الرؤية الأوروبية تجاه أزمة لاجئي سوريا والموقف التركي
انقسمت دول أوروبا في مواقفها تجاه الأزمة
هوية بريس – إحسان الفقيه
الأربعاء 09 شتنبر 2015
مع تفاقم أزمة اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الصراع الدائر في سوريا، ومع أخذ القضية مساحة واسعة من اهتمام الرأي العام العالمي، انقسمت دول أوروبا في مواقفها تجاه الأزمة.
فبريطانيا أعلنت أنها تعتزم استضافة عشرين ألف لاجئ سوري، بينما أكدت فرنسا أنها ستستقبل 24 ألفًا، في حين تعهدت إسبانيا بالعمل على استيعاب أكبر عدد ممكن من اللاجئين دون أن تحدد أرقاما.
وفي المقابل أكدت المجر رفضها استقبال اللاجئين السوريين، حيث نقلت وكالة الأنباء المجرية (إم.تي.آي) تصريحا لرئيس وزراء المجر “فيكتور أوربان” أكد فيه معارضة بلاده استقبال مهاجرين مسلمين.
وأضاف “أوربان”، في بودابست، أنه “لا يمكن أن يطلب أحد من المجر تغيير رأيها”.
من جهتها، أعلنت وزيرة الخارجية الدانماركية “كريستينا جينسين”، في بيان نشر على موقع الوزارة، اعتزام بلادها تقديم حزمة مساعدات للاجئين السوريين تقدر بـ70 مليون كرون دانماركي (عشرة ملايين و476 ألف دولار).
ويلاحظ على موقف الدول الداعمة لقضية اللاجئين ضآلة جهودها تجاه الأزمة، وأن حجم أعداد النازحين المعلن عن استقبالها، لا تتناسب والتصريحات الإعلامية التي تظهر حجم التعاطف مع قضية اللاجئين، بحسب مراقبين.
وقي نفس السياق، نشرت صحيفة “فرانكفورتر” الألمانية تصريحاً لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو انتقد فيه الحصة القليلة من اللاجئين التي قبل بها الاتحاد، في الوقت الذي تستضيف فيه بلاده ما يزيد عن مليوني لاجئ من سوريا والعراق، مؤكدًا، أن تركيا شكلت منطقة عزلت بموجبها أوروبا عن الفوضى.
ويلاحظ أن بعض الدول الأوروبية تشترط في استقبال اللاجئين أن يكونوا من “المسيحيين”، حيث أعلنت بولندا وسلوفاكيا والتشيك رفضها استقبال لاجئين “مسلمين”، وأنها لن تقبل سوى “المسيحيين” منهم، وهو ذات الموقف الذي اتخذته المجر، فيما منحت قبرص الأفضلية للمسيحيين، وهو ما أثار، لدى قطاع من المتابعين والمحللين، تساؤلات عن مدى انتشار أجواء العداء في أوروبا تجاه المسلمين.
ومما استرعى الانتباه في الموقف الأوروبي، بحسبهم، تناول أعراض الأزمة السورية (اللاجئين)، دون التعاطي مع الأزمة ذاتها، والتي تتمثل في بقاء نظام الأسد.
واعتبروا أن استمرار تدفق اللاجئين والنزوح الجماعي من سوريا يفرّغ الدولة، مما يرجح كفة مؤيدي بشار الأسد، حيث أن أربعة ملايين لاجئ تركوا البلاد، بالإضافة إلى النزوح الداخلي لملايين آخرين، وهو ما ينذر بكارثة تغيير ديموغرافي طائفي، ربما تكون خطوة على طريق تقسيم البلاد.
وفي بيان نشر على الموقع الالكتروني للائتلاف الوطني السوري المعارض، أكد مصطفى أوسو نائب رئيس الائتلاف (أن السوريين يريدون خروج الأسد وطغمته المجرمة من سوريا لا أن تفرغ لصالحه ولصالح المرتزقة)، بحسب قوله.
يذكر أن الدول الأوروبية لم تخرج بإدانة واحدة صريحة لنظام الأسد، والذي يعتبر وجوده محور الصراع الرئيسي هناك، ما حدا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حديثه إلى شبكة “سي إن إن”، تحميل الغرب مسئولية أزمة اللاجئين السوريين، في ظل عدم التدخل الجاد لحل القضية السورية.
وهذا يعزز الرأي الوارد في مقابلة نشرتها الأناضول، اليوم الثلاثاء، مع المفكر الإسلامي طارق السويدان وأكد فيها أن أزمة اللاجئين لن تحل إلا برحيل الأسد، مع الأخذ بعين الاعتبار إقامة منطقة عازلة، والتي كانت أحد أبرز مطالب الرئيس أردوغان، وهو ما قد يحد من خطر تعرض سوريا للتغيير الديموغرافي.
(المصدر: وكالة الأناضول).