نصارى أوروبا إلى الإلحاد الكامل أو الدخول في الإسلام
هوية بريس – متابعة*
الخميس 31 أكتوبر 2013م
ظل مصطلح الإلحاد مصطلحا ملتبسا عند كثير من الباحثين لفترة طويلة فلم يتفقوا على تعريف محدد له من تعريفين شهيرين، وأدى ذلك إلى اختلاف أطروحاتهم حول تاريخ الإلحاد وأسبابه وأماكن انتشاره.
فالتعريف الأول يصف بالإلحاد كل عبادة توجهت لغير الله سبحانه وعبدت سواه من المخلوقات بينما كان التعريف الثاني بأن الإلحاد هو إنكار وجود خالق للكون وبالتالي فلا عبادة يتوجه بها إلى أي معبود سواء كان الله سبحانه أو غيره.
فلم تعرف البشرية الإلحاد كإنكار للأديان كلها ولأي معبودات إلا في عصور متأخرة في تاريخ الإنسان، فلم يكن هناك إلحاد إلا بمعنى إنكار وجود الله والتوجه لغيره بالعبادة.
وانتشرت في القرن العشرين بصورة لافتة للنظر ظاهرة الإلحاد بمعنى إنكار كل إله وكل دين حتى أضحت اليوم ظاهرة واضحة للعيان في أوروبا والعالم الغربي، وباتت الكنائس مهجورة لا يرتادها أحد وذلك بعد تبني كثير من المذاهب الفكرية للإلحاد بمسميات عدة وتحت دعاوى مختلفة يمثل بعضها قول، تلك هي قولة “جوليان هكسلي” وهو أحد مفكري أوروبا الحديثة في كتابه “الإنسان في العالم الحديث”، فيقول في شأن إنكار الله سبحانه وتأليه الإنسان لنفسه: (إن الإنسان قد خضع له بسبب عجزه وجهله والآن وقد تعلم وسيطر على البيئة. فقد آن له أن يأخذ على عاتق نفسه ما كان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز على عاتق الله، ومن ثم يصبح هو الله).
فبعد أن أظهرت عدة أبحاث حديثة انخفاض عدد من يذهب إلى الكنائس اتضح ارتباطها بانخفاض عدد المؤمنين بالأديان عامة في أوروبا، كما أظهرت الأبحاث الاجتماعية المصاحبة أن عدد من يغلب سيادة العقل على الدين (العلمانيون) في القارة الأوروبية يتزايد عن عدد المرجحين للدين.
ففي دراسة حديثة نسبيا قام بها “منتدى بيو فوروم للدين والحياة العامة” وهو مركز دراسات وأبحاث أمريكي متخصص بالأديان والمعتقدات، فقاموا بحملة شملت أكثر من 2500 إحصاء فرعي في 230 دولة ومنطقة جغرافية بالعالم طوال العام 2010 كان من نتيجتها أن أظهرت أن الإلحاد أصبح المعتقد الثالث في العالم بعد المسيحية والإسلام ووصل الملحدون إلى قرابة المليار إنسان ممن لا يؤمنون بوجود خالق على الإطلاق.
أما عن توزيعهم الجغرافي ممن يصنفون أنفسهم باللادينيين، الذين لا يؤمنون بأي معتقد، فإن أقل نسبة منهم في الشرق الأوسط، حيث لا يزيدون عن 0,2% من المليار ثم تأتي بعدهم قارة أفريقيا باستثناء مصر والسودان ودول شمال إفريقيا ونسبتهم 2,4% من المجموع العام، يليهم 4% بأمريكا اللاتينية والكاريبي، وبعدهم 5,2% في الولايات المتحدة وكندا، ثم 12% في أوروبا، والباقي في آسيا وأوقيانيا، ونسبتهم 76,2% يمثلون أكثر من 858 مليونا، منهم 62,2% في الصين وحدها، أي تقريبا 586 مليونا ممن يولدون ويعيشون ويرحلون فلا يعرفون خالقا ولا عبادة.
وباستثناء القارة الآسيوية التي تمثل الصين وحدها أغلبية الملحدين وإنهم أيضا لم يخرجوا من الإيمان بخالق إلى عدمه إلا إننا نجد أن أوروبا تتزايد بها النسبة باستمرار وهم الذين كانوا من الأصل مؤمنين بإله فتحولوا عنه إلى الإلحاد ومن هنا كمنت الخطورة الفائقة في ازدياد هذه النسبة باضطراد حتى أصبحت النصرانية التي ينتسبون لها اسما لا واقعا حقيقيا وأن معظمهم اليهود يفضلون كلمة لادينيين على كلمة مسيحيين.
وبالإضافة إلى ازدياد نسب الإلحاد في أوروبا فإن نسب إسلام أبناء الأوروبيين أيضا في ازدياد واضح تحدثنا عنه هنا في الموقع أكثر من مرة وحسبنا فيه تقرير الفاتيكان نفسه الذي أكد أن الإسلام هو أسرع الأديان انتشارا في أوروبا.
وبالتالي فالقارة الأوروبية التي التهمت القارات الأخرى سابقا واستلبت خيراتها مرارا وظلت للآن تبسط هيمنتها على كثير من الدول والثقافات إلا أنها عجزت وتعجز اليوم عن حماية عقيدة أبنائها الذين تركوا الديانة النصرانية إلى أحد طريقين إما إلى الإلحاد يكفرون بالله تماما وإما إلى الإسلامي فيعرفون أنهم كانوا على ضلال مبين قد أنقذهم الله منه.
ومن هنا نقول أخيرا إنه لابد وأن تثور الشعوب على العلمانية التي أكلت أوروبا ونحذر منها ومن أذنابها في دولنا الإسلامية، فهي تؤدي في حال سيطرتها إلى نمو الإلحاد وانتشاره، لكنها ستؤدي أيضا بطريقة غير مباشرة بعد أن يكتشف الناس خبثها زيفها وخطورتها فسيقاومونها وسيعود الناس إلى دينهم الحق لأنه لا سبيل لالتقائهما معا في موقع وسط فليس بين الحق والضلال اتفاق “بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ“.
ـــــــــــــــــــــــــــ
* مركز التأصيل للدراسات والبحوث.