يا دعاة الحرية إننا مسلمون.. حوار هادئ مع كل علماني
هوية بريس – ذ. نور الدين درواش
مما تقرر في الإسلام أن أركان الإيمان ستة: وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ
فأما الإيمان بالقدر فقد ورد في قوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) [القمر:49].
فالإقرار بهذه الأركان الست التي لا يُعَدُّ الإنسان مسلما إلا بها يستلزم من المؤمن الاعتراف بأن الإنسان لا يملك التصرف بحرية مطلقة كما يدعو إليه دعاة الحرية الغربية.
• فنؤمن بالله الواحد الأحد، الذي خلقنا لعبادته، ونحن خلقه وعبيده وملكه، لا نتصرف في أنفسنا ولا في أموالنا وشؤوننا إلا وفق إرادته، (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [الأعراف:54] فهو سبحانه خلقنا، وهو الذي يأمرنا وينهانا.
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ونؤمن بأن الله هو الحاكم علينا معشر العباد ونحن ليس لنا إلا الامتثال والانقياد لحكمه؛ (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) [
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ونؤمن بأن حكمه وشرعه خير لنا من حكمنا لأنفسنا: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50].
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
وحُكمه سبحانه وتعالى تابع لِحِكْمَتِه فلا يشرع ولا يقضي إلا بما فيه مصلحة العباد (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) [
ولن يستقيم حال البشرية التي تتخبط اليوم في التيه والضلال والفتن والحروب والقلائل إلا في ظل حاكمية الله سبحانه وتعالى (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) [النساء:66].
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
• ونؤمن بالملائكة وهم خلق مطهرون، خلقهم الله من نور وكلفهم بوظائف… ومنهم جبريل عليه السلام الموكل بالوحي، أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغنا من خلاله ما يجب علينا فعله وما يجب علينا تركه؛ قال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ)
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ومن الملائكةِ الكَتَبَةُ الذين وَكَّلَهُم الله بكتابة أعمالنا، أحدهما عن اليمين والثاني عن الشمال وهذه الأعمال سنجازى بها وعليها. قال تعالى: (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:16-1
وقال: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [ال
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ونؤمن بالملكين الذين يسألان الميت في قبره: (من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟).
فيجيب العبد وفق ما عاش عليه في الدنيا، قال تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ).[إيراه
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
• ونؤمن بالكتب التي أنزلها الله على عباده المرسلين هداية لخلقه، قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
ومنها القرآن الكريم وهو خاتمها وناسخها، الذي أمرنا الله بتحكيمه والاحتكام إليه، فهو دستور الأمة الأبدي الذي أمرنا الله تعالى بالتحاكم إليه؛ قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ. فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ. لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا) [ا
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
• ونؤمن بالرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشرية لإقامة الحجة عليها، لِيَدُلُّوها على شَرْعِ ربها قال الله تعالى عنهم: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) [النساء:165].
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ومن هؤلاء الرسل خاتمهم وسيدهم وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعثه رحمة لنا وللعالمين وأمرنا بتحكيمه والتسليم لحكمه فقال: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء 65].
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ونؤمن باليوم الآخر الذي يبعث الله فيه الخلق للحياة الأبدية التي لا تنتهي؛ إما في الجنة وإما في النار، ذلك اليوم الذي يحاسب الله عز وجل في الخلق؛ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)[الزلزلة
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
ونؤمن بالجنة التي أعدها الله لأهل طاعته، والنار التي توعد بها سبحانه أهل معصيته؛ قال تعالى: (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ) [المؤمنون:102-104].
وقال:( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً) [الطلاق:11].
وقال: (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) [الأ
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
• ونؤمن بالقدر خيره وشره، ولله سبحانه وتعالى أمران:
أمر كوني قدري: وهذا لا اختيار للعبد فيه فالله خلقنا وفق إرادته من أبوين لم نخترهما، وفي بيئة لم نخترها، وبألوان وأجناس وأعراق وألسُنٍ لا دخل لنا فيها…
وهذه أمور لا نحاسب عليها لأننا نحن عبيد لله فيها كونا وقدرا لا اختيارا وتكليفا.
أمر شرعي: وهذا الذي نزلت به الكتب وجاءت به الرسل وتعلق به التكليف.. ولئن كان الإنسان لا يحاسب على الأمور القدرية لعدم تكليفه بها وعدم اختياره لها فإن الأمور الشرعية بخلاف ذلك
فَكَيْفَ يَظُنُّ مَنْ هَذِهِ عَقِيدَتُهُ أَنُّهُ حُرٌّ؟؟
يا دعاة الحرية؛
هذه عقيدتنا التي نؤمن بها والتي لا يسع كل مسلم إلا أن يؤمن بها لأنها كلام الله (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا)[النساء:
فقد جمع كلام ربنا بين الصدق في الأخبار والعدل في الأحكام، (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الأنعام :115].
فهل من قرأ القرآن وآمن به يملك أن يعتقد أنه حر في أفعاله وتصرفاته وأنه لا رقيب عليه ولا حسيب.
فاللهم لا!
فاللهم اهدنا واهد كل مريد للخير والحق من العلمانيين إلى صراطك المستقيم.