مباشرة بعد التقدم بمشروع قانون تجريم التطبيع في 29 من يوليوز 2013 وموافقة كل من حزب العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية على مسودة المشروع، توالت التصريحات من هنا وهناك، وخرجت العديد من المنابر الإعلامية والصهيونية خاصة للتنديد بهذا القانون؛ ووصفت الأحزاب الموافقة بـ”الأصوات التي تعادي السامية في المغرب”.
ووافقها على طرحها هذا نتوءات أعلنت مبكرا رفضها للمشروع؛ ووصف العلماني المتطرف عصيد مشروع القانون بـ “الغلو والتطرف”، وزعم أنه “سيقود إلى محاكم التفتيش”.
وليس هذا أمرا مستغربا من هذه الفئة التي لها علاقات مع الصهاينة، وتتترَّس وراء الأمازيغية لتمرير أيديولوجية لائكية.
أكيد أن هاته المواقف لا تمثل على الإطلاق رأي الأمازيغ المغاربة؛ على اعتبار أن الأمازيغ من أوائل المساندين للقضية الفلسطينية، ومن المطالبين دوما باسترجاع حقوق الشعب الفلسطيني من منطلق ديني لا إنساني فحسب.
ومن هؤلاء الأمازيغ د.أحمد ويحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، والذي كشف لجريدة “السبيل” في اتصال هاتفي، عقب إغلاق الكيان الصهيوني لأبواب المسجد الأقصى مؤخرا، أن المرصد سبق وقدم مسودة قانون تجريم التطبيع وتبنته أربع تكتلات في البرلمان، اثنان في الحكومة، واثنان في المعارضة، وهذه -وفق ويحمان- تعد سابقة، “أن تجتمع الحكومة والمعارضة على شيء واحد، وهي تؤكد أن فلسطين توحد دائما الأمة بغض النظر على الاختلافات السياسية والفكرية والأيديولوجية”.
فبالحساب العددي -بالنسبة لويحمان- فالقانون حظي بالأغلبية وأصبح قانونا عمليا، لكن تدخلت يد ما وجمدته في الأدراج، ونحن الآن قرابة أربع سنوات والقانون مجمَّد.
رئيس مرصد مناهضة التطبيع أكد أن القانون أحيي من جديد داخل المؤسسة الدستورية من خلال بعض البرلمانيين، خاصة وأن هذا الموضوع باتت له صلة بسيادة المغرب.
ويحمان استغرب كيف يتمكن شخص واحد، وهو رئيس مجلس الطوائف اليهودية في مدينتي مراكش والصويرة “جاكي كوديش” والذي سبق وصرح أن “هذا القانون ليس أمامه أي حظ حتى يمر في البرلمان”، أن يوقف مبادرة أربعة فرق برلمانية، هذه مصيبة حقيقية وهذا امتحان للمؤسسات التي المفروض فيها أنها تمثل إرادة الشعب المغربي، لكن ها هو شخص لا تمثيلية له في مواجهة المؤسسة وينتصر عليها، هنا تطرح أسئلة حقيقية عن السيادة ومن يمارسها؟ وما معنى هذه المؤسسات؟ وما معنى البرلمان؟ما معنى الانتخابات أصلا؟
وجوابا على سؤال حول الخطوات التي سيقدم عليها المرصد للضغط من أجل إقرار قانون تجريم التطبيع، أكد ويحمان أنهم يقومون بكل ما يستطيعون فعله، لأن قضية القدس والأقصى وفلسطين قضية وطنية، والأقصى بالنسبة للمغاربة يمثل أولى القبلتين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فهذا معتقد يأتي قبل أي شيء بالنسبة للمغاربة، وهذا حقهم، إضافة إلى أن لدى المغاربة أوقاف بالأقصى اغتصبها الصهاينة، وفي البيان الأخير للمرجعيات الدينية في الأقصى مضمن فيه المطالبة باستعادة مفاتيح باب المغاربة، والتي لاتزال في يد الصهيانة منذ أن احتلوا القدس وهدموا حارة المغاربة التي يقفون فيها اليوم على عظام المغاربة للتعبد عند حائط البراق.
ويحمان اعتبر أن المصادقة على القانون تأخرت كثيرا، وأنه تمت قرصنته، لكنه شدد على أن قانون تجريم التطبيع امتحان جدي وحقيقي لخدمة القضية من جهة، والوقوف على مصداقية المؤسسات وجدواها من جهة أخرى.