الانقلابات الحديثة وأساليب تبييضها
هوية بريس – د. أحمد الريسوني
الجمعة 25 شتنبر 2015
نحن اليوم نعيش في عصر الانقلابات العسكرية -وخاصة في عالمنا العربي والإسلامي- بحيث يقوم واحد أو مجموعة من قادة الجيش، المتحكمين فيه بحكم المسؤولية المسندة لهم والأمانة المنوطة بهم، يقومون فينَحُّون ولاة الأمر ويعتقلونهم أو يقتلونهم، ويستولون على الدولة ومؤسساتها غصبا بقوة السلاح.
فهذه هي الجريمة الأولى، وفي ثناياها تقع جرائم ومظالم لا تحصى.
وأما الجريمة الثانية، وهي أيضا تتضمن سلسلة من الجرائم، فهي تبييض الجريمة الأولى، وإضفاء الشرعية الزائفة عليها.
قديما كان يؤتى بالعلماء والوجهاء والشعراء، لتبييض وجه الاغتصاب والاستيلاء الدموي على الحكم، بالبيعة والثناء والدعاء.
واليوم حينما ينفَّذ الانقلاب العسكري على الحاكم الشرعي، يؤتى بالمفْلسين من السياسيين، وبالمرتزقة من الصحفيين، وبالقضاة الخائنين، وبأثرياء المال الحرام..
يؤتى بهؤلاء وأشباههم ليشهدوا بشرعية الاغتصاب وشهامة قائد الانقلاب، وليُقسموا بالأيمان المغلظة على ذلك.
ثم يؤتى ببعض “رجال الأديان”، ليعلنوا توحدهم في نصرة البغي والطغيان..
أما المرحلة الثانية من تبييض الانقلاب ومحاولة غسل نجاسته -وهي واسطة العقد عندهم- فهي مواجهة الرافضين الصامدين، وتصفيتُهم وتوزيعهم ما بين القبر والسجن والمنفى.
وأما مرحلة التتويج، فهي التي تكون بواسطة استفتاءات وانتخابات متحكَّم فيها من أولها إلى آخرها، متحكَّم في شروطها وضوابطها، وفي مقدماتها ونتائجها،
أو كما قال الشاعر:
“…فيك الخصام وأنت الخصم والحَكَمُ”.