يضم حلفاء للسعودية والإمارات وانفصاليين وسلفيين.. تشكيلة المجلس الرئاسي اليمني الجديد
هوية بريس – متابعات
“في عملية إقالة ملطفة”، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عن نقل كافة سلطاته بلا رجعة إلى مجلس الرئاسة اليمني، الذي أعلن عن تشكيله لحكم البلاد، بالتزامن مع قراره عزل نائبه القوي اللواء محسن الأحمر، الذي يوصف بأنه مقرب للإسلاميين.
وبث التلفزيون اليمني، فجر الخميس 7 أبريل 2022، كلمة الرئيس هادي، قال فيها “أفوض مجلس قيادة الرئاسة بموجب هذا الإعلان تفويضاً لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية”.
ورحَّبت المملكة العربية السعودية بالقرار، وأكدت دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والكيانات المساندة له، لتمكينه من ممارسة مهامه في تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة، من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية، وإنهاء الأزمة اليمنية”.
وأعلنت الرياض عن تخصيص 3 مليارات دولار لدعم الاقتصاد اليمني، و300 مليون دولار لمبادرة الأمم المتحدة الإنسانية بشأن اليمن، كما استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رئيس المجلس الجديد وأعضاءه.
ويعتقد أن هذا القرار بالأساس قرار سعودي، باعتبار أن هادي الذي تولى منصبه نحو عشر سنوات خاضع بشكل كامل للرياض، ونادرا ما يغادرها، وتحدثت تقارير متعددة عن أنه قيد الإقامة الجبرية بالمملكة.
ونصَّ إعلان هادي على أن يكون مجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد محمد العليمي، وبعضوية 7 أعضاء هم سلطان العرادة، وطارق صالح، وعبد الرحمن أبو زرعة، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وعيدروس الزبيدي، وفرج البحسني، وكلهم لهم نفوذ سياسي وعسكري على الأرض في اليمن.
يعكس المجلس ما يمكن تقسيماً للنفوذ بين السعودية والإمارات، وكذلك محاولة لإرضاء العناصر الانفصالية الجنوبية مع إعطاء دور ولكن ليس كبيراً لحزب الإصلاح الإسلامي، الذي لعب دوراً كبيراً في دعم جهود حكومة عبد ربه منصور هادي في محاربة الحوثيين، وأحياناً الانفصاليين في الجنوب.
وكان لافتاً في هذا الصدد عزل منصور في قرار منفصل اللواء علي محسن الأحمر، الذي يحظى بشعبية كبيرة في البلاد، منذ انحيازه للثورة اليمنية عام 2011، ودوره في محاربة الحوثيين، والرجل معروف عنه علاقته المعتدلة مع الإسلاميين، خاصةً مع حزب الإصلاح.
ووصف رئيس الدائرة الإعلامية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، علي الجرادي، تشكيل “مجلس رئاسي توافقي” برئاسة رشاد العليمي، بأنه يُنهي الصراعات السياسية والبينية بين مكونات الشرعية، ويجدد الأمل في توحد الجهود السياسية والمكونات العسكرية لمواجهة ما وصفه بالانقلاب، واستعادة الدولة اليمنية، وتوفير الخدمات والاستقرار، وعودة السلطات لممارسة صلاحياتها من الداخل.
رئيس المجلس رشاد العليمي، المولود في محافظة تعز (وسط اليمن) عام 1954 سيكون الرئيس الثالث لليمن منذ توحيده عام 1990، إذ سبقه كل من علي عبد الله صالح وعبد ربه منصور هادي.
والعليمي هو ضابط برتبة لواء، قادم من خلفية أمنية أكاديمية، إذ عمل أستاذاً بجامعة صنعاء، وتدرَّج في عدة مناصب أمنية في وزارة الداخلية، وعُين إبان حكم صالح وزيراً للداخلية، ونائباً لرئيس الحكومة لشؤون الدفاع والأمن، ووزيراً للإدارة المحلية.
كما عُين العليمي -الذي كان مقرباً من صالح، قبل أن ينشق عنه مع بداية عمليات التحالف في اليمن- مستشاراً لهادي، وخلال سنوات الحرب ظل مقيماً بين العاصمتين السعودية الرياض والمصرية القاهرة.
ويتمتع العليمي بعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية والجماعات السياسية الأخرى داخل اليمن، بما في ذلك حزب الإصلاح الإسلامي، حسبما ورد في تقرير لوكالة أسوشيتد برس “AP” الأمريكية.
ومؤخراً طُرح اسمه كثيراً خلال الأزمات التي عصفت بالرئاسة اليمنية والحكومة، كما كان يحظى بتقدير في الوسط الأمني حين تولى قيادة الداخلية، حسبما ورد في تقرير لموقع الجزيرة نت.
واللافت أن كل الشخصيات المعينة في المجلس قادمة من خلفيات مختلفة، وكان لها دور فاعل خلال سنوات الحرب.
سلطان العرادة حوّل محافظة صغيرة لمعقل مقاومة الحوثيين
ويتصدر تلك الشخصيات محافظ مأرب، المعقل الأخير للحكومة شمالي اليمن، اللواء سلطان العرادة، الذي يقود القتال المستمر ضد الحوثيين منذ 2015، ويحظى بتوافق كبير من الأحزاب والقيادات العسكرية المناهضة للحوثيين.
ويدير العرادة المحافظة الغنية بالنفط والغاز، وخلال سنوات الحرب استطاع أن يجعل من مدينة مأرب الصغيرة -التي تضم قرابة 300 ألف يمني قبل الحرب- مقصداً لليمنيين والنازحين، إذ يبلغ سكانها الآن أكثر من 3 ملايين يمني، وفق السلطات المحلية.
كما يضم المجلس محافظ حضرموت (جنوب شرقي البلاد) اللواء فرج البحسني، وهو عسكري سابق في جيش دولة جنوب اليمن، أعاده الرئيس هادي من السعودية وعيّنه قائداً للمنطقة العسكرية الثانية عام 2015، قبل أن يضيف له منصب محافظ المحافظة عام 2017.
ويُتهم البحسني بفشل الإدارة، وتشهد المحافظة بشكل دائم احتجاجات غاضبة تنديداً بتردي الخدمات الأساسية، غير أنه يحسب له تجنيب المحافظة دوامة الصراع، التي ضربت المحافظات الجنوبية.
وضُم إلى المجلس عثمان مجلي، عضو البرلمان عن حزب المؤتمر الشعبي (حزب الرئيس علي عبد الله صالح)، ووزير الدولة والزراعة السابق، ويُعرف الرجل المنحدر من محافظة صعدة (شمالي اليمن) بقربه من السعودية، كما أنه واحد من أبرز الشخصيات التي خاضت مواجهات ضد جماعة الحوثيين منذ الحرب الأولى عام 2004.
العضو الرابع في المجلس، وفق “عربي بوست”، هو عبد الله العليمي، وينحدر من محافظة شبوة (جنوب شرق)، وسطع نجمه منذ بدء الحرب عقب تعيينه مديراً لمكتب الرئيس هادي، وينظر له أنه مقرب من حزب الإصلاح الإسلامي
وكان العضو الأخير في المجلس مفاجأة، وهو قائد ألوية العمالقة ذات التوجه السلفي عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي.
إذ يعد أبو زرعة المحرمي قائداً لفصيل عسكري لَطالما قدَّم نفسه أنه لا يسعى إلى منصب سياسي، كما أن الرجل -الذي يظهر للمرة الأولى على وسائل الإعلام- عُين قائداً لقوات العمالقة من قِبل الإمارات، رغم معارضة عدد من القيادات العسكرية.