رسالة الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بمناسبة اليوم العالمي للمدرس
هوية بريس – عبد الله المصمودي
السبت 05 أكتوبر 2013م
دعت الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية في رسالة توجيهية لها إلى الاهتمام بقضايا المدرس، والنهوض بأوضاعه المادية والمعنوية، وتعزيز كرامته، وتوفير ظروف العمل المناسبة له ليؤدي مهامه على أحسن وجه، تحت شعار: جميعا من أجل تعزيز كرامة المدرس والأطر التربوية؛ وفيما يلي نص الرسالة:
“في الخامس من شهر أكتوبر من كل سنة تخلد الأسرة التعليمية يومها العالمي تقديرا لدورها وإجلالا لمكانتها وجهدها المبذول في تربية الأجيال وإسهامها في تنمية المجتمع والإنسان.
وبهذه المناسبة تتقدم الجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية بخالص عبارات التهنئة والتقدير لكافة المدرسين والمدرسات ولكل العاملين في مجال التربية والتكوين ببلادنا متوخية التذكير بواجب الأمة نحو هذه الفئة العظيمة، وداعية العلي القدير أن تكون هذه السنة حبلى بالأفراح والمسرات ومليئة بالنجاح والتوفيق لها وللأمة المغربية جمعاء.
وانطلاقا من المكانة السامية التي يتبوؤها المربون، ووعيا بالتحديات اليومية والمسؤوليات التربوية والاجتماعية الجسيمة التي يضطلعون بها، ونظرا للمعاناة والصعوبات الميدانية التي تواجههم في أداء رسالتهم النبيلة، واستنادا إلى المرجعيات الكبرى التي يهتدي بها نظامنا التربوي، فإن واجب التقدير والاحترام لها بات منتظرا بل واجبا وطنيا بامتياز إذا نحن أردنا تأهيل مدرستنا الوطنية والنهوض بناشئتنا على كل المستويات.
وبديهي أن يكمن نجاح أي نظام تربوي في ارتكازه على رؤية واضحة بمنهاج متكامل، وبنى تحتية موازية لتصريف هذه الرؤية، ثم على موارد بشرية من إداريين ومؤطرين ومدرسين مؤمنين برسالة هذا المنهاج، ومؤهلين تأهيلا نفسيا وعلميا ومهنيا يليق بجسامة الدور المنوط بهم.
ففيما يتعلق بالمدرس نص الميثاق الوطني للتربية والتكوين في المادة:17 على أن: (للمربين والمدرسين على المتعلمين وآبائهم وأوليائهم وعلى المجتمع برمته حق التكريم والتشريف لمهمتهم النبيلة، وحق العناية الجادة بظروف عملهم وبأحوالهم الاجتماعية، وعلى الدولة حق الاستفادة من تكوين أساس ومتين ومن فرص التكوين المستمر حتى يستطيعوا الرفع المتواصل من مستوى أدائهم التربوي والقيام بواجبهم على أكمل وجه..).
وفي المادة:38 يقر الميثاق كذلك بأنه: (يتم حفز جميع الأطر التربوية بالاعتماد على ثلاثة ركائز: تحسين الوضعية الاجتماعية، والاعتراف باستحقاقاتهم، ومراجعة القوانين المتعلقة بمختلف المراتب). ¨
كما أن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى 20غشت 2013 ألمح لهذا الأمر حينما أشار جلالته في سياق تقييمه لمنظومة التربية والتكوين إلى أن (الله سبحانه وتعالى أنعم على بلادنا بثروة متجددة وهي مواردنا البشرية..)؛ التي منها بكل تأكيد كافة المدرسين والأطر التربوية.
كما سبق لجلالته أن دعا إلى العناية بهم في خطاب سابق سنة 1999 أمام نواب الأمة، حين قال: (نريد من مؤسساتنا التربوية والتعليمية أن تكون فاعلة ومتجاوبة مع محيطها.. (إلى أن قال) وكذلك العناية بأطر التعليم التي نكن لها كل العطف والتقدير، التي هي في أمس الحاجة إلى مزيد من العناية بها والتكريم).
إن الاهتمام بكرامة المدرسين والأطر التربوية، وتحسين ظروف عملهم، ومعالجة الاختلالات المعيقة لعملهم، والظواهر السلبية المسيئة لمكانتهم والتي قد تسهم في تشويه سمعتهم، يعتبر المدخل الأساس لإعادة الاعتبار لمشروعنا التربوي، وأن أي تساهل أو تهاون في هذا الجانب قد يفضي إلى توتير العلاقة بين أطراف العملية التربوية برمتها، ومن ثم إلى انعدام الثقة بين المجتمع والمدرسة، وبالتالي إلى مزيد من التطاول على هذه الفئة واستباحة حرمتها من قبل دعاة الفتنة ورعاة الجهل والتخلف.
وإذا كان حتميا أن نعيد النظر في بعض جوانب منظومتنا التربوية بعين موضوعية وبصيرة مستنيرة ومبصرة، لمعالجة اختلالاتها البنيوية، فإن نظر الإنصاف والصواب لا يمكن أن يخطئ ولا أن يفوت الانتباه إلى تحسين أوضاع هذه الفئة وجبر أضرارها بتحقيق مطالبها المادية والمعنوية، وبمحو ما تراكم حولها من صور سلبية وأحكام خاطئة من خلال ما ينبعث من هنا وهناك من سلوكات شاذة ومواقف مهينة ترتبط آثارها بالأسرة التربوية عامة، ويوظفها بعض المجحفين كمادة دسمة لتشويه سمعة الجميع.
لذا نهيب -بهذه المناسبة- بكل قطاعات المجتمع وبمكوناته الفاعلة، من آباء وجمعياتهم وسلطات محلية وقطاعات رسمية ووسائل الإعلام المختلفة وكل المتدخلين في الشأن التربوي، للإسهام في رد الاعتبار لرجال ونساء التربية والتكوين بالتقدير والاعتراف بالجميل والتعاون معهم على تحقيق مصالح الأجيال ودرء المفاسد عنها.
كما ندعو الأسرة التربوية كافة إلى الانخراط بفعالية وإخلاص في أداء رسالتها العظيمة على أكمل وجه وبمهنية عالية مراعية في كل ذلك مراقبة الله تعالى الذي لا تخفى عليه من العباد خافية ومتحفزة لابتغاء رضاه وثوابه الجزيل في الدنيا وفي الآخرة.
والله نسأل أن يسددنا وهو الهادي إلى سواء السبيل، {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا} [الإسراء: 84]“.