يا أيها الشيخ دكتور الدكاترة أفتني في رؤياي إن كنت للرؤيا تعبر…
هوية بريس – محمد بوقنطار
الغضب مغلق للفكر، حامل على البغي ومجانبة العدل، وأغرب ما في الخصومات أن من خاصم محاميا ظالما هو كان أو مظلوما لطالما كان من لازم هذه الخصومة مجافاة مهنة المحاماة وألفاظ مرافعاتها وبدلتها السوداء ورموزها وناسها أجمعين، وهذا مثال تنسحب قاعدته لتستوعب جل الخصومات، ولعل من تأمل حال الدكتور الفايد وقف على أن سبب هذه الحيدة وهذا الانقلاب منشؤهما ما دأب الدكتور أن يعرج في أغلب خرجاته على نبزه بصاحب القفطان وصاحب اللحية، وهذا إلف معهود في دنيا الناس فمن كانت له خصومة مع ملتزم مافتئ لاعنا نابزا مجافيا في جسارة متداعيا على قصعة الدين والوحي وما ارتبط بهما ومت لهما بصلة من بعيد أو قريب.
ولذلك، ومنه، وعليه طفق الدكتور مناديا داعيا إلى تنحية وتخلية محاريب الإمامة الراتبة ومنابر الخطابة وكراسي الوعظ والإرشاد من جنس هؤلاء ونوعهم، ناصحا في تحضيض أخرق واستعداء أحمق بواجب استبدالهم بالمهندسين والأساتذة الجامعيين والأطباء ولربما منعته باقية الحياء من العطف بالمغنيين والممثلين والمخرجين…
وهذه آفة الغضب إذا تعضد باستحسان المرء لنفسه ورضاه واستغناؤه بالشواهد العلمية في قارونية طافحة ببطر الحق وغمط الناس وذلك الكبر وذلك الكبر يا عائشة.
لقد نسي الدكتور فجأة تحت غلبة الهوى، وسطوة الانتصار لنفسه وطلب الشرف لدنياه، أن الكثير من خطباء الجمعات، وجلساء الكراسي العلمية والوعظية بمساجد المملكة هم في الأصل مهندسون، وأطباء، وأساتذة جامعيون، وتقاة جمع الله لهم التفوق في مسار الدرس العلمي الشرعي، وقبله مسار الطلب العلمي الكوني، بل يوجد منهم من حباه الله متكلما فصيحا بألسن عدة تنعت اليوم باللغات الحية، ثم ألم يكن حريا به النظر إلى حاله هو لا غيره، واجترار أطوار سيرته حتى العهد القريب يوم كان استدلاله على الكوني بالشرعي، واعتزازه بمحفوظ القرآن، ومستظهر الحديث، ومأثور السلف الصالح، وتلك دندنته المعهودة فكيف استبدل فجأة الذي هو أدنى بالذي هو خير؟؟!
إنني وأنا أتابع متلو خرجات السيد الدكتور أجد نفسي فازعا في اضطرار إلى ترديد وصية سيد الخلق إلى ذلك الصحابي الذي جاءه مستنصحا، وذلك قوله له وللأمة من بعده في نهي وتحضيض ملؤه الحرص: لا تغضب. لا تغضب. لا تغضب.