امتحان سوري
طلال ارحيحات
هوية بريس – الثلاثاء 22 شتنبر 2015
يظهر للعيان من العنوان ما سيكتبه البنان وعجز عنه ذكره اللسان، نعم لقد سلط الله علينا امتحانا سهلا ورسبنا فيه بامتياز؛ إنه امتحان إخواننا وبنو جلدتنا السوريين؛ لقد حز في أنفسنا ما نراه يحدث لهم، وطرحت العديد من الأسئلة: هل ما زلنا عرب بكل ما تحمله الكلمة من معاني ودلالات؟ هل نحن مسلمون؟ وما أدراك ما المسلمون.. ما الذي غيرنا أو بالأحرى ما الذي تغير فينا؟
فنسمع عن الصحفية المتطرفة المجرية ماذا فعلت، إنه لطبيعي فهي ليست مسلمة أو عربية أو إنسانة وما أكثرهم في هذا العصر، ونسمع عن الأندية الأوربية وتبرعاتها المتواضعة بالنسبة إليهم ولا يعلم المغزى منها إلا الله، وكذلك تبرعات الحكومة الألمانية والتركية والبريطانية الذين يحوون أكبر عدد من اللاجئين؛ وهنا يطرح السؤال: ما إحساسنا حينما أصبح الغريب قريبا والقريب بعيدا؟ ألم يتزعزع أو يترنح فينا نحن المسلمون والعرب اي شيء؟
نعم لقد تغيرنا ولم يغيرنا أحد، فلنقلها بشجاعة، لا اظن أن تطور العصر والعولمة وثقافة الغرب وزمن الماديات قد يزعزع شموخ جبل العروبة وعظمة الإسلام؛ إنها أعمدة لا تؤثر فيها عوامل التعرية، وإن غيرونا فهذا راجع لضعف تديننا وانقراض عروبتنا التي أكل الدهر عليها وشرب.
أين نحن من إكرام الضيف حتى يذهب وإن لم تكن تعرفه وكان يسمى ضيف الله، فما بالك وأخيك في حالة حرب؟ أين ذهبت الغيرة وعزة العرب؟ لقد أسرفت في طرح الكثير من الأسئلة فهل من أجوبة؟
نعم لقد أصبحنا عربا ومسلمون بالاسم فقط، فلنقلها ولا نخف مع عدم التعميم طبعا فمن انتظر مبادرة الحكومات العربية لإنقاذ إخواننا، كمن انتظر بزوغ الشمس في الليلة الظلماء رغم وفرة الإمكانيات لبعض الدول؛ فمثلا في المغرب اعتدنا الزيادات بالدراهم كل شهر في العديد من المواد؛ لماذا مثلا لا تزد حكومتنا الموقرة الصاع صاعين ولو إن هذا الصاع إيجابي، ماذا سيحدث لو تبرع كل مواطن بدرهم رمزي سواء عن طريق رسمي أو باتفاق شعبي، إنها 40 مليون درهم لن تزيد من فقر الفقير ولن تنقص من غنى الغني في شيء نعم ستنقذ آلاف اللاجئين من ويل التسول ومنهم من يعيش العنصرية من بني جلدته فوا حسرتاه للمستوى المنحط الذي وصلناه؛ ماذا نطبق في الإسلام من قوله تعالى في مجال التضامن والانسانية: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان“، وقوله تعالى: “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا، وبذي القربى واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا، الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله، وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا، والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا، وماذا عليهم لو ءامنوا بالله واليوم الآخر، وأنفقوا مما رزقهم الله، وكان الله بهم عليما” (سورة النساء:36-39).
وروى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلم ستره الله يوم القيامة“، ولو كنا مسلمين وعرب حقا وحقيقة ستكون الإنسانية والأخلاق أول خصلة فينا سواء مع إخواننا في الدين والدم أو مع من اختلف معنا لأن الرسالة المحمدية تذهب في هذا الباب “إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق“.
والذي “يزيد الطين بلة” حين يسبّ جاهل الإسلام، فتجد الكل يكشر عن أنيابه ويظهر الكل عضلاته في الدفاع عنه، فهل يحتاج الإسلام إلينا؟ إنه محمي من الله عز وجل، أين نحن الان حين يحتاجنا إخواننا لنثبت أننا مسلمون حقا وحقيقة أم أصبح الإسلام عندنا سوى شعارات وفوضى وسياسة وما غير ذلك؛ لقد كان امتحانا بسيطا سلطه الله علينا كذاك الفلز الفضي الموجود في المرآة الذي يرينا وجوهنا الحقيقية وحين يزال لا نرى سوى الأقنعة الزجاجية التي نعيش بها اليوم.