العدالة والتنمية أسقط أصنام الفساد في المدن.. والمغرب المنسي لا زال منسيا
هوية بريس – مايسة سلامة ناجي
الأحد 06 شتنبر 2015
نتائج الانتخابات الجهوية تدل فعلا على حقيقة طبيعة المشهد السياسي بالمغرب وجهاته.. كيف ذلك؟
فوز العدالة والتنمية بالمناطق الحضرية، بسبب وعي المواطنين بالمدن وارتفاع نسبة اهتمام الشباب بالشأن السياسي إما عبر المقاطعة الواعية لا العزوف تعبيرا عن الشك في نوايا النظام اتجاه الديمقراطية خاصة في مجال العدل، والعدل أساس الملك وأساس الديمقراطية وأساس كل شيء، حين نراه جامدا ميتا أمام أصحاب النفوذ والثروات..، إما عبر المشاركة باختيار أفضل الموجود. ووعي الشعب بأفضل الموجود لم يؤثر عليه لا المواقع الإخبارية التي تمرر أخبارا خلال الحملة الانتخابية فقط للأحزاب التي تمنحها ملايين الإشهارات، بينما تغض الطرف أو تسلق بألسنة حادة الأحزاب التي لا ترشيها بالإشهار، ولا نتحدث هنا عن المواد الإعلانية وإنما عن متن الأخبار والتقارير التي من المفترض أن تتسم بالحياد، كما لم يؤثر عليه الأقلام المبيوعة التي تخدم الأظرفة من تحت الطاولة. المواطن وصل لدرجة من الوعي تتحدى وتتخطى كل هذا الفساد الإعلامي الممنهج.
إضافة إلى وجود الأمن في المناطق الحضرية وسيطرة المراقبين على مكاتب التصويت ما لا يدع مجالا للشك على أن الانتخابات مرت فعلا في المدن بشفافية.. ما أدى إلى إسقاط أصنام الفساد التي عششت في العموديات منذ عقود وعقود.
هكذا استطاع البيجيدي اكتساح الأصوات ـ بفاس مقابل سقوط شباط ـ بمراكش وسقوط فاطمة الزهراء المنصوري من الأصالة والمعاصرة ـ بالدار البيضاء وسقوط محمد ساجيد (ياسمينة بادو وكريم غلاب) ـ بالمحمدية وهزيمة الباكوري ـ بطنجة وسقوط فؤاد العماري ـ بالرباط وسقوط فتح الله أولعلو (وبنشماس بيعقوب المنصور) ـ بسلا انتزع العمودية من حزب التجمع الوطني للأحرار ـ بأكادير وسقوط طارق القباج، بتطوان وسقوط الطالبي العالمي..
أما بالبوادي والقرى، حيث النظام أهمل المواطنين ووعيهم وتعليمهم وحاجياتهم وتركهم مدعاة للجهل والفقر.. فيعبر الساكنة هناك بالعزوف التام عن كل ما هو سياسة ويهمشونها كما همشتهم الدولة، وتظل فئة قليلة نخرها الفقر تجد في بيع صوتها بمقابل مادي طريقة انتقام من النظام ومن الحكومة، فلا تتوانى عن الإدلاء بشهادة زور في صناديق الاقتراع حيث تعم الفوضى ويغيب الأمن وتغيب المراقبة، وتتجول عصابات الانتخابات من شناقة وسمسارة وتستغل العموديات ممتلكات الدولة لتحمل المواطنين غصبا في الشاحنات مقابل 20 درهم للإدلاء بأصواتهم لحزب معين. كذلك فاز الأصالة والمعاصرة بأكبر عدد مقاعد 5064، لكن فقط في البوادي والدواوير وهوامش المدن.. مقابل أغلبية ساحقة للعدالة والتنمية في المدن ب4187 مقعدا تخول له رئاسة المقاطعات والعموديات والجهات دون تحالفات.
نتائج الانتخابات الجهوية هي الدليل القاطع على أن المغرب يمشي بسرعتين، سرعة المدن حيث التنمية وحيث الأمن وحيث الانتخابات أصبحت نزيهة والمواطن على مستوى راق من الوعي.. وسرعة المغرب غير النافع.. الذي على ما يبدو سيظل غير نافع لمدة أطول مما توقعنا، بما أن رؤوس الفساد لازالت ستنخر جماعاته. ولربما على الدولة أن تعيد في هاتين السرعتين النظر، وأن خطاب العرش 2015 الذي تحدث عن الفقر في الدواوير والمداشر لا يذهب سدى ويسارع وزير الداخلية إلى إنقاذ الساكنة من جهل قد يصيبنا في الانتخابات التشريعية القادمة!!! سعادتنا بسقوط أصناف الفساد وتعويضهم بنزهاء من طينة الأزمي.. لا تعني النوم الهنيء، وإنما تعني لنا مزيدا من اليقظة والمراقبة والمحاسبة سواء لعموديات وجهات العدالة والتنمية، أو لجماعات المغرب المنسي الذي تصدرته الأصالة والمعاصرة وبعض أحزاب “التلباق”!
كما أن على حزب بنكيران مزيدا من العمل ليثبت لمن قاطعوا وجوب عودة الثقة في الانتخابات التشريعية القادمة، أن يكف عن الاستكانة والرضوخ للعفاريت والتماسيح بما أنه تأكد من الدعم الشعبي ويبدأ بمجال لا يحتمل التأخير ألا وهو مجال العدل. طالما لا وجود في المغرب لمحاسبة المفسدين فالأحزاب تبقى سواء إلى أجل غير مسمى، ومباشرة المحاسبة هي الطريق الوحيد والأوحد لأن يثبت النظام وحزب بنكيران نواياهم الحقيقة اتجاه الإصلاح واتجاه البلد. غير ذلك ضحك على الذقون. لا ضرب هنا لأمثلة أردوغان وحزب العدالة والتنمية التركي الذي احتاج عقودا للإصلاح. إصلاح العدالة لا يحتاج إلا لنية، لقومة، لغضبة من تلك الغضبات التي تسجن وتقيل. ولديه عام كامل ليتبث ذلك.
(موقع إفريقيا).