غرائب وعجائب الحملة الانتخابية
عبد الله النملي (كاتب وباحث)
هوية بريس – الخميس 03 شتنبر 2015
النوادر هي الأشياء التي يقل وجودها أو حدوثها، وتتميز بالخروج عن المألوف، وبذلك أطلق على الأحداث الغريبة الوقوع نوادر أو غرائب أو طرائف. ومع بداية الحملة الانتخابية للجماعات الترابية المقررة بالمغرب في الرابع من شتنبر 2015، بدا المشهد ساخراً مع تنوع أساليب الدعاية والشعارات المرفوعة، التي عكست صراعا سياسياً بين مختلف الأحزاب.
وها قد طوينا أسبوعا كاملا، وحتى الآن مازال المواطنون “يستمتعون” بدوي مفرقعات الطرائف الانتخابية التي تستمر إلى ما بعد منتصف الليل، منها ما هو غريب طريف، ومنها ما هو حزين ومبكي، لكل حي ولكل حارة، ولكل زقاق، ولكل زنقة حصتها من هذه المتعة الساخرة. ومن بين الدعاية الانتخابية خرجت بعض الغرائب التي لم يعتدها المغاربة.
وعلى موقع هسبريس تقدم قيس مرزوق الورياشي، جامعي مغربي، ببرنامج انتخابي للبيع مساهمة منه كمواطن، إلى تطوير فعالية وكفاءة المؤسسات المنتخبة على مستوى البلديات. وتمشيا مع هذا الهدف، وضع الجامعي المغربي البرنامج رهن إشارة أي حزب أو تكتل حزبي أو تكتل “لامنتمي”، شريطة الأداء المسبق، في شكل درهم رمزي، بحيث يتم الأداء لدى موثق، بدون أن يصاحب ذلك أية دعاية أو حملة إعلامية مرتبطة بعملية التوثيق، وكذا الالتزام، الموثق أيضا، بالعمل وفق هذا البرنامج، طيلة مدة انتداب الحزب أو التكتل الحزبي أو تكتل “اللامنتمين” الذي يتبناه. وفي منطقة الريف، أطلق الملياردير المغربي أحمد الموساوي، المقيم بجماعة بني شيكر بالناظور، نداء لمنح المواطنين 1000 درهم، مقابل عدم التصويت على المرشحين الذين يقدمون رشاوى انتخابية للفوز بمقاعد المجالس. ودعا الملياردير كافة المواطنين إلى منح أصواتهم لصالح من يجدون فيه الشخص المثالي لتولي شؤون المواطنين.
وبالمحكمة الابتدائية بمدينة سلا، وضع مستشار بالغرفة الثانية شكاية يتهم فيها برلمانيا آخر، بـ”النصب والاحتيال واستعمال شيكين سلما على سبيل الضمان”. البرلماني اعترف بشكل صريح، في نص الشكاية، المنشورة تفاصيلها على موقع الرأي المغربي، بأنه سلم للبرلماني شيكين بنكيين تبلغ قيمتهما الإجمالية 40 مليون سنتيم، مقابل التصويت لفائدته للوصول إلى رئاسة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بإقليم الرشيدية. وبعد فوزه برئاسة الغرفة وتسليمه مُقَابِلَ تصويته ومطالبته بإرجاع الشيكين، ادعا الطرف الآخر أنهما ضاعا منه في ظروف غامضة. وكشف في شكايته أن البرلماني استعمل الشيكين لاحقا في ابتزازه لأجل التصويت لصالحه للفوز برئاسة المجلس الإقليمي وكذا رئاسة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالإقليم ذاته.
وقالت يومية المساء أن وكيل لائحة حزب الاتحاد المغربي للديمقراطية بالقنيطرة حاول الانتحار بسم الفئران، لأن عددا من المرشحين الذين أضافهم للائحته انتقلوا إلى حزب منافس بعد قضائه أياما لجمع أعضائها الـ65، مما أدى إلى إسقاط لائحته لدى السلطة المحلية. وأوردت الجريدة ذاتها أن مصالح الدرك الملكي بمدينة شيشاوة، اعتقلت مرشحا كان يخوض الحملة الانتخابية عن حزب الأصالة والمعاصرة، بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد.
وجاء توقيف المرشح خلال وجوده بمقر القيادة قصد تسلمه الوصل النهائي لإيداع ملف ترشحه، بعد عملية تنقيطه الآلي، حيث تبين أن المرشح موضوع مذكرة بحث وطنية. وذكرت الجريدة نفسها أن مقر حزب جبهة القوى الديمقراطية بحي النهضة تعرض لمداهمة من مجموعة من الشباب الذين قاموا بسرقة مجموعة من الأثاث المكونة من زرابي وكراسي ومكاتب وغيرها، كرد فعل على عدم حصولهم على مستحقاتهم وأتعابهم اليومية خلال مشاركتهم في الحملة الانتخابية لفائدة الحزب المذكور.
وضبط رجال الدرك الملكي مرشحا من الحركة الشعبية بجماعة انكا بآسفي وهو يوزع قوالب السكر على المواطنين طمعا في تصويتهم. وذكرت جريدة الأخبار أن فاعلة جمعوية وحقوقية بمدينة برشيد لم تكن تعتقد يوما، أن شغفها بخوض غمار التجربة السياسية وانضمامها إلى أحد الأحزاب السياسية سيقودها إلى السجن، وذلك حين اتجهت نحو مقر مصلحة البطاقة الوطنية بأمن برشيد لسحب نسخة من بطاقة السوابق من أجل استكمال ملف الترشيح، لتفاجأ بكونها موضوع مذكرة بحث وطنية منذ أزيد من أربع سنوات، من أجل جنحة إصدار شيك بدون رصيد، تفوق قيمته 70 ألف درهم، ليتم اعتقالها على الفور.
وتداول موقع لكم 2 صورة لملصق انتخابي لأحد المرشحين يقدم نفسه على أساس أنه عاطل عن العمل، ويعد منتخبيه إلى تأمين فرص للشغل لهم. وعلق نشطاء الفايسبوك على الصورة بعبارات ساخرة، حيث تساءل أغلبهم: كيف سيحاول المرشح المذكور تشغيل أبناء المدينة مادام هو قد عجز عن الحصول على عمل. واختار مرشح في دوار “التقلية” بعين الشق طريقة جديدة لضمان تصويت الناخبين عليه في دائرته، حين شرع في منح “بونات” عيد الأضحى، وهو يقول: “اللي بغا بعيد بالحلال يصوت عليا”. وفي دائرة حي يعقوب المنصور اشترى أحد المرشحين دراجتين من نوع ثلاثي العجلات لمنحهما للشخص الذي يثبت حصوله على شعبية كبيرة تخول له الانضمام إلى لائحته، حيث أقام في كراج ما يشبه “كاستينغ” بحثا عن المرشح المطلوب.
وجاء في جريدة الأخبار أن مرشحا لامنتمي بجماعة راس العين اختار توزيع الأدوات المدرسية على أبناء دائرته وهو يردد “أنا همي الكبير هو الأبناء فهم مستقبل البلاد”. وذكر موقع “بلادنا” أن أحد المرشحين بمدينة “زايو” قرب الناظور، حاول استمالة الناخبين بوعد غريب، يتمثل في مساعدة الشباب على الحصول على التأشيرة للهجرة إلى أوروبا مقابل منحهم أصواتهم للفوز في الانتخابات. وذكر موقع إنصاف بريس، أن محمد مبديع، وزير الوظيفة العمومية ووكيل لائحة الحركة الشعبية بالفقيه بنصالح، شرع في “رمي العار”، على أفراد قبيلة اولاد عمير من أجل التصويت عليه من جديد. وأوضحت يومية الصباح التي أوردت الخبر، أن “العار” أثناء الانتخابات يشكل وسيلة وآلية لضبط المصوتين، خصوصا منهم الذين ما زالوا يؤمنون بأنهم ستلحقهم مصيبة إذا لم يلبوا رغبة “رامي العار” عليهم. ونقلت الجريدة عن مصدر حزبي قوله، إن مبديع اعتاد في كل محطة انتخابية أن يوظف “رمي العار” والقسم على المصحف الكريم من أجل جلب المزيد من الأصوات الانتخابية وتجنب “الخيانة”.
وبالجماعة القروية سيدي لحسن بإقليم تاوريرت، حصل مرشح على سبع تزكيات من أحزاب مختلفة. وأكد مصدر مطلع، أن حصول المرشح على هذا الكم من التزكيات، كان بدافع قطع الطريق على بعض منافسيه الذين كانوا يعتزمون اللجوء إلى هذه الهيئات للحصول على التزكية كي يضمن مقعده في دائرته بشكل مريح. وعرفت قلعة السراغنة حادثة طريفة، تمثلت في مطاردة كلب لأحد المرشحين المتصدرين للائحة انتخابية دون سواه، مما اضطره إلى الهروب والصعود إلى أعلى شجرة، وطلب النجدة من رفاقه الذين كانوا في حملة انتخابية للتواصل مع المواطنين. وبأحد القرى النائية ببركان، سقط أحد المرشحين من “المنصة” وهو يخاطب الناخبين، في لقطة طريفة أضحكت الحاضرين، بعدما هوت به “مادرية” ليفقد توازنه، ويجد نفسه في موقف لا يحسد عليه. وعلق أحد الحاضرين قائلا: “هذا جزاء من يوزع الوعود الكاذبة”، لأن المرشح بالغ في وعوده الزائفة.
وتداول مجموعة من نشطاء الفايسبوك مقطع فيديو مثير، تدعو فيه ممثلة مغربية معروفة المواطنين إلى عدم محاربة الفساد بقولها: يجب أن نقول لا لمحاربة الفساد بمدينة سلا!! في أول ظهور وترشح لها باسم أحد الأحزاب الذي استطاع أن يدخل غمار الانتخابات بثلاث وجوه من عالم التمثيل والمسرح. وقال أحد النشطاء: “لي فراسها خرج.. لسانها غدر بيها”، فيما كتب آخر: “وبعدا مكذبتاتش عليكم، قالت ليكم بصراحة “لا لمحاربة الفساد” شي مرات الزلة تعكس الحقيقة”. وأظهر شريط فيديو قصير على “اليوتوب”، تم تداوله على نطاق واسع، سيدة غاضبة أمام مقر حزب الأصالة والمعاصرة بمكناس، تحتج على عدم استشارة مناضلي الحزب قبل وضع اللائحة النهائية التي ضمت أسماء لا علاقة لها بالحزب، ولعدم منحها التزكية للترشح للانتخابات، بالرغم من دفعها 10 مليون سنتيم كمصاريف.
ومن غرائب الانتخابات وجود أزيد من مائة مرشح بدون منافسين، وجاء في موقع “ناضور سيتي” أنه في خضم الصراع السياسي بين الأحزاب، استغربت ساكنة سلوان بوجود دوائر تقدم لها حزب الاستقلال في غياب تام لوجود أي حزب منافس. كما استطاع ثلاثة مرشحين من حزب العدالة والتنمية ضمان فوزهم في الانتخابات بعدما تقدموا في دوائرهم لوحدهم كمرشحين بجماعة امسكرود إقليم أكادير، وجماعة الخنك بإقليم الرشيدية، وجماعة كرامة بإقليم ميدلت.
وفي هذا الإطار ذكرت جريدة الأخبار أن قيادي الأصالة والمعاصرة إلياس العماري أبرز الذين دخلوا الانتخابات بدون منافسة، حيث لم يتمكن أي حزب آخر من تزكية مرشح في الدائرة 2 بجماعة النكور، مسقط رأس العماري. كما سيظفر الحزب مقاعد أخرى في نفس الجماعة، ويتعلق الأمر بالدائرتين 6 و11 التين لم يتقدم للترشح فيهما سوى مرشحان عن الأصالة والمعاصرة. ونفس السيناريو تشهده جماعة تفروين التابعة ترابيا لقيادة النكور، حيث أن أربعة دوائر على الأقل لن تعرف أي منافسة، وستعود لحزب الأصالة والمعاصرة.
ومن أجل الحظوة بموطئ قدم في الجماعات الترابية، لوحظ أن بعض المرشحات في اللوائح الانتخابية أنفقن الكثير من المال على مستحضرات التجميل، إضافة إلى إجراء التعديلات ببرنامج “الفوتوشوب” لجعل صورهن تبدو حسنة المنظر وفائقة الجمال، وذلك لتحريك مشاعر المقترعين لانتخابهن. وذكرت جريدة الأخبار أن حزب العدالة والتنمية تراجع عن ترشيح امرأة ترتدي النقاب في الانتخابات بعد أن اشترطت المعنية على الحزب عدم نشر صورتها أثناء الحملة، وهو الأمر الذي قابله الحزب بالرفض وتعويضها بأخرى لا تمانع في الكشف عن وجهها. كما أقدم والد إحدى مرشحات حزب الأصالة والمعاصرة بطرد ابنته من البيت، وإصدار قرار مماثل في حق شقيقتها مباشرة بعد أن علم بوجود صورة ابنته ضمن لائحة حزب الجرار في دائرة انتخابية بوزان.
وفي تدوينة على الفايسبوك ذكر الكاتب الصحفي امحمد الدحماني، أن أحد المواطنين توفي بجمعة سحيم بإقليم آسفي، وهذا أمر عادي، لكن غير العادي هو أن يتسابق المرشحون بشكل مقرف على خدمة “أهل الفقيد”، شي جايب الكراسي، وشي جايب الخيمة، وشي جايب اللعاقة.. وعلق أحد الظرفاء قائلا: “غير اللي ما بغى يموت خلال الحملة الانتخابية”.
وفي زنقة هامشية بمدينة أزيلال، لوحظ أن أحد حلاقي البلدة، يزداد فرحه وسروره كلما انطلقت حملة انتخابية، فالحلاق لم يترك الحملة تمر دون أن يتزود منها ويجمع في دكانه جميع أوراق المرشحين وبالمئات، لسبب بسيط أن الحلاق كلما مرر شفرة الحلاقة على ذقن زبون إلا واستعان بإحدى تلك الأوراق الصغيرة المربعة لمسح رغوة صابون الحلاقة من على الموسى، وهو يردد: “شكرا مرشحنا المحترم!!”.
شأن الحلاق في ذلك شأن بعض أصحاب المحلات التجارية الذين يستعينون بتلك الأوراق من أجل تسجيل الأرقام والحسابات. فكلهم يثنون على مرشحينا خيرا، من حيث تقديمهم مثل هذه “المساعدة” لهم، وحال سبيلهم يقول: “الحمد لله أن مرشحينا يساعدوننا سواء نجحوا أم لا!!”.