الغرب يتخوف من توجهات أردوغان الإصلاحية
هوية بريس – مركز التأصيل
الثلاثاء 12 نونبر 2013م
لم يخف الغرب تخوفه من توجهات أردوغان منذ توليه السلطة في تركيا عام 2002م، وقد تزايدت هذه المخاوف في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد خطوات إصلاحية قام بها أردوغان مؤخرا، شملت رفع الحظر المفروض على الحجاب في الوظائف والمدارس والجامعات منذ ما يقارب 90 عاما، والسعي لمنع الاختلاط في مساكن الطلاب والطالبات مؤخرا.
وإذا كانت المفاوضات الأوربية التركية بشأن طلب تركيا الانضمام للاتحاد الأوربي، والتي بدأت منذ عام 2005م وحتى الآن قد تعثرت بسبب المشكلة القبرصية والمعارضة الألمانية الفرنسية كما هو ظاهر ومعلن، فإن المخاوف من توجهات أردوغان الإسلامية تعتبر العقبة الأبرز والأهم في المعيار والرؤية الأوربية، وإن كانت خفية أو غير علنية.
ومن أبرز الأدلة على ذلك التدخل الأوربي الدائم في الشأن الداخلي التركي الديني، حيث تسعى أوربا لبقاء تركيا علمانية، وقد لاحظ العالم التأييد الأوربي لمظاهرات ساحة تقسيم المعارضة لأردوغان رغم تفاهة أسبابها، بل وصل الأمر إلى إرجاء جولة جديدة من المحادثات لانضمام تركيا للاتحاد في يونيو الماضي اعتراضا على الأسلوب الذي اتبعته أنقرة في التصدي للاضطرابات، بينما تغض أوربا الطرف عن مئات المظاهرات المحقة في العالم العربي والإسلامي ولا يتدخل بشأنها إلا لمحاولة الالتفاف عليها أو إجهاضها.
وفي أول عودة للمحادثات الأوربية التركية بشأن انضمامها للاتحاد الأوربي، والذي بدأ في الخامس من الشهر الحالي، وقد فتح فيه الفصل 22 من أصل 35 فصلا تتعلق بالخطوات الإصلاحية التي تقوم بها تركيا بهدف تلبية المعايير الأوربية في جميع المجالات تمهيدا للحصول على العضوية في الاتحاد الأوربي، كان المطلب الأول للمفاوض الأوربي هو التراجع عن خطوة فصل سكن الطلاب عن الطالبات التي نوه أردوغان عزمه على القيام بها، في مساومة واضحة من الاتحاد الأوربي للمفاوض التركي.
فقد دعا الاتحاد الأوروبي الحكومة التركية إلى احترام ما أسماها بـ “الخيارات الخاصة وأنماط حياة المواطنين”، وذلك عقب تصرح رجب طيب أردوغان الثلاثاء الماضي أمام النواب أن حزبه “لم ولن يسمح أن تبقى الفتيات والفتيان معا في مساكن الدولة “.
وزعم المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع (ستيفان فولي) في ختام زيارة استغرقت يومين الى تركيا أن “المزيد من الديموقراطية في تركيا يعني المزيد من احترام التنوع في المجتمع التركي والاعتراف به، وهذا يعني أيضا المزيد من الاحترام للخيارات الخاصة وأنماط حياة المواطنين” -على حد تعبيره-.
وإذا كان المفوض الأوربي يعني ما يقول فإن ذلك يصب في مصلحة إنفاذ توجه أردوغان بفصل سكن الطلاب عن الطالبات، لأن رغبة الشعب التركي تميل للفصل في السكن نظرا للعقيدة الإسلامية التي يدين بها غالبيته، والتي تأمر المسلمين بعدم الاختلاط والفصل بين مساكن الطلاب والطالبات.
أما إن كان يقصد غير المسلمين فإن القاصي والداني بات يعلم أن الإسلام لا يجبر أحدا على اعتناق الإسلام فضلا عن أن يجبرهم على تنفيذ أحكامه وأوامره الخاصة بالمسلمين، بل غاية ما في الأمر أنه يرغبهم في اعتناق الإسلام وتنفيذ أوامره بالدعوة والحكمة والموعظة الحسنة، كما يحثهم على احترام من قوانين البلاد التي تشمل النظام العام و الآداب العامة.
وفيما يبدو أنه اهتمام أوربي كبير بهذا الأمر ومساومة من الغرب لأردوغان، اعتبر فولي أن نتيجة هذا النقاش مهمة للغاية، مضيفا أنه تطرق إلى هذه المسالة أثناء محادثاته مع المسؤولين الأتراك وأضاف: آمل أن ينتهي (النقاش) بطريقة تحترم القانون في تركيا، تحترم الخيارات الخاصة (…) وكذلك آراء الذين يمكن، هنا وهناك، أن يشعروا بالقلق بصورة مشروعة.
وأدت معارضة أردوغان للاختلاط في مقار سكن الطلاب باعتبارها أمر غير أخلاقي، إلى فتح جبهة جديدة في الحرب الدائرة بينه وبين المتمسكين بالعلمانية، وسببت هذه التصريحات سيلا من الانتقادات لأردوغان وخصوصا من جانب خصومه العلمانيين الذين يتهمونه بالسعي في “أسلمة” المجتمع التركي ذو الغالبية الساحقة من المسلمين.
فهل سينجح أردوغان في مساعيه وطموحاته؟!! أم إن العداوة العلمانية الداخلية والتآمر الغربي الخارجي سوف يحول دون تحقيق ما يصبو إليه؟؟!!