يوسف بايغو: رفض مندوبية السجون لعملنا النقابي خرق للقانون وتراجع عن المكتسبات الحقوقية للمملكة
حاوره: منير بوطاهر (رئيس اللجنة الاعلامية والتقنية بالنقابة)
هوية بريس – الأربعاء 27 يناير 2016
حوار صحفي حصري مع السيد “يوسف بايغو” رئيس اللجنة القانونية والحقوقية بالنقابة الوطنية للأطر المشتركة بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.
* ما هي قراءتكم لرفض المندوبية العامة فتح باب الحوار مع نقابة السجون؟
أولا، أحيي الطاقم الإعلامي على مجهوداته الجبارة، والتي تبلورت في إنشاء الموقع الالكتروني الخاص بالنقابة الوطنية للأطر المشتركة بمندوبية السجون، والذي أصبح مرجعا لا غنا عنه لكل المهتمين بالشأن السجني.
أما بخصوص سؤالكم، فموقف مسؤولي المندوبية العامة لإدارة السجون من نشأة النقابة كان واضحا ومتوقعا، إذ أننا قوبلنا بالرفض التام للعمل النقابي بقطاع السجون، بالرغم من أننا أطر مدنية تكفل لها التشريعات والقوانين الموضوعة ممارسة هذه الحقوق، إذن فرفض المندوبية العامة التحاور مع الممثلين النقابيين، بالرغم من تعدد المراسلات في هذا الشأن، يعتبر خرقا للقانون وتراجعا عن المكتسبات الحقوقية للمملكة.
وكما سبق الذكر، فعدم التجاوب كان متوقعا، لذلك فقد عملت النقابة على امهال مسؤولي المندوبية وقتا كافيا حتى يتأقلموا مع الوضع الجديد، أي وجود نقابة بالقطاع تأطر وتنظم الموظفين المدنيين، وهذا ما يعكسه البرنامج النضالي للنقابة الذي سطر خلال السنتين الماضيتين، إذ تميز بالتريث والتدرج والالحاح على فتح الحوار كآلية حضارية لمناقشة المطالب المشروعة. لكن، على ما يبدو، أو يمكن القول بكل تأكيد، فالمندوبية العامة غير مستعدة لتطبيق القانون، مما يفتح الباب أمام برنامج تصعيدي من نوع آخر تمت المصادقة عليه نهاية السنة الماضية والذي ستتضح معالمه عما قريب.
** ألا ترون أن العمل النقابي داخل السجون يعد مستحيلا، نظرا لحساسية هذا القطاع الذي لطالما وصف بالأمني؟
لا مستحيل في مجال الحقوق والحريات، وكدليل على ذلك، فقد مارسنا العمل النقابي بقطاع السجون لأزيد من سنتين بكل وعي ومسؤولية، بالرغم من كل الضغوطات والتضييق الممنهج الذي مورس علينا، فالحركة النقابية هي ظاهرة اجتماعية لم تنشأ من فراغ، بل جاءت كحل تنظيمي لتأطير العلاقة بين المشغل و العامل (بمفهومهما العام)، بل على العكس فالمستحيل هو البحث عن إيجاد حلول شاملة لتطلعات ومطالب الموظفين خارج الاطار النقابي، والاعتماد في معالجة مشاكلهم المشتركة على القنوات الادارية الصرفة.
أما بخصوص حساسية قطاع السجون الذي يدخل في خانة القطاعات شبه العسكرية، فبالفعل فقطاع السجون ذو خصوصية لأنه ليس بقطاع اقتصادي منتج، أو قطاع خدمات، بل هو قطاع يعنى بتنفيذ العقوبات الصادرة في حق المعتقلين بالإضافة إلى مهام إعادة إدماجهم، ولكنني لا أرى أي تعارض بين الطبيعة الوظيفية للمنتمين للقطاع و بين العمل النقابي، الذي كما سبق الذكر يؤطر العلاقة بين الموظف والادارة بعيدا عن العلاقة المهنية التي تربط الموظف بالمعتقل هذا الأخير الذي يضفي الخصوصية و الحساسية على قطاع السجون.
*** بصفتكم رئيسا للجنة القانونية والحقوقية للنقابة، كيف تقيمون موقف منظمة العمل الدولية من الحكومة المغربية بخصوص ممارسة الحرية النقابية تماشيا مع المعايير الدولية في العمل، وخصوصا بقطاع السجون؟
سؤال مهم، كما تعلمون فمنظمة العمل الدولية هي الجهاز الدولي المتخصص في صياغة المعايير الدولية في مجال الشغل، وكذا مراقبة حسن تطبيقها واحترامها من طرف الدول الأعضاء، والمغرب بصفته عضوا في المنظمة لأزيد من 60 سنة، صادق خلال هذه المدة على مجموعة من الاتفاقيات التي تهم تدبير الشؤون المهنية ومعايير الاستخدام والعمالة وكذا تنظيم العلاقة بين الأطراف المهنية، وبخصوص ممارسة الحرية النقابية، والتي تعتبر من بين أهم مبادئ وأهداف المنظمة كما هو مسطر في دستورها، فقد قننت هذه الحرية وممارستها في مجموعة من الصكوك، نذكر منها الاتفاقية 87 “الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي”، وكذا الاتفاقيتين 98 ” الخاصة بتطبيق مبادئ الحق في التنظيم النقابي وفي المفاوضة الجماعية” و 151 “ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤﻕ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻲ ﻭﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻻﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ”، وقد صادق المغرب على الاتفاقيتين 98 و151 في انتظار التصديق على الاتفاقية 87 التي تعتبر مطلبا حقوقيا مشتركا.
أما بخصوص موقف المنظمة من الحكومة المغربية وممارسة الحرية النقابية، فقد سبق للجنة الخبراء، وهي جهاز المنظمة الرقابي، أن عابت على الحكومة المغربية عدم الالتزام بمقتضيات الاتفاقية 98 وخرقها ، مفسرة في مجموعة من التعليقات، التي تنشر في الموقع الرسمي لمنظمة العمل الدولية، أن المغرب يخرق بنود الاتفاقية وذلك بمنعه ، بحكم القانون الموضوع، مجموعة من فئات الموظفين من الحق في ممارسة الحرية النقابية، في حين أن الاتفاقية الدولية رقم 98 ، والتي لا تقبل التحفظات، تخول لهم ذلك ، وفي المقابل طلبت من الحكومة المغربية رفع الحيف على هذه الفئات عن طريق مراجعة التشريعات الوطنية، وقد خصت بالذكر موظفي إدارة السجون .
إذن كخلاصة، ولكي أتمم الاجابة على سؤالكم، فممارسة الحرية النقابية بقطاع السجون بالمغرب ، مكفولة لجميع الموظفين، بمختلف أطيافهم، بحكم الاتفاقيتين الدوليتين رقم 98 و 151 اللتان صادق عليهما المغرب، إلا أن التنزيل يبقى قاصرا. ولكن إن شاء الله فنقابتنا قد أعدت ملفا متكامل الوثائق قصد رفع شكاية رسمية لذى منظمة العمل الدولية بخصوص هذه الخروقات.
وشكرا لكم.