طاعة ولي الأمر بين الإمام المتغلب والإمام المعزول!
ذ. طارق الحمودي
هوية بريس – الإثنين 29 يوليوز 2013م
رأيت بعض الناس من المحسوبين على العلم ينتقدون المعتصمين في رابعة العدوية وغيرها من الميادين ويصفونهم بالخوارج؛ وأنهم فئة ممتنعة مارقة باغية يجب قتالها إجماعا، وهذا ظلم للشرع والتاريخ، وزيادة ظلم للمعتصمين وتعريض حياتهم للخطر بسبب تقديم غطاء شرعي لقتلهم.
وادعوا أن في هذا إجماعا؛ وغفلوا أو تغافلوا أن ذاك الإجماع ينعقد بعد الإجماع على بيعة المتغلب طوعا وكرها؛ والمعتصمون لا يعترفون بإمامة المتغلب إلى الآن حتى يلزمهم طاعته، ولذلك حرص أهل العلم عند الحديث على صحة إمامة المتغلب على اشتراط الاتفاق على بيعته ولو كرها من المخالفين؛ ثم اشترطوا أن يبين للطائفة الممتنعة في زعمهم أنها على خطأ، وأن تعطى مظلمتها، وأن تزال حججهم، فإن عاندوا قوتلوا.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني:
ولو خرج رجل على الامام فقهره وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له وأذعنوا بطاعته وتابعوه صار إماما يحرم قتاله والخروج عليه، فإن عبد الملك بن مروان خرج على ابن الزبير فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه طوعا وكرها، فصار إماما يحرم الخروج عليه، وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم، ويدخل الخارج عليه في عموم قوله عليه السلام: “من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان”، فمن خرج على من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيا وجب قتاله، ولا يجوز قتالهم حتى يبعث إليهم من يسألهم ويكشف لهم الصواب، إلا أن يخاف كلبهم فلا يمكن ذلك في حقهم، فأما إن أمكن تعريفهم عرفهم ذلك وأزال ما يذكرونه من المظالم وأزال حججهم، فإن لجوا قاتلهم حينئذ لأن الله تعالى بدأ بالأمر بالإصلاح قبل القتال فقال سبحانه: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}.
فلاحظ قوله: (حتى بايعوه طوعا وكرها)؛ والمعترضون على الانقلاب لم يبايعوا أصلا، وهم الأكثرية..
ولاحظ قوله: (حتى يبعث إليهم من يسألهم ويكشف لهم الصواب)؛ وجلنا يعرف أن الصواب معهم، وأنه لم يبعث إليهم ليسألوا عن مظلمتهم ,بل المنقلبون يعكسون الحقائق ويكذبون ويقتلون..
ولاحظ قوله: (وأزال ما يذكرونه من المظالم وأزال حججهم)؛ والمظالم معروفة وحججهم لا يقدر المنقلبون على إزالتها..
هذه وجهة نظري في المسألة؛ وما زعموه من تغلب الإمام السيسي!!!!! لم يحصل إلى الآن، وأتذكر أن القاضي عياض رحمه الله عندما تغلب الموحدون على بلاد المغرب لم ينزع يدا من طاعة في سبتة؛ وعزم على عدم نقض العهد الذي بينه وبين المرابطين؛ فصوب أهل العلم فعله. فلما تغلبوا عليه، وضاق الحصار على أهل سبتة اضطر إلى الاستسلام أقر لهم بالطاعة كرها.
هذا ما ظهر لي سريعا من ملاحظة على ما يزعمون ..حسبي الله ونعم الوكيل.
أسأل الله تعالى أن يكشف الغمة عن أهل مصر، ويخرجهم من ضيق إلى سعة، ومن خوف إلى أمن.. اللهم آمين.