وفاة المقاوم الحاج امحمد الشقيري الديني رحمه الله، وهذه بعض ترجمته بقلم ولده
هوية بريس – أحمد الشقيري الديني
ولد والدي الحاج امحمد الشقيري الديني مطلع العشرينات بـ”إغرم” نواحي تارودانت،والده احماد توفي وهو ابن خمس سنين، فنزح إلى مراكش وهو طفل صغير مع أخوال والده تاركا والدته، وعاش اليتم في أشد تجلياته، ثم تعلم التجارة فنجح فيها نجاحا هائلا لكنه كان عظيم الإنفاق فلم يترك شيئا، وتعلم القراءة والكتابة والحساب بمفرده، وتميز بذكاء نادر حتى أنه كان يقوم بعمليات حسابية لا يمكن تصديقها..!
التحقت به والدته زاينة بمراكش بعد بلوغه الأربعين تقريبا وكان بارا بها..
انخرط في العمل السياسي مبكرا في صفوف حزب الاستقلال ثم في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وكان معظم الاجتماعات الحزبية تجري في بيتنا بالقصبة بمراكش يحضرها جم غفير من المناضلين، يصل عددهم أحيانا مائتين أو يزيد، وكنا إذ داك نسكن رياضا كبيرا يسع تلك الاجتماعات، وكان رحمه الله يتكفل بإطعامهم ووالدتي بالتحضير..!
فحضر إلى بيتنا أسماء وازنة من القادة السياسيين، على رأسهم رئيس الحكومة السابق مولاي عبد الله ابراهيم ومولاي عبد السلام الجبلي أحد قادة المقاومة، والدكتور الخطيب وصديقه بنعثمان، واستمر ذلك منذ الستينات حتى أدركت بعضهم وأنا شاب وجلست إليهم وسمعت منهم، وكان مولاي عبد السلام الجبلي بعد عودته من المنفى يحبني وينصحني وأصدقائي في جلسات في بيتنا..
وقد كان بيتنا بحي أسيف أول حلقة وصل بين هذا الجيل من المناضلين القدامى وبعض شباب الحركة الإسلامية في مطلع التسعينات، ففيه التقى الأستاذان العربي بلقايد عمدة مراكش الحالي وأحمد العبادي رئيس رابطة علماء المغرب حاليا بمولاي عبد الله ابراهيم، واستمرت تلك اللقاءات التي كادت تسفر عن تطور لاندماج في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية..!
منذ مطلع الخمسينات انخرط والدي في حركة المقاومة السرية بمراكش ضد الاستعمار، وكان المتجر الذي بجانبه يجمع قادة المقاومة مثل حمان اافطواكي وعمر الساحلي ومولاي مبارك وغيرهم،وكان هذا سببا مباشرا لانخراطه في المقاومة..
اعتقل الوالد رحمه الله إبان الاستعمار عدة مرات ونال نصيبه من العذاب الشديد على أيدي جلاوزة الكلاوي، وكان رحمه الله من العشرين الذين وقعوا عريضة بعثوا برسالة للملكة إيليزابيث الثانية إبان تتويجها بالعرش يحذرونها من تمثيل الكلاوي المغرب في حفل التنصيب لأنه خائن فرفضت استقباله بعد توصلها بتلك العريضة، فاعتقلوا جميعهم قضى والدي على إثرها شهرين في السجن، كما شارك في حوادث المشور 15 غشت 1953 التي خلفت عددا لا يحصى من القتلى والجرحى..!
كما اعتقل مرة واحدة بعد الاستقلال في بداية حكم الحسن الثاني، وبقي بعدها وفيا لخط مولاي عبد الله ابراهيم السلمي، ومنه تعلمت أبجديات العمل السياسي، وكان متأثرا بالحركة الناصرية في مصر، وجل اهتمامه انصب فيما بعد على السياسة الخارجية إلى أن تجاوز الثمانين من عمره، فترك السياسة والتجارة ولازم المسجد إلى أن أقعده صيام آخر رمضان هذه السنة وقد تجاوز الخامسة والتسعين من عمره..!
توفي رحمه الله آخر ساعة من يوم الجمعة الماضي بضع دقائق قبل أذان المغرب بتاريخ 25 ذو القعدة1438 الموافق ل 18 غشت 2017 وكنت حاضرا ووالدتي عند احتضاره.
فاللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وأسكنه الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
وإنا لله وإنا إليه راجعون
نسأل الله ان يرحمه رحمة واسعة…ونسأل الله ان يجعلكم سيدي أحمد خير خلف لخير سلف