض التي يحتاجها وأوصله إلى مسجد الدشيشة الآن فلا أحب أن أراه هنا هذه الليلة ودون قراءة، يسرني أن يبيت هناك، فقالت له أمي الحنون بارك الله في عمرها:
أمهله حتى يوم الغد، فقال لها: كلا والله أبدا، فانصرفنا أنا وأخي عبد المجيد حفظه الله حتى وصلنا إلى مسجد الدشيشة فرجع أخي ودخلت أنا المسجد وكان هذا قبل المغرب بحوالي ثلاثين دقيقة، فصليت تحية المسجد والفقيه الإمام العلامة الدكالي ينظر إلي بنظر خافت ويبتسم بعض الشيء حيث رآني مرتبكا شيئا ما، وفعلا كنت مرتبكا وبعض أعضائي كانت ترتعش؛ لأني ما كنت أعرف مثل هذه المواقف من كثرة الطلبة تقريبا ثمانين طالبا والهدوء يعم المكان، والفقيه المربي يشرح قوله تعالى: “خلق الانسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين، والانعام خلقها… إلى آخر
الآيات. من مطلع سورة النحل.
وأنا لم أكن قد رأيت من قبل هذا المشهد المهيب الذي تعلوه سمة الوقار والجد والتشمير، فانتهى الامام من درسه وسرد طالب أمامه، وكنت أعرف ذلك الطالب ولا زلت أعرفه حتى
الآن ولا حاجة لذكر اسمه، ولما انتهى من سرده ختم الفقيه الدرس بقوله: سبحان ربك العزة …الخ على عادته، ثم قال لمقدم الطلبة: اذهب به إلى البيت الفلاني ليسكن فيه، ففعل ما
أمره به فدخلت البيت ورتبت ملابسي وأغراضي وكتبي.
5- [معانات السكن والصبر على طلب العلم]
وكان فيه طالب آخر وصرنا قرينين أخوين في ذاك المسكن المتواضع المبني بالحجر والطوب، والمسقوف بالعود والقصدير، والهواء يدخل من كل مكان ، والحشرات المختلفة
تدخل علينا من كل حدب وصوب، ومن لطف الله تعالى أنه ما لسعنا شيء من هذه الحشرات يوما ما بحفظ من الله لدرجة أننا كنا نجد هذه الحشرات أحيانا في ملابسنا ولا نعبأ بها، إضافة
إلى ما كنا نعانيه من البرد القارص في موسم الشتاء والبلل الذي كان يدخل إلى منزلنا وباستمرار، وما كنا نعانيه أيضا في موسم الصيف من شدة الحرارة والغبار والحمد لله على
كل حال، وهذه قاعدة مطردة لكل من يريد الوصول إلى أعز المنازل وأشرفها والحمد لله “ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين”.
وفي هذا المقام:
لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا***
ولا ينال العلا من قدم الحذرا
ومع ذلك كله كنا سعداء بما نقوم به من نشاط وجد وحسن عمل ونية صالحة تجاه تعلمنا للعلم الشريف الذي هو أجل السجايا وأحسن العطايا، ويكفينا أن أهله أشرف الناس على الإطلاق بعد الأنبياء والمرسلين، إضافة إلى أنه من أجل صفات الله تعالى.
6- [حفظ المتون وطريقة الحفظ]
وحتى لا نذهب بعيدا مع هذا الاستطراد نرجع إلى ما نحن بصدده، وذلك أنه في صبيحة الليلة الأولى أشار علي الشيخ بحفظ المتون ابتداء من ابن آجروم وألفية ابن مالك، وابن عاشر، والجمل للمجرادي، ولامية الأفعال لابن مالك، وفرائض الشيخ خليل ومتون أخرى، فكبرت علي أمواج البحر وصرت أرتعش وأنتفض كما انتفض ذاك العصفور الذي بلله القطر،
وضاقت علي الدائرة فشرعت أفكر كيف سأفعل وكيف يمكن لي أن أقوم بحفظ هذا كله وأنا عديم الخبرة تماما ولم يسبق لي أن جربت هذا من ذي قبل، فأمضيت الأسبوع الأول كله أفكر في هذا الأمر، وكان الشيخ الدكالي رحمه الله حكيما فطنا متبصرا، وأدرك ذلك مني إدراكا تاما.
وفي يوم الأربعاء جاءت العطلة الأسبوعية، بينما أنا في بيتي واضعا كتبي في حجري متكئا بعض الشيء إذ سمعت طارقا يطرق باب منزلي فخرجت فإذا بالشيخ الدكالي رحمه الله يبتسم ويقول لي: يا ولدي أنت لا زلت صغيرا في السن وأمامك فرصة كبرى لجمع العلوم إن شاء الله تعالى، وأنا سأعطيك خطة لحفظ المتون ابتداء من هذا اليوم وليس الغد، فقلت: نعم َسيدي فناو لَني لوحا كبيرا وقال لي: عليك أن تكتب فيه من جهتين تصنيف ابن آجروم كاملا دون أن تبقي منه شيئا وهيا من الآن، وانصرف إلى منزله. وفي صبيحة يوم الخميس جاءني أيضا وقال لي: هل فعلت ما أمرتك به في الأمس؟ فقلت: نعم سيدي، فقال لي: عليك أن تقرأه جيدا في هذا اليوم كله ولا خروج لك من منزلك، ففعلت وكان مما امتن الله
به علي كثرة الحفظ مع الإسراع، وفي يوم الجمعة أرسل إلي طالبا وقال لي: إن الشيخ يأمرك بأن تذهب إليه، وفعلا ذهبت وطرقت الباب فخرج عل كالأسد وهو يقول: كم حفظت من ذاك اللوح؟ ففاجأته بقولي: حفظت كل ما كتبت، فنظر إلي كالمتعجب، وقال: هل حفظت ابن آجروم كله؟ قلت له: نعم لأني اعتكفت عليه يوما وليلة، ثم كرر ذلك متعجبا: وهل حفظته كله من جهتين؟ فقلت له: نعم، لأني أحفظ كثيرا وهذه عادتي يا سيدي، فقال لي: ربما قد قرأت هذا من قبل؟ فقلت: لا والله، وما سمعت به أصلا من ذي قبل، فرأيت البشرى في وجهه فأطرق برأسه مليا ثم قال لي: اذهب إلى بيتك وفي المساء ستقرأ علي من حفظك دون لوح ولا كتاب فوافقت.
7- [امتحان الشيخ للطالب في حفظ المتون]
وفعلا بعد صلاة العصر جاء وطرق بابي أيضا فخرجت وسلمت عليه ثم قال لي: هيا اقرأ علي ما حفظت، فقرأت عليه تصنيف ابن آجروم كاملا بحفظ متقن، فقال لي: أبشر واحمد
الله تعالى على ما أعطاك من القريحة، ثم وعدني بأن كل يوم أربعاء وخميس يخصصان لحفظ المتون بهذه الطريقة، وليس عندك عطلة أبدا حتى تحفظ هذه المتون كلها.
8- [المتون المحفوظة]
وشرعت أطبق ما أمرني به حرفيا فحفظت بعدها ألفية ابن مالك، ومتن ابن عاشر، وفرائض خليل، وجمل المجرادي
ولامية الأفعال وسلم الأخضري في علم المنطق واستعارة الشيخ بنكيران وورقات إمام الحرمين، والجوهر المكنون
للأخضري أيضا في علم البلاغة، ومقدمة جمع الجوامع لابن السبكي والأربعين النووية وأجزاء من رسالة ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي وأبواب من الشيخ خليل وبعضها من ابن عاصم، وما يزيد على أربعمائة حديث من بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، وما يزيد على مائتي حديث من منتقى الأخبار، ونخبة الفكر للحافظ ابن حجر، ومنظومة الشاي التي كنا نستأنس بها مع أصدقائنا الطلبة الأجلاء، كما أني كنت مهتما بحفظ الشعر وبعض القصائد كقصيدة البردة للإمام البوصيري والهمزية له أيضا، وبانت يعاد وأشعار من الغزل كألف ليلة وليلة المنسوبة إلى قيس بن الملوح مع بنت عمه ليلى العامرية، وأشعار من الرثاء والهجاء لأبي تمام والمتنبي وجرير وبعضا من ديوان الخنساء والفرزدق ومقامات الحريري والمعلقات السبع وغير ذلك من الدواوين، إضافة إلى ما كنت أحفظه من الأخبار والقصص وأجمع منها كل ما هب ودب سلبا وإيجابا، وكنت احفظ كل ما سمعت من صالح وطالح بحكم أني صغير في السن، وكان لدي من الأغاني العجب العجاب، ربما أحفظ ما يزيد على خمسمائة أغنية مختلفة الأطراف ومتعددة المناهل.
وقد تبت إلى الله من ذلك والحمد Ϳ الذي بنعمته تتم الصالحات، فهذا كله جمعته في ظرف أربع سنوات من الزمن وأنا ابن ثمانية عشر عاما بفضل الطريقة التي أرشدني إليها شيخي
العالم الجليل محمد بن ذكير الدكالي رحمه الله، فكنت كلما عزمت على حفظ كتاب إلا وقد كتبته في اللوح كيفما كان نوعه وتعودت على تلك الطريقة، وصارت أسهل علي في تحصيل
العلم، وكان يقول لي رحمه الله: هكذا كنا نقرأ في سوس ونتمكن من المسائل.
9- [وفاة الشيخ الدكالي وأثره على نفسية طلبته]
وهكذا مر الركب إلى سنة ألف وتسعمائة وستة وتسعين ميلادية توفي العالم الجليل سيدي محمد الدكالي بمرض فجأة، ولم ينفع معه علاج، وها انا أكتب هذه السطور ولا أتمالك نفسي
ولن أستطيع أن أعبر عن تلك الحال التي شاهدناها عند موته وما خلفه من أحزان في صدورنا حيث ودعنا جبلا راسيا من جبال العلوم الغزيرة وشهما من الرجال الذين قل أمثالهم من بين الأنام، العلم الشامخ والطود الراسخ، ودفناه في فناء المسجد، وبكينا عليه ورثيناه وكيف لا لأننا قد ودعنا وقارا يكسوه التواضع وعلما عنوانه التحقيق ومحيا تزينه أنوار الإيمان، ونفسا مطمئنة واثقة مؤمنة بالقضاء والقدر، فالحمد Ϳ على أن كان الموت حكما من إله عادل أحكم الحاكمين ورب العالمين.
10- [شيوخ الدراسة بقرية الدشيشة وغيرها]
ثم خلفه الفقيه محمد الشلاف الرشدي وهو من أبناء القرية فدرست عليه مدة قصيرة تقدر بخمسة أشهر تقريبا، إلى أن جاء الفقيه العلامة سي الصادق العروسي ودرست عليه في نفس المسجد ما يقرب من ست سنوات، وبعدها انتقلت إلى مدرسة القصر الصغير حيث تتلمذت بها على يد الفقيه الجليل العلامة الأصولي الشريف سيدي أحمد البقالي ودرست عليه مدة لا تزيد عن سنة، ثم انتقلت إلى مدرسة طالع الشريف حيث كان يدرس الإمام الكبير الفقيه الجليل الدراكة الفهامة سيدي محمد الأنجري رحمه الله، ودرست عليه سنة .
11- [المهام والمناصب العلمية والدعوية]
ثم عينت خطيبا ومدرسا بقبيلة بني خالد بغمارة، وبقيت سنة خطيبا ومدرسا، ثم بعدها رجعت إلى مدرسة طالع الشريف ومكثت بها سنتين أدرس على الشيخ المذكور، وبعدها عينت
مدرسا بمسجد الحومة بجماعة قصر المجاز، وكنت أزاول الخطابة والتدريس فدرست العلوم الشرعية مع جمع من الطلبة من عام ألفين وثلاثة إلى ألفين واثني عشر، هنا وقع ما وقع من اختلافات أدت إلى توقيف الدراسة فاستمررت خطيبا وإماما بنفس المسجد إلى أن جاء وقت كتابة هذه السطور التي أكتبها والتاريخ يشير إلى عام ألفين وثلاثة وعشرين الموافق 1444 من الهجرة، والحالة هذه وأنا مريض مرضا شديدا عفاكم الله مما ابتلاني به، والحمد لله على كل حال ، وأنا أناهز من العمر ستة وأربعين عاما، فاللهم أحيينا ما كانت الحياة خيرا لنا وتوفنا ما كانت الوفاة خيرا لنا، وأنا أب لثلاثة أبناء، ذَكَران وأنثى الصغيرة، وهم: حذيفة البكر، وعدنان، وسلسبيل، والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين”.
هذه سيرتي الذاتية المتواضعة بقلم خالد الشعيري امريجو.
اللهم اغفر له وارحمه وتجاوز عنه واجعله مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين