وقفة مع خطبة منبرية موحدة
هوية بريس – د.رشيد بن كيران
كان موضوع الخطبة المنبرية الموحدة (الاختيارية!؟) بالأمس تاسع من ربيع الاول في ذكرى المولد النبوي الشريف.
◆ هذه الخطبة -كما جاء في الموقع الرسمي للوزارة- كادت تكون شحيحة بالمعاني القوية والملهمة التي توقظ القلوب وتفضي إلى مزيد التعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام، والازدياد من محبته وتعظيم حقه، والتطلع إلى اتباعه واتخاذه أسوة ومنهاج حياة…
كان من المفترض أن تكون الخطبة محلاة بالمواقف النبوية المؤثرة، التي تجعل القلوب في شوق كبير لرؤيته والظفر بشفاعته والاستكثار من الصلاة عليه وجعلها وردا يوميا…
◆ لكن للأسف الشديد، سلكت الخطبة مسلك الدرس البارد، وصاغت مضامينها كما لو كانت مقررا دراسيا للمستوى الجامعي، وحرصت على إقحام عبارة “خطة تسديد التبليغ”، ومصطلحاتها التي تدور في فلكها…، والتي سئم منها المصلون لكثرة تكرارها في كل خطبة.
ذكرتني هذه الخطبة بطرفة مستملحة مشهورة بين الناس؛
أنه كان تلميذ كسول لا يعرف من مادة الإنشاء والتعبير إلا كتابة موضوع الحديقة،
لكن الأستاذ طلب من التلاميذ أن يكتبوا إنشاء عن السفر في الطائرة..،
فأوحى الغباء والجمود إلى التلميذ الكسول أن اكتب أنك بعدما ركبت على متن الطائرة رأيت من نافذتها حديقة، ثم بدأ يسرد ما هو مبرمج عليه…
◆ من الأشياء اللافتة للانتباه، استعمال عبارات وجمل عسيرة الفهم وصعبة الاستعاب على غالبية العظمى من الناس؛ وإليكم المثال على على قلة المادة المكتوبة:
“وذلك من خلال ما جاء به [أي الرسول] من الإيمان والتوحيد المحرر من شهوة النفس، وسلطان الهوى، وإغواء الشيطان، وبتصفية البواطن من الأغيار…”.
– التوحيد المحرر من شهوة النفس!!؟؟
– سلطان الهوى !!؟؟
– بتصفية البواطن من الأغيار!!؟؟
وبناء عليه، فما فائدة كلام يلقى على المصلين لا يبلغ إلى عقولهم ولا يصل إلى قلوبهم، يا للحسرة، ويا للخسارة.
هذا ، وندعو علماء البلد وملحه، أن يأخذوا زمام المبادرة ويرفعوا صوت الحق في تدعيات توحيد خطبة الجمعة، ولا يقفوا متفرجين في أمر خطير لا يسعهم السكوت عنه.
صراحة، نتأسف لحال منابر خطبة الجمعة، فهذا الطريق التي سلكته الجهة الوصية لا يبشر بخير.