اليوم العالمي لمكافحة الفقر.. جهود حثيثة لاقتلاع هذه الآفة من جذورها
هوية بريس – و م ع
الجمعة 16 أكتوبر 2015
يخلد المغرب، على غرار باقي بلدان المعمور، غدا السبت، اليوم العالمي لمكافحة الفقر، الذي يصادف يوم 17 أكتوبر من كل سنة، والذي يشكل مناسبة للوقوف عند الجهود المبذولة، للقضاء على هذه الآفة.
ولمواجهة هذه الآفة والحد من انتشارها، بادرت السلطات العمومية المغربية، وخاصة خلال العقدين الأخيرين، إلى وضع مكافحة الفقر في صدارة أولويات سياستها الاجتماعية، سواء عبر الرفع التدريجي من الاعتمادات المالية الموجهة إلى القطاعات الاجتماعية، لتصل إلى 55 في المائة من ميزانية الدولة، أو عبر تكثيف وتسريع وتيرة إطلاق وإنجاز البرامج والمبادرات التي تستهدف الفئات التي تعاني من الهشاشة والفقر بمختلف أشكاله، المدقع والنسبي والحضري والنقدي ومتعدد الأبعاد.
وقد أتت هذه السياسات أكلها، ونجحت في انتشال فئات عريضة من براثن الفقر، إذ تمكنت المملكة، ما بين سنتي 1990 و 2011، من القضاء، بشكل يكاد يكون كليا، على الفقر المدقع، ونجحت في التخفيض من معدلات الفقر النسبي والنقدي ومتعدد الأبعاد بشكل مطرد، وبوتيرة سريعة، لتصل نسبه إلى حدود المعايير المقبولة على الصعيد العالمي، ما يؤشر على أن بعض أنواع الفقر في طريقها إلى الاندثار.
معالجة الأسباب المؤدية إلى الفقر
ويعكس هذا التقدم الذي أحرزه المغرب في محاربة الفقر والحد من انتشاره حرص السلطات العمومية على تحسين ظروف عيش المواطنين، وسعيها الحثيث إلى معالجة الأسباب المؤدية إلى الفقر، في محاولة لاجتثاثها من جذورها.
وهكذا، بلغ عدد المواطنين المغاربة الذين تم انتشالهم من براثن الفقر، خلال العقد الماضي لوحده، حوالي مليوني مواطن، وذلك بفضل الجهود التي تبذلها الجهات الحكومية وغير الحكومية، وكذا بفضل تضافر عوامل أخرى، منها، بالخصوص، التحول السكاني ممثلا في تراجع عدد الولادات لكل امرأة، (من 4ر5 ولادات في المتوسط بين 1980 و1985 إلى 4ر2 بين 2005 و2010)، والأدوار التي تضطلع بها مؤسسات القروض الصغرى والمتوسطة، حيث ساهمت في الحد من التكاليف التي تثقل كاهل الأسر الفقيرة، فضلا عن تحويلات العمال المقيمين بالخارج، التي توفر جزءا لا يستهان به من الموارد المالية اللازمة للمشاريع الاجتماعية.
تأهيل وإخراج شرائح واسعة من أدران الفقر
وإذا كانت السلطات العمومية ركزت، في سياستها الاجتماعية، طيلة عقود، على برامج المساعدات والخدمات الموجهة لمختلف الشرائح والفئات، فقد جاءت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مايو 2005 ، لتشكل مشروعا مجتمعيا بكل ما في الكلمة من معنى، على اعتبار أنها تهدف إلى تأهيل وإخراج شرائح واسعة من أدران الفقر، وكذا تعزيز إعادة إدماج الساكنة الأكثر فقرا في النسيج الإنتاجي.
ولعل ذلك ما تعكسه الأرقام والمعطيات التي تم الكشف عنها بمناسبة مرور عشر سنوات على إطلاق هذه المبادرة، التي طغى الاهتمام بمحاربة الفقر والهشاشة على حجم استثماراتها.
ففي ما يتعلق بمحاربة الفقر بالوسط القروي، على سبيل المثال لا الحصر، فقد ناهز إجمالي المشاريع والأنشطة خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 و 2014، 12 ألفا و868 مشروعا، علما بأن عدد المستفيدين من مشاريع المبادرة في مختلف مناطق وجهات المملكة بلغ 9.7 مليون شخص.
الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين
كما جاء الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم 30 يوليوز الماضي، إلى الأمة بمناسبة الذكرى السادسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه المنعمين، والذي أعلن فيه جلالته عن إطلاق ورش اجتماعي طموح، ليعزز المبادرات التي تم إطلاقها سابقا، وذلك بغية إنجاز العديد من المشاريع للنهوض بأوضاع بعض المواطنين في المناطق البعيدة والمعزولة، وهي المشاريع التي يمكن إدماجها “ضمن التوجه الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفي إطار البرامج المقبلة للمجالس الجهوية والمحلية”.
وجدير بالذكر أن الدراسة الميدانية الشاملة التي كلف جلالته وزير الداخلية القيام بها شملت “كل جهات المملكة، حيث تم تحديد أزيد من 29 ألف دوار، في 1272 جماعة تعاني من الخصاص؛ ثم وضع المناطق والمجالات حسب الأسبقية.
كما تمت دراسة حوالي 800 20 مشروع، تستهدف أزيد من 12 مليون مواطن يقطنون بأكثر من 24 ألف دوار، وبميزانية إجمالية تبلغ حوالي 50 مليار درهم”.
وهكذا يأتي هذا الورش الضخم ليؤكد بالملموس الإرادة القوية لجلالة الملك للسير قدما في الارتقاء بالأوضاع الاجتماعية للمواطنين وتحقيق التنمية البشرية الشاملة بمختلف ربوع المملكة.