ويحمان: اليهود المغاربة بالكيان ضحايا الصهيونية.. وعلى الشعب المغربي أن يتحرك لحماية وطنه قبل فوات الأوان
هوية بريس – حاوره: عبد الصمد إيشن
1ــ بداية يخلط عدد من الناس كثيرا بين اليهود والصهاينة المحتلين، هل لكم أن توضحوا هذا الالتباس؟
باسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، تحية لكم ولقراء السبيل وشكرا على الاستضافة في منبركم.
بالنسبة لسؤاكم يمكن القول، بداية، أن هذا الخلط بين اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة هو خدمة كبيرة لكيان الاحتلال الصهيوني يسقط فيها الكثير من الناس عن حسن نية بجهلهم لهذه الحقيقة وأثرها السلبي جدا على القضية الفلسطينية وكفاح الشعب الفلسطيني العادل وعلى كفاحنا المشروع للدفاع عن مقدساتنا في القدس ومسرى رسولنا الكريم.
الموضوع متشعب وفيه كلام كثير من الناحية الشرعية والفكرية والسياسية والقانونية والأخلاقية وعلى مستويات مختلفة، ولذلك نقتصر القول في التوضيح بأن اليهودية (وهي يهوديات) عبارة عن دين وتشريع يقوم على عقيدة سيدنا موسى، غير المحرفة التي يؤمن بها المسلمون كما يؤمنون بعقيدة سيدنا عيسى وعقائد وشرائع كل الرسل والأنبياء من قبلهم… }..لانفرق بين أحد من رسله{ كما جاء في الذكر الحكيم عليهم السلام جميعا.
المحقق أن التحريف طال هذه العقائد والشرائع السماوية والخلافات انتابتها بالمذاهب والطوائف والطرق على امتداد الزمن .. والمحقق أيضا أن الإسلام جاء ليجب ما قبله، رغم أنه تعرض هو الآخر لبعض ما تعرضت الأديان الأخرى له على مستوى اختلاف الاجتهادات الفكرية والمذهبية، إلا أن العقيدة المحمدية في نصها المقدس الأصل والأساس (القرآن الكريم) بقي محفوظا وسيبقى إلى يوم الدين، كما ستبقى محفوظة تعاليمه في كل المجالات وفي أهم مجال الاستقرار البشري؛ مجال السلام والأمن وطمأنيننة الإنسان حتى إنه جعل التحية، كأهم قاعدة في العلاقات الاجتماعية في المعيش والحياة اليومية بين الناس.
فاليهود، على شريعة موسى الأصلية أو المحرفة كليا أو جزئيا، العلاقة الصحيحة معهم هي “لكم دينكم ولي دين” كما جاء في الذكر الحكيم وهم من أهل الكتاب “ولا عدوان إلا على الظالمين” تجمعنا معهم المواطنة بالنسبة للمغاربة منهم والإنسانية لغير المغاربة.. والتعامل يتم معهم بالقوانين والمواثيق التي تحدد الحقوق والواجبات.
أما الصهيونية فهي إيديولوجيا استعمارية وعنصرية تقوم على استعمال أساطير التوراة المحرفة والتلمود لتبرير الاستيطان في فلسطين وجبل صهيون (الموجود فيها، ومن هنا التسمية).. وذلك باقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه وإحلال اليهود المستقدمين من مختلف أنحاء العالم لإنشاء وطن قومي لهم هناك وفي ما جاوره من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في العراق؛ وهو ما يرمز إليه علم كيان الاحتلال الصهيوني قماش أبيض تتوسطه نجمة داود السداسية رمزا لكيانهم المتوهم، بين خطين زرقاوين كناية عن نهري النيل والفرات؛ حدود الكيان الذي يسموه إسرائيل الكبرى.
هذه الإيديولوجيا التي نشأت مع الحركة الصهيونية ومؤسسيها ومنظريها الأوائل منذ القرن التاسع عشر، ستتقاطع في أهدافها مع الحركة الاستعمارية منذ مطلع القرن العشرين وسينجم عن تلك التقاطعات أوفاق سرية وعلنية لإحكام السيطرة على العالم الإسلامي، وفي قلبه الوطن العربي، وهكذا تم خلق الكيان الغاصب، أو ما يسمى “إسراييل” ككيان وظيفي بيد القوى الاستعمارية حفاظا على مصالحها في نهب مقدرات كل أقطار الأمتين الإسلامية والعربية .
المصلحة المشتركة في إنشاء كيان ما يسمى إسرائيل والحفاظ عليه، لم تقتصر على الاستعمار واليهود الصهاينة وحسب وإنما هناك طرف ثالث تتقاطع مصلحته مع مصلحة هذين الطرفين؛ إنهم الحكام العرب الذين يتم تنصيبهم وفرضهم على شعوبهم بالحديد والنار للحفاظ على مصالح القوى الاستعمارية وبالتالي على مصالح الكيان الصهيوني .
وهكذا تكون كلمة الصهاينة لا تهم اليهود وحسب، وإنما تنسحب على كل من يؤمن ويدافع عن احتلال اليهود الصهاينة لفلسطين وجبل صهيون، أيا كانت جنسيته أوقوميته أو عرقه أو موقعه؛ دولة كان أو مؤسسة أو فردا ..
2ــ نجد مناضلين يهود مغاربة بقوا في المغرب ومناهضين للصهيونية، في نظركم هل اليهود المغاربة في إسرائيل ضحايا سياسة استعمارية؟
طبعا اليهود المغاربة فيما يسمى إسرائيل، وحتى غير المغاربة، لاسيما اليهود القادمين من الدول العربية والإسلامية الأفارقة منهم هم ضحايا الحركة الصهيونية العالمية التي ارتكبت في حقهم وفي حق أوطانهم وفي حق فلسطين والفلسطينيين جريمة مزدوجة، بل مركبة ..
فقد اقتلعتهم من أوطانهم بالكذب والاحتيال مستغلة فقرهم وجهلهم، وكان معظمهم أمي، وتم إقناعهم بأن فلسطين هي أرض اللبن والعسل .. وأنها خالية لا يسكن بها أحد .. وعند مجيئهم هناك سحبوا منهم جوازاتهم وأرغموهم بأداء مستحقات ثقيلة، لا قبل لهم بها لمن يرفض الإقامة ويطلب العودة إلى وطنه.. الخ (تراجع هنا انتفاضة وادي الصليب اليهود المغاربة) ..
هذا الوجه الأول للجريمة.. أما وجهها الثاني، فيتمثل في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني التي وظفت الحركة الصهيونية فيها هؤلاء المهاجرين المستقدمين من كل بقاع العالم لاقتلاع هذا الشعب وتشريده وطرده من وطنه واستيطان أراضيه.
كثير من هؤلاء، لاسيما الجيل الثاني والثالث الذين تصهينوا، أصبحوا قادة سياسيين وعسكريين وفي عالم الاستخبارات وأصبحت أيديهم ملطخة بدماء الشهداء الأبرياء. أما المتبقون منهم في البلاد، وهم حوالي ألفين وخمسمائة نفر فقط ويتوزعون بين مناضلين وطنيين ضد الصهيونية والعنصرية، وهم قلة، هذه القلة للأسف، وأما بعضهم فتصهينوا درجة إبداء الولاء لكيان الاحتلال الصهيوني على حساب الوطن بلغ مستوى إهانة الرموز الوطنية كوضع المدعوة سوزان بيتون علم الكيان الغاصب (الكبير) فوق العلم الوطني المغربي (الصغير) بمقر الطائفة اليهودية وإشهار العلم الصهيوني والتهديد بالقنصل العام الأمريكي في إحدى ندوات بمدينة فاس !!!
أما المناضلين من أصول يهودية ممن نعتز بهم فمنهم الصديق العزيز يعقوب كوهين المناضل معنا بالمرصد المغربي لمناهضة التطبيع وكذا الصديق أسيدون رئيس فرع ال BDS المغرب وكذا طيبي الذكر الذين غادرونا إلى عالم البقاء؛ أبراهام السرفاتي إدمون عمران المليح جرمان عياش… الخ
3ــ يوظف اليهود المغاربة في سياق تبرير اتفاق التطبيع هل هذا سليم من الناحية السياسية؟
هذا أمر، فضلا عن أنه مدان، هو أمر خطير للغاية.
ذلك أن صهينة المكون اليهودي بدعاوى مختلفة هو تحويلهم من مواطنين، شأنهم شأن إخوانهم المسلمين من عرب وأمازيغ، إلى طابور خامس في خدمة كيان الاحتلال الصهيوني ومشاريعه الاستعمارية والتآمرية الخبيثة، وهذا ما يزرع تشاحن وكراهية بين مكونات المجتمع سيكون له مردود غاية في السلبية مستقبلا جراء ما تشيعه الصهيونية من فتن وحساسيات إثنية وعرقية وقبلية ومناطقية بموازاة مع الاختراق الصهيوني واستحقاقات التطبيع التخريبي منذ عدة سنوات؛ هذا التطبيع الذي بلغ حد التآمر والتخطيط لقلب النظام والتخطيط لتقسيم المغرب وتفكيكه في أفق إعادة تركيبه على أساس أن: المغرب مملكة مقدسة لبني إسرائيل كما جاء، وبالبنط العريض، في غلاف مجلة “حقائق مغربية” لصاحبها المدعو عبد الله الفرياضي الذي سبق وتلقى تدريبات في مكتب نتانياهو تحت إشراف عوفير جندلمان، مستشار رئيس وزراء الكيان المكلف بتجنيد العملاء !
4ــ كلمة أخيرة لكم ذ. أحمد؟
على المغاربة أن يتيقظوا ويتحركوا لحماية بلادهم قبل فوات الأوان .. ولله الأمر من قبل ومن بعد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*د.أحمد ويحمان: حقوقي ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.