ولمّا صار “فاتح ماي” احتفالا!
هوية بريس- محمد زاوي
“فاتح ماي” مناسبة عمالية للتذكير بمطالب الطبقة العاملة، وإذا شئنا توسيع دائرة هذه الفئة فهو ذكرى تحييها كافة فئات الشغيلة على أساس مطلبي لا على أي أساس آخر.
هكذا هو “فاتح ماي” في الذاكرة العمالية، فكيف هو في واقع اليوم؟
لقد أصبح “فاتح ماي” أشبه بحدث موسمي، منهم من انتهزه فرصة للصراع الإيديولوجي، ومنهم من اتخذه يوما للتنفيس عن كربات سنة من العمل الاستغلالي، ومنهم من لا يرى فيه سوى يوم عطلة؛ أما البعض فقد جعله يوما للاحتفال، بل للغناء وقرع الدفوف وإرسال الزغاريد.
واقع هجين مشهود في المجتمع، فكان العمل النقابي مرآة لتلك الهجونة، حتى كادت النقابة تفقد معناها وهويتها النضالية في ظل منظومة اجتماعية رأسمالية سائدة عالميا.
الكل خرج ضد الكل، والكل يحتفل بالكل، مسيرات قزمية لا يُعلم سبب اختلاف منطلقاتها ومساراتها، في واقع مطلب الشغيلة فيه واحد، لا يعدو أن يكون زيادة في الأجور أو إنقاصا لساعات العمل أو تسوية للوضع القانوني أو تحسينا لظروف العيش والتغطية الصحية… فيمَ ستختلف الشغيلة إذن؟!
ورغم ذلك اختلفت، بل هجرت النضال النقابي الذي أصبح في حين غرة جزءا من العمل الحزبي، فلا الأحزاب حصنت خطوطها السياسية والإيديولوجية، ولا النقابات حافظت على خطها المطلبي والاجتماعي، خطوط بعضها يموج في بعض، تلتقي عند نقطة واحدة: “تعدد نقابي في غير محله”.
لا يخدم هذا الواقع جميع الأطراف، لأنه يضعف الوساطة النقابية، وهذه ذات أهمية في تخفيف الاحتقان الاجتماعي، وكذا في تحقيق بعض مطالب الطبقة العاملة في أفق وضع حد لمأساتها.
“فاتح ماي” ذكرى لمراجعة كل هذه المعاني وإحيائها بنفس نضالي مطلبي؛ إلا أنه للأسف صار احتفالا، يوم من الصراخ أو الغناء ينتهي بنوم كسائر الأيام!