شاي ومنظار مِنْ على بَهوِ القصر البلدي
الحبيب عكي
هوية بريس – الثلاثاء 08 شتنبر 2015
مِن على بهو القصر البلدي لمدينتي الأبية، جلست اليوم أنا والسيد الرئيس المحترم بعد الدوام، ولأول مرة أكتشف أن للقصر البلدي سلما وبهوا يمكن الصعود إليه عند ضغوط المكاتب والحاجة إلى الهواء المنعش، وإن كانت بجانبنا طاولة بكراسيها، ولأن المرء وما يريحه فقد جلسنا جلسة بلدية على حصيرة تؤثثها وسادتين وتتوسطها صينية كأس شاي منعنع، ونحن على أبواب الانتخابات، أخذنا ندردش حول الشأن المحلي للمدينة أية حصيلة؟؟ وأقسمت له أنني لن أشارك ولن أصوت إلا عن بينة واقتناع فبين لي وأقنعني؟
كان سطح البهو في الطابق الأعلى وتتوسطه تنورة عالية كمنارة القصر تطل على كل المدينة، وكان الشاي دافئا جميلا أعطى للحديث بيننا حلاوة ودفئا وسكينة، وبداية سألته ككاتب صحفي عبر بعض الجرائد والمواقع عن أحوال المدينة، فأعطاني منظارا فلكيا أخبرني انه مما امتلكه من نادي الدب القطبي لعلم الفلك أيام كان ينشطه عبر الحي والمدينة و الوطن، أدركت ساعتها ولأول مرة سر اهتمام سيادته بعلم الفلك وأبراج المراقبة ولوحات القيادة. أخذت المنظار العجيب أنظر عبره وإذا بكل مرافق المدينة مكبرة بين عيني، وحقا وصدقا لقد رأيت ما سرني كما سر السكان وسار بأخباره الركبان:
1- بداية معالم كبرى تشمخ كما في كل المدن.
2- بنيــــــات تحتية ومرافق عمومية جديدة.
3- مكننة خدمات العقود والشهادات وتفويض الإمضاءات.
4- شركات واستثمارات مع مختلف الهيئات والقطاعـــات.
5- العناية البالغة بالنظافة وجمع الأزبال في الأحياء والاحتفاء بعمالها.
6- شوارع وأزقة قديمة وحديثة معبدة بالإسفلت من النوع الرفيع تخترق المدينة وتيسر على ساكنتها حركة المرور و التجوال والاستمتاع.
7- مناطق خضراء اعشوشبت هنا وهناك، وكأن الشعار قد كان : “حديقة لكل حي “، ما أسعد الأباء في الخرجات وأفرح الأبناء في الألعاب والغدوات والروحات.
8- أرصفة مزلجة وإسفلتية // ملاعب القرب في كل حي // قاعات متعددة الخدمات في الأحياء // حافلات النقل الحضري والجمعوي // مقابر مصانة أعيد بناء أصوارها وأحكمت أبوابها ونظمت الخدمات بداخلها…؟؟.
9- وهذا نموذج تهيئة منتزه 3 مارس على الرابط :
https: //www.youtube.com/watch?v=nWYddef_gCI
أدركنا الليل ولم أتمم بعد متعة مشاهدة ما استجد في المدينة من الانجازات، صلينا صلاة المغرب هناك، وكان للصلاة في علياء العلياء إحساس آخر، تأسفت للسيد الرئيس أن أدركنا الليل، وأن أخذت من وقته الكثير ولم أتمكن من الاطلاع على كل عمل المجلس البلدي للرشيدية، قال بصدر رحب: لا داعي للأسف فلدينا حاسوب محمول، ولدينا آلة العرض Datashow، ولدينا The map city، فلنقلبها سينما العرض الأول، وستتفرج على كل شيء بالتفاصيل، “زنقة.. زنقة.. حي.. حي”، وفعلا مر بنا Mousse وG.p.s في الشاشة الحائطية الطويلة العريضة عبر العديد من الانجازات والنجاحات المهمة في المدينة ومنها:
1- تجزءات سكنية جديدة ومتعددة.
2- إنارة ساطعة في الأزقة والشوارع والأحياء.
3- نافورات طروبة وملونة في مفترق الطرق.
4- لوحات إشهارية و إرشادية في كل المدينة.
5- تهيئة الصرف الصحي لبعض الأحياء وبعض الوديان وضفافها.
6- تهيئة المنتزه بمركبات ترفيهية وسوسيوثقافية.
7- أسواق مهيكلة و منظمة في المركز والأحيـــاء.
8- بعض الاستثمارات التجارية والسياحية (أسيما و داسيا..)
9- بقع أرضية شاسعة مسترجعة من المضاربين العقاريين.
10- محطة طرقية محررة في سومة الكراء.
11- تخفيض التهرب الضريبي وعدم دفع بعض الكراءات.
12- فائض في المداخيل وارتفاع في الميزانيات السنوية المبرمجة.
وأخيرا أتممنا طواف المدينة، وأراد سيادة الرئيس الدخول معي في الأرقام والإحصائيات والبرمجيات والمستقبليات..، بل وأصعد لي من المكتب مجسم المدينة بعلامات وعلامات، في كل زاوية من المدينة علم الإشكال المطروح ومقابله علم الحل المقترح، ولفيتة مكتوب فيها كيف ومتى ومن يتابع؟؟. قلت لا داعي لذلك فقد رأيت كل شيء بأم عيني وتابعت الكثير مما كان متاحا، ولدي حتى بعض الوسائط التوثيقية والتواصلية الموزعة في هذا الشأن ، ولكن فقط أردت أن أتأكد مما وعلى ما يشكو الناس؟؟، ولما وعلى ما اليأس ومقاطعة الانتخابات؟؟، على ما نجهض أحلام مدينة كلها قد رشحت اليوم عاصمة للجهة ككل، وهي بذلك مرشحة لتضاعف معدلات نموها كما وكيفا أضعافا مضاعفة؟؟ قال لي سيادته وهو يطوف بي بين رياض السياسة والحكمة طوافه بين الكواكب والمجرات في علم الفلك: “نحن متفائلون لا يائسون، مشاركون لا مقاطعون، مصوتون لا ممتنعون، نعتقد من خلال تجربتنا الميدانية على الأقل ان الإصلاح ممكن ونستطيعه رغم كل العراقيل والنقائص على أهميتها القصوى والتي نحن واعون بها كل الوعي ونعمل جهد المستطاع على المساهمة في حلها، والحمد لله، إذا كان الفاشلون يرون في كل حل مشكلة فإن الناجحون يرون في كل مشكلة حلا، صحيح هناك مشاكل في مشهدنا التنموي على الصعيد الوطني عامة و على صعيد المدينة خاصة، ويمكن مناقشة هذا في فرص مناسبة، وصحيح أيضا أن هناك مشاكل في مشهدنا الانتخابي ولابد من حلها ولكن في حينها، لأن القطار قد انطلق ولا ينتظر المتأخرين ولا المنتظرين ولا حتى المتفرجين والمشككين، لذا فمناضلنا مشكورين على قدم وساق في حملتهم ، وجلهم يعرف هذا ومن لا يعرف خرج من الحملة الانتخابية أو على الأصح من الدورة التكوينية وقد ألم بكل هذه الإشكالات السياسية المطروحة في مشهدنا الانتخابي وعلى رأسها مثلا:
1- قبل الانتخابات : ما هي أسباب العزوف والمقاطعة عند شرائح هامة من المواطنين؟
2- لماذا غياب الحوار الوطني القبلي الموسع الجاد والراقي؟
3- لماذا غياب مساءلة التجربة الحالية للجماعات بما لها وما عليها؟
4- لماذا بعد القطع مع التزوير أو نكاد، لماذا يعبث بنا المـال الحرام؟
5- أثناء الانتخابات: كيف تصبح الانتخابات والمشاركة العامة شأنا عاما وليس شأن الدولة وحدها؟
6- كيف تصبح الأحزاب مؤسسات إصلاحية لا “كراكيز” الفساد والإفساد؟
7- إلى متى سيظل إعلامنا المبجل يكره الناس في الانتخابات، ويحذر مقاربة ملفات الفساد؟
8- أليس غياب الرؤية و وضوح الاختصاص في الجهات ريعا سياسيا و تصويتا على بياض؟
9- وبعد الانتخابات: هناك سؤال الدمقرطة والتشارك وإدارة التعدد والاختلاف، إنضاج القرار الجماعي المناسب و الممكن وسؤال التكوين والرؤية والمخططات والبرامج وخريطة الطريق ؟
10- سؤال الشمولية عند المستشار الجماعي بين السياسي والخدماتي والمقاولاتي والمسؤولية وإبداع الحلول للمشاكل المتراكمة والمزمنة؟
11- سؤال الحكامة الجيدة والمحاسبة والمعنى في كل شيء وعلى رأس ذلك المعنى في السياسة والتنمية؟
ورغمها فكما قال الأولون رحمهم الله: “السياسي كالفلاح، لا خيار له إلا الأمل والعمل، والتوكل على الله حتى يحقق من أرضه المقفرة جنة خضراء مثمرة”، ولكن كل شيء يبدأ بالتصويت والمشاركة، هذه تجربتنا أنجزناها من أجل الجميع بفضل الله و بمعية جميع الفاعلين والشركاء فمن يدعمها؟، من يدعم استمرار الإصلاح وعدم عودة التحكم والفساد؟، من يحضر عقله ويدرك انه جزء مهم من هذا الوطن ولكن ليس فوقه ولا أكبر منه، وصوته قد يرجح كفة على أخرى فيفوز بأجر أو يبوء بإثم ما رجح، من يكن إيجابيا فيشارك بكل روح وطنية عالية ويصوت للأصلح.. من يصوت للأصلح و هو يقول (نهار الجمعة نهار كبير …باركا من التزوير)؟؟ قلت أنا سأصوت لكم وعليكم، وكأنه قد اندهش فقلت له: ” أتدري لماذا؟، ليس لما قلته وعرضته علي من إنجازات وهي قد أقنعتني وزيادة، بل أقنعت غيري إقليميا ووطنيا، نعم، ولا أدري هل في علمك أن بعض الجماعات القروية والشبه حضرية في الإقليم و خارجه قد وضعوا قبل نهاية الولاية طلباتهم يستأجرونكم فيها لتدبير مجالسهم، ولو بالساعات الإضافية والدورات التكوينية والمكالمات الهاتفية والاستشارات التنموية ومشاريع التنمية البشرية، (لا هذي خاصها ولابد بعض الزيارات الميدانية، بلاش)؟، لقد خرجت مدنها وقراها من مرحلتها الانتدابية خاوية الوفاض إلا من صراعات واختلاسات بعض أعضائها ممن انتهت بهم المرحلة إلى الإقالة والسجن؟؟
قلت: أتدري لماذا سأصوت عليكم أولا وقبل كل شيء؟، لأنك صليت بنا في علياء العلياء، ويهمني كثيرا أن يكون المسؤول ذو مروءة ودين ولا يعاديهما بمسيرات شهوانية ولا استضافات عدوانية ولا محاضرات استفزازية ومهرجانات تبذيرية..؟، الدين الوسطي والمروءة العقلانية رأسمالنا إلى حاجتنا من الخبرة والكفاءة والسداد والتوفيق، وقد رزكم الله من حظيهما ما ألحق بكم جل المعارضة في المجلس وعقلائهم عندما اتضح لهم من الصدق والمعقول والأمانة والاستقامة ما اتضح، فشكرا لكم سيادة الرئيس وشكرا لكل أعضاء الفريق وكل من ساهم أو سيساهم في هذه الملحمة التنموية النهضوية للمدينة العاصمة، وأنعموا بأصواتنا وأصوات المعارضة وأصوات المدينة كلها، فقد سكنتكم وسكنتموها وتأهيلها يهمكم ويهمها ويهمنا ويهم الجهة ويهم الوطن، شكرا لكم والله الموفق؟؟