الدكتور البشير عصام يكتب عن شدة الإمام ابن حزم واستغلال العلمانيين لها
هوية بريس – متابعة
الثلاثاء 11 غشت 2015
كتب الدكتور البشير عصام في صفحته الرسمية في “الفايسبوك”: “العلامة ابن حزم مدرسة علمية باذخة، تتجاوز مجال الفقهيات إلى ميادين الأصول والمنطق والأدب ومناهج العلوم وغيرها.
وليس من غرضي هنا الكلام عن هذا العلَم السامق، ثناء ولا انتقادا. وإنما أحببت أن أشير إلى جزئية في منهجه، يجدر التنبيه عليها، وهي أنه: كثير الشكوى من أذى خصومه – وهذا حق لا ريب فيه -، وهو مع ذلك شديد الإذاية لخصومه، بلسان مخذم، لا يقيل العثرات لأصحاب الهيئات فضلا عمن دونهم، ولا يلتمس الأعذار لكبير في العلم ولا صغير.
وهذه الصفة موجودة في كثير ممن تأثر بابن حزم من العلماء في القديم والحديث: الشعور بالاضطهاد، والخصام بالاحتداد!
وإذا كان هذا موجودا في أهل العلم، فهو في غيرهم من أهل الشذوذ العصري: فاش كثير!
فكل ذي شذوذ، حريص على مخالفة المعهود، يجعل من ابن حزم قدوة له في هذه الصفة، فتجده يملأ الدنيا ضجيجا بأنه محجور عليه، مضطهَد فكريا في بيئته، بسبب جرأته وشجاعته في قول الحق؛ ثم تجده مع ذلك مستهزئا بالمخالف، شديدا عليه، أكثر من شدة المخالف عليه!
ولذلك تجد العلمانيين عندنا -ومثلهم بعض الدعاة المنغمسين في حمأة العلمانية- يحتفون بابن حزم أشد ما يكون الاحتفاء، وينادون به إماما مجددا، وداعية من دعاة الإصلاح، رفضَتْه بيئته العلمية وتنكرت له، كما يتنكر ”سدنةُ الهيكل لكل مهرطق، مخالف للسائد”!!
ولكن هؤلاء لا يأخذون من ابن حزم إلا هذه الشذوذات التي تفرد بها، والمنهج الحجاجي القاسي الذي نشره في الأمة، ولا يأخذون منه صوابه الكثير، وعلى رأسه: تعظيم نصوص الوحي إلى الغاية التي يرجى له بها عظيم الأجر، وجزيل الثواب.
كما أنهم حين يحتفون بالمعتزلة، لا يستلهمون منهم غير تقديم العقل على النقل، ولا يلتفتون مثلا إلى صرامتهم الفكرية، التي تصل إلى درجة التسارع في تكفير المخالف!
ولبسط هذا موضع آخر.
والله الموفق”.