06 أسئلة تشرح لك “النزاع العسكري المزمن” الدائر منذ ثلاثة عقود بين “أذربيجان” و”أرمينيا” ..
هوية بريس – وكالات
تعتبر مشكلة إقليم “قره باغ” الأذربيجاني، المحتل من قبل أرمينيا منذ عام 1992، إحدى أبرز مشاكل منطقة القوقاز، التي لم يتم حلها وبقيت حاضرة بقوّة على جدول أعمال النقاشات الدولية، منذ ما يقرب من 30 عاما، لاسيما مع هجمات الأرمن المتزايدة.
العديد من الخبراء رأوا أن أرمينيا عمدت إلى تصعيد التوترات في منطقة جنوب القوقاز، من خلال جبهة “قره باغ”، لتشتيت الانتباه عن مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية، بالتزامن مع تزايد المطالبات داخل أذربيجان، بتحرير المنطقة المحتلة وعودة المهجّرين إليها.
ويجيب التقرير التالي، عن 6 أسئلة، تشرح أزمة “قره باغ”، الإقليم الذي بقي فيه وقف إطلاق النار حبرا على ورق، فيما عمدت الدول التي اجتمعت لإيجاد حل للأزمة إلى تغذيتها وإشعالها، في ظل فشل الدبلوماسية في تحقيق أي نتائج.
السؤال الأول: متى وكيف بدأ نزاع قره باغ؟
يعود أصل الصراع الأذربيجاني الأرميني إلى بداية القرن العشرين، فخلال حقبة الاتحاد السوفيتي، قرر جوزيف ستالين إنشاء منطقة حكم ذاتي أرمنية في “قره باغ”، داخل حدود جمهورية أذربيجان السوفييتية.
عمد ستالين، حينها، على توطين العديد من الأرمن في مناطق مختلفة من “قره باغ”، لتبدأ سياسة الروس هذه تؤتي ثمارها الدموية في التسعينيات.
وعندما بدأ الضعف يسري في بنية الاتحاد السوفيتي، طالب الأرمن بنقل “قره باغ” من سيادة أذربيجان السوفيتية إلى أرمينيا السوفيتية، فتحول الصراع بين الجانبين إلى حرب واسعة النطاق في أوائل التسعينيات.
احتل الأرمن، بدعم من موسكو، مدينة خانكيندي الأذربيجانية (أكبر مدن قره باغ) عام 1991، ثم مدينتي شوشا وخوجالي عام 1992.
بعدها، استولى الأرمن على لاجين، وخوجه وند، وكلبجار، وآغدره، ودخلوا أغدام عام 1993، تبع ذلك احتلال محافظات جبرائيل وفضولي وقوبادلي وزنكيلان.
وخلال الهجمات التي شنتها العصابات الأرمنية والقوات المسلحة الأرمينية لاحتلال مزيد من الأراضي، عمدت تلك العصابات والقوات على ارتكاب أبشع المجازر بحق الأتراك الأذربيجانيين خلال هذه الفترة.
وتمكن الأرمن، خلال تلك الفترة، من احتلال 20 في المئة من الأراضي الأذربيجانية، وإجبار ما يقرب من مليون أذربيجاني على مغادرة مناطقهم.
السؤال الثاني: ما هو بروتوكول بيشكيك الذي تم توقيعه قبل 26 سنة وبقي حبرا على ورق؟
مع تزايد المذابح الأرمنية ضد المدنيين الأذربيجانيين، وقع الطرفان في العاصمة القرغيزية بيشكيك، على اتفاق وقف إطلاق النار المعروف باسم “بروتوكول بيشكيك”، في 5 ماي 1994.
جاء ذلك، بعد اجتماع بمبادرة من الجمعية البرلمانية لبلدان رابطة الدول المستقلة، وبرلمان جمهورية قرغيزيا، والجمعية العامة الفيدرالية ووزارة الخارجية الروسيتين.
وبتوقيع البروتوكول على مستوى البرلمان، تم الاتفاق على أنه اعتبارا من 12 ماي 1994، سيعلن الطرفان وقف إطلاق النار وعدم القيام بعمليات عسكرية متبادلة، وانسحاب القوات من “المناطق المسيطر عليها”، وإعادة تشغيل البنية التحتية، وتوقيع اتفاق ملزم قانونيا ينص على عودة اللاجئين.
تم التوقيع على نسخة الوثيقة، التي تم إحضارها إلى العاصمة الأذربيجانية باكو، في 8 ماي 1994، بعد إجراء بعض التغييرات من قبل رئيس البرلمان آنذاك، وبإلحاح من الجانب الأذربيجاني، استعيض عن كلمة “المناطق المسيطر عليها” في النص بكلمة “محتلة”.
وعلى الرغم من إنهاء الهجمات والعمليات العسكرية وفق البروتوكول، إلا أن وقف إطلاق النار ظل حبرا على ورق طيلة السنوات الـ26 الماضية، وتكبد كلا الجانبين خسائر كبيرة في صفوف قواتهما.
السؤال الثالث: لماذا لم تجد المنظمات الدولية حلا؟
في 24 مارس 1992، شكلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا “مجموعة مينسك”، بهدف إيجاد حل سلمي لنزاع “قره باغ”، وتولت روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الرئاسة المشتركة للمجموعة.
ولم تحقق مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أي نتائج على صعيد حل المشكلة طيلة السنوات الـ26 الماضية.
واكتفى الرؤساء المشاركون لمجموعة مينسك، الذين زاروا البلدين بشكل دوري واجتمعوا بالسلطات، بتحذير الطرفين من انتهاك وقف إطلاق النار في كل مرة.
السؤال الرابع: كيف ساهمت روسيا في تعميق أزمة “قره باغ”؟
بينما لعبت روسيا دور الرئيس المشارك في مجموعة مينسك، اتبعت في الوقت نفسه سياسة خلق حالة من عدم اليقين والسيطرة على طرفي النزاع.
فقبل وبعد اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة بين أرمينيا وأذربيجان في عام 1994، عمدت روسيا إلى تسليح أرمينيا، رغم جميع الاحتجاجات الأذربيجانية.
وخلال هذه الفترة، سرت أنباء عن قيام روسيا بإرسال شحنات مباشرة من الأسلحة لأرمينيا على شكل منحة، كما أوعزت للشركات الخاصة الروسية بتكثيف بيع الأسلحة لأرمينيا.
وفي تقرير أعده رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي ليف روخلين، عام 1997، كشف عن حجم الأسلحة التي تبرعت بها روسيا لصالح أرمينيا في الفترة ما بين 1993-1996، حيث وصلت قيمة الأسلحة الروسية المتبرع بها لأرمينيا مليار دولار.
من ناحية أخرى، في عام 2008، نشرت وسائل إعلام روسية، أن موسكو تبرعت بمبلغ 800 مليون دولار من الأسلحة لأرمينيا.
وفي 19 غشت الماضي، أعلن الرئيس الأرميني السابق سيرج سركسيان، في تصريح صحفي، أن روسيا أرسلت أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة إلى أرمينيا ما بين عامي 2010-2018.
جاء ذلك بعد الهجمات العسكرية، التي نفذتها القوات الأرمينية على منطقة “توفوز” الأذربيجانية (شمال غرب) الحدودية، في يوليو/ تموز الماضي.
وفي عام 2015، خصصت روسيا قرضا لصالح أرمينيا بقيمة 200 مليون دولار لشراء أسلحة، وفي إطار هذا القرض اشترت أرمينيا أسلحة من روسيا بسعر السوق المحلي.
وخلال اشتباكات عام 2016، على خط الجبهة (خط وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان في المناطق المحتلة)، تمكنت أذربيجان من تحرير بعض المرتفعات الإستراتيجية، وردت روسيا على تقدم أذربيجان بنشر صواريخ “إسكندر إم” في أرمينيا.
السؤال الخامس: ما هو موقف تركيا من قضية “قره باغ”؟
أعلنت تركيا ومنذ اليوم الأول للاشتباكات دعمها لأذربيجان، وذلك بما ينسجم مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ودعا المسؤولون الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، أرمينيا في أكثر من مناسبة، للانسحاب من الأراضي الأذربيجانية المحتلة.
وشدد المسؤولون الأتراك، مرارا وتكرارا، بعد إمكانية تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع أرمينيا، ما لم تسحب يريفان قواتها العسكرية من الأراضي الأذربيجانية المحتلة.
السؤال السادس: ما هي مقترحات الحل للأطراف حول مشكلة “قره باغ”؟
لم تعترف أي دولة أو منظمة دولية بشرعية الاحتلال الأرميني لإقليم “قره باغ” وأراض أذربيجانية أخرى، رغم مرور ما يقرب من 30 عاما على الاحتلال.
وخلال تلك الفترة، اعتمد مجلس الأمن 4 قرارات، تطالب أرمينيا بالانسحاب من المناطق المحتلة دون قيد أو شرط، لكن يريفان لم تمتثل لهذه القرارات.
ويطرح الجانب الأذربيجاني انسحاب الجنود الأرمن من المناطق المحتلة، كشرط لبدء عملية الحل، كما تعد حكومة باكو بحكم ذاتي رفيع المستوى لإقليم “قره باغ”، فيما تطالب أرمينيا أن يتحول الإقليم إلى جمهورية مستقلة عن أذربيجان. (الأناضول)