عمر لم يقتل.. من عمر الرداد إلى عمر محب..
هوية بريس – عدنان أحمدون
في سنة 1991، ستكتشف الشرطة الفرنسية مقتل السيدة ’غيزلين مارشال’، وستجد الشرطة عبارة “عمر قتلني”، مكتوبة بدمها الأحمر على الباب الموارب. العبارة كانت كافية لاعتقال عمر، الذي كان يشتغل بستانيا عندها بين فترة وأخرى في تنظيف ورعاية حديقتها المنزلية.
بدأ التحقيق المأساوي مع عمر، بلغة بوليسية لا يتقنها ولا يفهم ما تقوله الشرطة، حول جريمة لم يرتكبها، ولا كان حاضرا لحظة وقوعها.
ولأنه مهاجر، وبسبب العنصرية المتراكمة، ضد المهاجرين، وبخاصة مهاجرو المغرب العربي، سيجد القضاة العنصريون فرصتهم للتعبير عن حقدهم الدفين على المهاجرين، في شخص عمر، وسيصدرون حكما جائرا ضده، وسيحكمون عليه بثمان عشر سنة سجنا نافذا.
صرخ عمر، لكن صرخته لن تغنيه، فقد ثبت للشرطة أنه كان يرتاد صالات القمار! وما علاقة جريمة القتل بارتياد صالات القمار؟؟؟
في سنة 1996، سيصدر الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، عفوا رئاسيا بتخفيض الحكم بحق عمر الرداد إلى 4 سنوات ليطلق سراحه في سبتمبر 1998.
في سنة 2002، سيصدر عمر ارداد كتابه “لماذا أنا”، يروي مأساته.
في فيلم “عمر قتلني: قصة جريمة”، سيصرخ المحامي جاك فيرجس (أدى الدور موريس بن عشو)، أمام الرأي العام قائلا: “منذ 100 عام تمت إدانة عسكري بسبب يهوديته أما اليوم فيدان البستاني عمر رداد لأنه مغاربي.
قصة عمر شبيهة بقصة عمر. ففي سنة 1993، أي بعد سنتين من اكتشاف الشرطة الفرنسية، مقتل السيدة ’غيزلين مارشال’، واكتشاف عبارة ’عمر قتلني’، التي كتبها المجرم القاتل بدم الضحية، ستكتشف الشرطة المغربية مقتل الطالب، أيت الجيد، ولأن الضحية يساري، ولأن عقلية الشرطة ونفسيتها عنصرية، تجاه العدل والإحسان، كتبت الشرطة في محاضرها بدم القتيل، وبصيغتها: ’عمر قتلني’.. وكما كان الرأي العام العنصري الفرنسي، مهيأ لتصديق الفرية، فكذلك كان حال الرأي العام اليساري العنصري، مهيأ لتصديق الفرية، وإضافة ما يمكن إضافته عليها من عناصر التشويق والتأثير والضغط.
لم تشفع الدلائل والقرائن المتواترة، الموثقة بالصوت والصورة، للبريئ المظلوم عمر محب، أن عمر كان متواجدا لحظة وقوع الجريمة، خارج مدينة فاس.
الجميل في قضية عمر أنه بعد وقوع جريمة قتل الطالب آيت الجيد، تابع دراسته بذات المدينة، وحصل على الإجازة في الفيزياء سنة 1995، وتزوج واستقر بذات المدينة، وظل ينظم معارض للكتب، حتى حدود سنة 2006، أي بعدما مرت 11 سنة على وقوع جريمة القتل، حيث سيعتقل، ويتابع بجريمة لم يرتكبها.
صرخ عمر، مثلما صرخ عمر، لكن صرخته لن تغنيه فقد ثبت للشرطة أنه كان يرتاد مجالس العدل والإحسان..
وما علاقة جريمة القتل بارتياد مجالس العدل والإحسان؟؟؟
لا أتخيل أن يصدر رئيس الدولة، عفوا ملكيا، يقضي بتخفيض الحكم بحق عمر محب، كما أصدره الرئيس الفرنسي السابق، على عمر الرداد، ولأن عمر محب بريئ، فلن يقبل العفو، ولأن العفو سيدين القضاء الشامخ.
أتوقع أن يصدر عمر محب، بعد خروجه من سجن الظلم، كتابه “لماذا أنا”، يروي مأساته مع الإستبداد ضد العدل والإحسان، كما أصدر عمر الرداد كتابه، الذي روى فيه مأساته مع العنصرية ضد المهاجرين.
فمن يجرأ على إخراج فيلم “عمر قتلني: قصة جريمة”؟ ومن سيصرخ في الفيلم أمام الرأي العام قائلا: منذ 100 عام تمت إدانة مولاي امحند بسبب قيادته المقاومة ضد الإحتلال، أما اليوم فيدان عمر محب لأنه من العدل والإحسان!