«الشاباك» يكشف السبب الحقيقي وراء تراجع المقاومة في الضفة
هوية بريس – متابعة
الخميس 13 غشت 2015
قالت تقارير إعلامية إن المعطيات التي أفرج عنها جهاز الأمن العام بالاحتلال الصهيوني “الشاباك”، بشأن المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، لم تبدوا مفاجأة.
حيث تُعدّ المعطيات التي نشرها موقع “والا” الصهيوني، أمس الأربعاء، بمثابة “تحصيل حاصل” للسياسة الأمنية التي تتبعها السلطة الفلسطينية، وترجمة فعلية لخطها السياسي، باعتبار أن “المفاوضات السلمية” هي الخيار الاستراتيجي الوحيد أمام الفلسطينيين.
وبحسب صحيفة “العربي الجديد”، فإنه تم تركيز السعي لتفريغ غضب الناس في الضفة الغربية عبر مسيرات أسبوعية، تحت شعار “النضال السلمي”، في النشاطات المناهضة لجدار الفصل العنصري، في نعالين وبلعين. وظلّ الحراك مقتصرا على مسيرات استعراضية مرسومة ومحددة السيناريو، حتى بعد سقوط الوزير الفلسطيني زياد أبو عين شهيداً، في إحداها، في 10 ديسمبر الماضي.
وقال التقرير أنه “لم يغيّر استشهاد وزير من حركة “فتح” وعضو في المجلس الثوري للحركة، من خط الحركة التي يسيطر عليها الرئيس محمود عباس، بل إن المعطيات التي أفرج عنها “الشاباك” تفيد بـ “تعزيز قدسية التنسيق الأمني وضرب المقاومة المسلحة بكل أشكالها”.
وقد بيّن تقرير موقع “والا”، أنه “بموجب معطيات الشاباك، فقد تمكن من إحباط 17 عملية استشهادية، بينها سبع عمليات لأفراد غير حزبيين، ولا ينتمون لأي من الحركات والفصائل الفلسطينية، وخمس محاولات قام بها عناصر من حركة حماس، وخمس أخرى من مختلف التنظيمات الفلسطينية. كما أن السلطة أحبطت عددا غير محدد من العمليات، من دون الإعلان عن ذلك، حتى لا تزيد حدة الانتقادات والرفض الفلسطيني لمجرد التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال”.
وأوضح التقرير أنه “بالعودة إلى معطيات “الشاباك” كما نشرها “والا “، يتضح أنه “على الرغم من قلة هذه المحاولات نسبياً، فإنه لا يزال لدى الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة، موقف واضح من مقاومة الاحتلال، عبر عمليات مسلحة وتنفيذ هجمات ضد جنود الاحتلال وأهداف إسرائيلية والمستوطنين”.
غير أن هذا وحده يبدو غير كافٍ، إذ يشير التقرير إلى أن “تقديرات الشاباك لنوعية العمليات التي تم إحباطها (وتلك التي نجحت، خصوصاً سلسلة عمليات الدهس التي نُفّذت العام الماضي في القدس المحتلة، واستهدفت عدداً من أفراد حرس الحدود، والمستوطنين في القدس عند محطات انتظار القطار الخفيف)، لا تزال أقلّ حدّة وعنفواناً مقارنة بعمليات المقاومة التي رافقت الانتفاضة الثانية في العام 2000. لأنها أدّت إلى عسكرة الانتفاضة عبر استخدام البنادق والمسدسات الخفيفة في عمليات إطلاق نار على مركبات جيش الاحتلال في مختلف أنحاء الضفة ونصب كمائن له”.
ووفقاً للتقرير، فإن “عمليات المقاومة التي أُحبطت في الأشهر السبعة الماضية، وتلك التي تم تنفيذها، تتمّ من قبل عناصر مجهولة، ومن دون وجود قائمة من المطلوبين المعروفين لسلطات الاحتلال”. وينبع ذلك من تقارير صحافية سابقة من العام الماضي، تُفيد بأن “السلطات الإسرائيلية تمكنت على مدار الأعوام الماضية وبفضل التنسيق الأمني، من اعتقال كافة المطلوبين لسلطات الاحتلال، قبل عملية خطف المستوطنين الثلاثة في يونيو 2014.
وتم إكمال المهمة بعد قيام سلطات الاحتلال ضمن عملية عودة الأخوة (الاسم الذي أطلقه الاحتلال على عمليات اجتياح الضفة الغربية) بتنفيذ سلسلة حملات اعتقال في صفوف عناصر ومؤيدي حماس، وسط تردي السلطة الفلسطينية، وباعتراف الاحتلال، بأنها تقدم ما استطاعت في سبيل ضمان بقاء التنسيق الأمني ومحاربة الإرهاب”.
وبحسب موقع “والا”، فإن “وجود الرغبة لتنفيذ عمليات انتحارية (وفق قاموس الاحتلال)، ووجود نشاط فلسطيني خارج المنظمات والفصائل الفلسطينية الرسمية، بل عبر تشكيل خلايا مستقلة، يُشكّل مشكلة كبيرة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية”. ويذكر الموقع أن “مثل هذه الخلايا لا تقوم على أساس أيديولوجي فصائلي، أو بنية تنظيمية محددة المعالم والبناء، وإنما على أساس علاقات الصداقة وقرابة الدم، أو من خلال تعارف أفراد المجموعة في أماكن العمل أو الدراسة الجامعية أو من خلال بناء هذه الخلايا عبر شبكات التواصل الاجتماعي”.
ومع أن هذا النوع من التنظيمات يبدو، وفق الأجهزة الإسرائيلية، نوعا من “إرهاب الهواة”، إلا أن مثل هؤلاء الهواة خططوا حتى الآن لثماني عمليات اختطاف تمّ إحباطها، بالإضافة إلى عملية خطف المستوطنين الثلاثة العام الماضي. وتبيّن أن العلاقة الرئيسية بين أعضاء الخلية المنفذة للعملية، وإن كانت تابعة لـ”حماس”، إلا أنها كانت قائمة على قرابة الدم بين أفرادها. وقد بلغ مجمل العمليات التي يدّعي “الشاباك” إحباطها في العام الحالي، بالإضافة لتلك التي أحبطتها الأجهزة الفلسطينية، 111 عملية مختلفة، تشمل 17 محاولة لتنفيذ عمليات استشهادية.
ويُشير تقرير “والا” إلى ما أسماه “التغيير الحاصل في الوعي الفلسطيني في كل ما يتعلق بمقاومة الاحتلال”. ويضيف أنه “إذ لم يعد، خلافاً للوضع خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، محبباً لدى الناشطين الفلسطينيين، أن يتحول المقاوم منهم إلى مطلوب لسلطات الاحتلال، مما يضطره للفرار من وجه الاحتلال وهجر بيته وبلدته، على غرار ما جرى في حالة خلايا الفهد الأسود في منطقتي جنين ونابلس إبان الانتفاضة الأولى”. ويكشف أن “العبرة الآن هي في النجاح من تنفيذ عملية ضد الاحتلال، والعودة إلى روتين الحياة اليومية”.
أما في حالة العمليات التي يقوم بها عناصر تابعون للفصائل الفلسطينية، وتحديداً حركة “حماس”، فإن التقرير يشير إلى أن “الحركة غيّرت نمط نشاطها الذي كان سائداً بين عامي 2006 و2009، وبات نشاط أفرادها يتمحور في منطقة سكناهم في الضفة الغربية المحتلة، عبر اعتماد الخلايا المحلية على الارتجال في نشاطها، وفي تزوّدها بالسلاح من دون الرجوع بالضرورة إلى الحركة الأم”.
وهذا ما يفسر إحباط غالبية العمليات داخل الضفة، مما يؤكد أن “بنك أهدافها” يتمحور حول مواقع ومركبات جيش الاحتلال أو المستوطنين، من دون أي وجود مخطط لتنفيذ عمليات داخل أراضي 48، وذلك لصعوبة تنظيمها، مع ما يرافق ذلك من خطر المجازفة باكتشاف الأمر عند حواجز الاحتلال.
بالتالي فإنه من السهل على عناصر المقاومة في الضفة، الاكتفاء بتنفيذ عملية إطلاق نار على أهداف “إسرائيلية”، سواء كانت للجيش أم المستوطنين، بدلاً من القيام بعمليات شائكة ومركبة. ومع تراجع نوعية وحجم العمليات، في ظلّ هذه التغييرات في نمط تركيب الخلايا أو التخطيط لعمليات فردية، فإن “الشاباك” لا يخفي، بحسب “والا”، حقيقة استمرار نمط تشكيل خلايا مناطقية. ولم تعد تلك الخلايا محددة بقرية واحدة، أو مخيم واحد، بل يأتي بعض أفرادها من أكثر من قرية أو بلدة.
وهذا النوع من الخلايا يُشكّل مصدر قلق أقلّ لسلطات الاحتلال، لسهولة الوصول إليها عبر معلومات استخبارية، باعتبارها “مكشوفة” للنشاط الاستخباري لـ”الشاباك” والأجهزة الأمنية الفلسطينية. ويعيد هذا النوع من الخلايا إلى الأذهان نمط الخلايا الكلاسيكية القديمة التي كانت تقيمها “حماس” في الضفة، عبر استخدام منظومة الدعوة ودروس الدين في المساجد والهيئات الإسلامية المختلفة، تحديداً في صفوف الكتل الطلابية الجامعية للحركة في الجامعات الفلسطينية في الضفة.
أما النوع الأخير من الخلايا للمقاومة الفلسطينية التي تتبع “حماس”، فهي تلك التي يدّعي الاحتلال أنه “تم تشكيلها بواسطة محرري صفقة وفاء الأحرار الحمساويين، الذين تمكنوا من تشكيل قواعد لهم في القرى الأصلية التي عاشوا فيها في الضفة قبل إبعادهم إلى غزة، وأسسوا عملياً خلايا وقواعد ميدانية، بانتظار التعليمات”. أخيراً، يذكر التقرير أنه “باستثناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، فقد غابت باقي التشكيلات المقاومة التابعة للفصائل الفلسطينية الأخرى”.