بريطانيا وإيران وكشف المستور
هوية بريس – مركز التأصيل للدراسات والبحوث
السبت 12 أكتوبر 2013م
لم تكن علاقات إيران الخارجية أوضح من هذه الأيام التي لا تريد فيها على كشف علاقاتها مع الغرب بعد انتهائها من فترة التقية السياسية التي كانت تنتهجها حيث كانت لها علاقات واسعة مع الغرب في حين حرصت على إظهار العداوات للغرب تحت مسمى الدفاع عن حقوق المسلمين.
ولعل اللاعب الخفي الذي كان وجوده القوي مؤثرا وضاغطا لإضفاء نوع من التقية السياسية لدى النظام الإيراني هو اللاعب العربي السني الذي ظلت قدرته العسكرية ممثلة في جيوش عدة دول قوية لفترة ما عاملا مهما في عدم إظهار العلاقات الإيرانية الغربية بهذا الشكل الذي تبدو عليه الآن.
فبعد انهيار الجيش العراقي وتفكك الجيش السوري وانخراط الجيش المصري في وحل السياسة الداخلية لبلده وانشغاله في الحرب على ما يسمى بالإرهاب أصبح المجال مفتوحا لإيران أن تظهر وتدعم علاقاتها بالغرب دون ان تأبه للعرب السنة ولا تهتم بمواقفهم ولا بردود أفعالهم.
وبعد وصلة من الغزل السياسي بين إيران والولايات المتحدة والتي أثمرت على لقاء هاتفي لم يحدث منذ أن قامت ثورة الخميني عام 1979 -المدعومة غربيا- والذي ينبئ عن تقارب حتمي قادم ومعلن بين نظامين كان يعتبر أحدهما الآخر الشيطان الأكبر بينما يضعه الثاني على رأس الدول الإرهابية.
فبعد هذا العزف الأمريكية الذي لم ولن يكون منفردا أتى البريطانيون ليكملوا المعزوفة وليظهروا دوما أن الأمريكيين ليسوا وحدهم في الميدان وإنهم كبريطانيين لابد وان يكونوا في مقدمة الصفوف كما كانوا.
فأمام مجلس العموم البريطاني وقف وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج ليعلن أن بلاده ستتبادل مع إيران بعض قنوات الاتصال الدبلوماسية وستعين قائما بالأعمال لرعاية المصالح البريطانية في إيران، وستقوم إيران أيضا بتعيين قائم بالأعمال في خطوة تنسيقية تمهد الطريق لإعادة افتتاح السفارتين في العاصمتين.
وطالب هيج الرئيس الإيراني حسن روحاني بضرورة أن يتبع خطابه الإيجابي بأفعال محددة فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني وأن يترجم الأقوال إلى أفعال، فقال “هيج”: “إن أي تقدم إضافي في العلاقات يتطلب تغييرا جوهريا في الموقف الإيراني”.
وقال هيج في ختام كلمته “إن حكومة حسن روحاني المنتخبة حديثا قدمت نفسها بشكل أكثر إيجابية من سابقاتها، وأن هناك ضرورة لوضع نوايا الحكومة الإيرانية الإيجابية على المحك، وحذر من أنه ما لم تتبع التصريحات الإيجابية الإيرانية أفعال فإن المجتمع الدولي سيضطر للإبقاء على العقوبات ضد طهران.
وبالطبع لا يمكن القول بان حكومة حسن روحاني هي المسئولة الوحيدة حقيقة على ملفات العلاقات الخارجية فالكلمة الأولى والأخيرة لكل شيء في السياسية الإيرانية بيد المرشد الأعلى وليس لروحاني ولا لغيره إلا النزر القليل من الخلافات في التطبيق فقط.
وربما لا يكون فتح السفارتين هو الدليل العملي الوحيد الملموس على إعلان العلاقات الخفية التي كانت دوما تربط إيران بالغرب، ففتح السفارات أو غلقها مجرد أداء بروتوكولي فقط وهما من حيث التاريخ لم تغلقا إلا من فترة وجيزة، فالسفارة البريطانية رغم كل العداء المعلن بين سياستهما لم تغلق في طهران إلا في شهر نوفمبر عام 2011 بعد أن تعرضت لهجوم من متظاهرين وفي نفس الوقت طلبت السلطات البريطانية من طهران إغلاق سفارتها في لندن.